الطباعة والنشر في الكنيسة القبطية.. بين الجرائد والمجلات تعددت الكتب وكثرت المؤلفات

أقباط وكنائس

بوابة الفجر

عرفت مصر الطباعة من خلال المطبعة التي جاءت مع الحملة الفرنسية على مصر عام 1798؛ وكانت أول جريدتين تهتم بطباعتها هي "كورييه ديليبجيبت"، و"لا ديكان إيجسيشيان".
ثم جاء محمد علي في عام 1819 ليؤمر بتأسيس مطبعة في مصر، وهي المعروفة حاليا باسم "المطبعة الأميرية" أو "مطبعة بولاق" وهي أول مطبعة رسمية حكومية تنشأ على الإطلاق في مصر؛ ولقد أنشأها محمد علي عام 1820؛ وهي عبارة عن قطعة من الرخام طولها 110 سم؛ وعرضها 55 سم؛ وقد نقشت بحيث برزت عليها بعض أبيات من الشعر باللغة التركية.

وفي هذا السياق أكد ماجد كامل الباحث وعضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي، في بحث تاريخي عن "الطباعة والنشر في الكنيسة القبطية"، أن الكنيسة القبطية لم تتوانى عن مواكبة العصر؛ ففي عصر البابا كيرلس الرابع بدأت الكنيسة القبطية في إدخال المطبعة؛ وتفاصيل ذلك كما روتها المؤرخة "إيريس حبيب المصري" في موسوعتها الرائعة "قصة الكنيسة القبطية؛ الجزء الرابع" حيث قالت: كلف البابا كيرلس الرابع الخواجا رفلة عبيد الرومي بشرائها؛ وفي خلال الفترة من تكليفه بشراء المطبعة ووصولها؛ سعي إلى إصدار أمر من محمد سعيد باشا بقبول أربعة من الشباب الأقباط الأكفاء ليتدربوا على العمل ويكونوا على استعداد لتشغيل المطبعة الجديدة؛ كذلك كان هناك تعهد ما بين البطريركية وقلم المطبوعات الأميرية لتجهيز الحروف وطبع الكتب، وتحتفظ المكتبة البابوية بالبطريركية القديمة بكلوت بك بأربعة خطابات تؤيد هذا التعهد هي: خطاب ناظر قلم الروضة والمطبوعات رفعتلو بك، عموم مكاتب أهلية وكيل عزتلو أفندم، جناب ناظر بطرخانه الاقباط الأرثوذكس، ولدنا الخواجا رزق جرجس.

 

جريدة الوطن 


وأوضح ماجد كامل أنه جاء صدور الصحافة القبطية لتشهد نهضة قبطية كبري في عالم النشر؛ ويجمع المؤرخون أن أول صحيفة قبطية ظهرت هي "جريدة الوطن “؛ ولقد صدر العدد الأول منها في يوم السبت الموافق17 نوفمبر 1877م؛ وكان مؤسسها هو "ميخائيل عبد السيد"، (1860- 1914) وقد صدرت الجريدة أولا في أربع صفحات وصفحتها ثلاثة أنهر في القطع النصفي (تابلويد)؛ ثم بعد ذلك وصلت قطعها إلى شكل الجريدة (ستاندراد).

 

جريدة مصر 


ذكر ماجد كامل أن جريدة مصر جاءت بعدها؛ وكان تاريخ صدورها في 22 نوفمبر 1895؛ ومؤسس الجريدة هو " تادرس شنودة المنقبادي، فلقد أصدرت نظارة الداخلية تصريحا له بإصدار الجريدة بالأمر رقم 405.
وحول قيمة وأهمية جريدة مصر قال اللورد كرومر "إن الأقباط وجريدة مصر نموذج يحتذي به في الجد والاجتهاد وتحصيل العلوم؛ والدفاع عن حقوقهم بغير استكانة".
ولقد قامت جريدة مصر بنشر كتاب "تاريخ الأمة القبطية وكنيستها" للمؤرخة الإنجليزية الشهيرة بوتشر؛ أما الترجمة فلقد قام بها إسكندر أفندي تادرس أحد موظفي وزارة الداخلية؛ وطبع على نفقة جريدة مصر عام 1900.

 

جمعية التوفيق القبطية


تابع ماجد كامل أنه في أغسطس 1891، تأسست "جمعية التوفيق القبطية" وهي تعتبر ثاني جمعية أهلية تأسست بعد " الجمعية الخيرية القبطية الكبري "، لمعاونة المجاهدين من رجال الأمة في طلب الإصلاح؛ وكان لها مجلة باسمها تنطق بلسانها؛ وتعبر عن آرائها الإصلاحية؛ وكانت لها مطبعة عامرة؛ انِشأتها عقب تأسيسها؛ حيث طبعت فيها جريدتي مصر، والوطن في أول أيامهما؛ ثم بقيت المطبعة تقوم بخدمة الحركة العلمية والأدبية إلى أن باعتها الجمعية أخيرا لملجأ الأيتام بالظاهر، وحلت في مكانها مدرسة البنات التي أنشأتها عقب تأسسيها مباشرة.

 

مجلة الحق 


وشرح ماجد كامل أن يوسف بك منقريوس، جاء كأول مدير للمدرسة الإكليريكية؛ ليصدر مجلة هامة بعنوان "الحق" صدر العدد الأول منها في 28 أبريل 1894؛ وحول الغرض من إصدار المجلة يقول منقريوس "ليس من مقصد جريدتنا الخوض في بحار السياسة أو المجادلات الدينية أو المماحكات المذهبية أو المناظرات العقائدية بل مقصدنا هو التعليم والتفهيم والتأديب والتهذيب لتقرير الحقائق التاريخية والمنافع الأدبية.

 

مجلة صهيون


أضاف ماجد كامل أن مجلة صهيون أسسها العلامة الأسقف إيسيذوروس عام 1894؛ وصدرت عن جمعية نهضة الكنائس؛ ولعبت دورا كبيرا في تثقيف الشعب القبطي؛ ولقد أثري الأسقف إيسيذوروس المكتبة القبطية بالعديد من الكتب والمؤلفات.

 

مجلة عين شمس 


وقال الباحث أن مجلة عين شمس تتميز بكونها أول مجلة تصدر باللغتين العربية والقبطية؛ أصدرها عالم القبطيات الراحل إقلