"البابا شنودة والصحفي المثالي".. كتاب يجمع مقالات للبابا تبرز قضايا الحرية

أقباط وكنائس

بوابة الفجر

 

جاء في مقدمة كتاب بعنوان "البابا شنودة والصحفي المثالي" لـ د. رامي عطا صديق، تساؤلات عديدة تطرح نفسها حول الصحفي المثالي، أو المثالية في العمل الصحفي، واحد من بين أبرز الموضوعات المعقدة والقضايا الشائكة، التي يصعب تناولها عند التعرض لها بالدراسة والبحث.
وقد صدر هذا الكتاب عن مركز الأهرام للترجمة والنشر عن تجربة البطريرك الراحل مع عالم الصحافة وعن رأيه ومشاركاته المتعددة.
وتسأل الكاتب هل يوجد صحفي مثالي؟ وهل توجد مثالية في أي من مجالات الحياة أو في أي من فروع المعرفة الإنسانية؟ وهل يمكن لأحد منا أن يصل إلى المثالية في عمله؟ وما معنى المثالية في ظل ظروف مجتمعية، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، متداخلة ومتشابكة ومعقدة؟ وكيف يمكن الوصول إليها؟
أيًا كانت الإجابة: نعم، أم لا، فمن المؤكد أنه من المهم أن نتعرف على المُثل والمبادئ والقيم العليا، إلى جانب المعايير الصحفية المهنية، محاولين الاقتراب منها والتمثل بها كلما أمكن، وإتقانها قدر الإمكان، وممارستها قدر المستطاع. 
في هذا الإطار يأتي الكتاب ليرصد دراسة وتحليل مجموعة مقالات صحفية كتبها قداسة الراحل البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ "117" من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهي مقالات يمكن تقسيمها إلى مجموعتين على النحو التالي.. 
المجموعة الأولى عبارة عن أربعة عشر مقال قصير، كتبها قداسة البابا شنودة الثالث، في مجلة (الكرازة) خلال الفترة من شهر سبتمبر إلى شهر ديسمبر من عام 1975م، تحت عنوان "الصحفي المثالي"، حيث ناقش البابا شنودة في تلك المقالات سمات الصحفي المثالي وصفاته، التي دارت في مجملها حول الالتزام بالدقة والأمانة والصدق والموضوعية ونشر ما يُمثل فائدة لجمهور القراء، خاصة وأن البابا شنودة الثالث كان يعتز بكونه عضوًا في نقابة الصحفيين، التي اعتزت من جانبها بانتسابه لها. 
يقول عطا خلال سرده للكتاب: "لقد نبهتني لهذه المقالات الباحثة الشابة والمجتهدة "إنجي عماد"، حين أعدت بحثًا قصيرًا عن "الصحف القبطية في النصف الثاني من القرن العشرين"، في إطار متطلبات اجتياز السنة التمهيدية للماجستير بقسم الدراسات الإعلامية بمعهد الدراسات القبطية خلال العام الدراسي 2018-2019م، وكنت من جانبي قد قرأت هذه المقالات مُجمعة في مقال واحد، نُشر في كتاب صدر عن مجلس كنائس الشرق الأوسط في تسعينيات القرن العشرين عن الإعلام المسيحي لمجموعة من القيادات الدينية المسيحية وعدد من الأكاديميين والباحثين المعنيين بالصحافة والإعلام".
أيضا يشير عطا أنه جذبه عنوان "الصحفي المثالي" كثيرًا، فأخذ يبحث عن أصول هذه المقالات، حتى أطلع على أعداد مجلة (الكرازة) بمجلداتها المحفوظة بمكتبة "سان مارك" التي تتبع كنيسة مار مرقس الرسول بمصر الجديدة، وهي مكتبة إطلاع مُتخصصة في الدراسات والمؤلفات التاريخية، أسسها "القمص مرقس كمال" ويتولى موقع أمين المكتبة "رامي جمال". 
ويضيف عطا أنه قام بتجميع مقالات "الصحفي المثالي"، من أعداد مجلة (الكرازة) 1975م، بهدف دراستها وتحليلها ونشرها، حتى تُتاح الفرصة لأن يقرأها ويستفيد منها القارئ العام على وجه العموم، والكُتّاب والصحفيون والإعلاميون على وجه الخصوص، واثقًا أنهم سوف يجدون فيها منفعة وفائدة، مثلما وجدت ومثلما استفدت.
كما نرى أن المجموعة الثانية عبارة عن مجموعة مقالات كتبها قداسة البابا شنودة الثالث في عدد من الصحف العامة، هي: جريدة (الجمهورية) وجريدة (أخبار اليوم) وجريدة (الأهرام)، حيث تناول البابا شنودة في مقالاته عددًا من قضايا المجتمع، منها قضية الحرية بوجه عام وقضية حرية الصحافة بوجه خاص، وقد انطلق في معالجته لهذه القضية من عدة أسس ومبادئ، وذلك على النحو التالي:
الحرية تقابلها مسئولية وكل حق يقابله واجب، ضوابط الحرية تفيد ولا تضر، حرية الصحافة ترتبط بالصدق والدقة وصحة المعلومات، حرية الصحافة ترفض الشائعات والإثارة والمبالغات، حرية الصحافة ترفض الإساءة إلى الآخرين، حرية الصحافة ترتبط بالموضوعية، حرية الصحافة تحترم القانون والنظام العام.
وفي ذلك السياق يقول عطا أن البابا شنودة الثالث أهتم بتقديم بعض النصائح والإرشادات، سواء للكُتّاب أو للقراء، فهو يدعو كل شخص وكل كاتب لأن يفكر جيدًا في عواقب أي عمل يقوم به ونتائج هذا العمل وردود الأفعال قبل الإقدام عليه، وهو يدعو القارئ دائمًا إلى أن يكون حكيمًا في الحكم على ما يقرأه في الصحف وما يصل إليه من أخبار، ليتبين صدقها ومدى دقتها، حيث يطلب من القراء صراحة ألا يصدقوا كل ما يُكتب، وإنما عليهم تناول كل الأخبار بالفحص والبحث والتدقيق. 
لقد جاء اهتمام البابا شنودة الثالث بسمات الصحفي المثالي، وكذلك اهتمامه بقضية حرية الصحافة، من واقع اهتمام الصحفيين، وغيرهم من الكُتّاب والمثقفين والمفكرين، بهذه القضية التي ترتبط بحرية الرأي والتعبير، التي تمثل بدورها أحد حقوق الإنسان. 
ويؤكد عطا أن هذا الكتاب، هو نتاج دراسة علمية تتناول موضوع حرية الصحافة وأبرز ضوابطها ومحدداتها في عدد من المقالات الصحفية لقداسة البابا شنودة الثالث، الذي مارس العمل الصحفي في شبابه، وواصله وهو أسقف للتعليم، ثم وهو بابا/ بطريرك للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كأحد مجالات الخدمة الدينية الكنسية والنشاط الوطني العام، فقد مارس العمل الصحفي، وعلى وجه التحديد كتابة مقالات الرأي، في عدد من الصحف الدينية وفي عدد آخر من الصحف العامة، حيث كتب وهو شاب في صحف دينية منها مجلة (الحق) ومجلة (مدارس الأحد)، وفي عام 1965م أسس مجلة (الكرازة) بعد نحو ثلاث سنوات من رسامته أسقفًا، ونشر مقالات صحفية بشكل منتظم لفترة من الوقت في عدد من الصحف العامة، منها جرائد (الجمهورية) و(أخبار اليوم) و(الأهرام) و(وطني). 
ويستكمل عطا قائلا إنه يمكن توضيح أهمية هذا الكتاب "الدراسة" من خلال جانبين أساسيين:
الجانب الأول: يتعلق بأهمية دراسة قضية حرية الصحافة، باعتبارها موضوعًا رئيسًا يحكم الكثير من الممارسات الصحفية، كما تُمثل "حرية الصحافة"، من حيث محدداتها وضوابطها، واحدة من أبرز إشكاليات العمل الصحفي وقضاياه، ربما منذ نشأة الصحافة إلى يومنا الحالي، الأمر الذي جعل لموضوع "حرية الصحافة" أهمية كبيرة، انعكس على اهتمام عدد غير قليل من الباحثين بدراستها، سواء كدراسة تاريخية أو دراسة آنية أو دراسة مستقبلية.
أما عن الجانب الثاني يقول عطا إنه يتعلق بدراسة موقف قداسة البابا شنودة الثالث من قضية الحرية وضوابطها على وجه العموم، وحرية الصحافة ومحدداتها على وجه الخصوص، حيث يُعد البابا شنودة الثالث شخصية دينية مسيحية بارزة وأحد أعلام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو يمثل علمًا مصريًا وعربيًا ودوليًا، منذ أواسط القرن العشرين وحتى رحيله في 17 مارس من عام 2012م، بل إن للرجل تأثيره إلى اليوم، يظهر في اهتمام كثيرين بحفظ ذكراه، الأمر الذي يتجلى بوضوح في وسائل الإعلام المسيحية، من صحف وقنوات فضائية، تحرص على إعادة نشر مقالاته وعرض مؤلفاته وتقديم عظاته، حيث عاش البابا شنودة حياته مُشاركًا في إثراء الثقافة والفكر بمقالاته وعظاته ومؤلفاته، ومن جانب آخر فقد كان مصدرًا مُهمًا من مصادر الأخبار بالنسبة للصحفيين وجموع الإعلاميين فيما يتعلق بالشأن الكنسي، بالإضافة إلى الشأن الوطني العام.
يختم عطا كلامه بأن هذا الكتاب يحاول تحقيق مجموعة من الأهداف تتمثل بشكل رئيسي في الكشف مدى اهتمام قداسة البابا شنودة الثالث بموضوع حرية الصحافة، ومعنى حرية الصحافة كما بدت في مقالات البابا شنودة، وضوابط حرية الصحافة ومحدداتها كما رآها قداسته.             
ويتمنى عطا أن يُمثل هذا الكتاب إضافة معرفية وثقافية للمكتبة المصرية والعربية، يستفيد منه القراء على وجه العموم، والصحفيون والإعلاميون منهم على وجه الخصوص، ما ينعكس على أدائهم الصحفي وممارساتهم الإعلامية، الأمر الذي يُساهم في بناء المجتمع ورقيه ونهضة كل مواطنيه.
                        

IMG-20220321-WA0006
IMG-20220321-WA0006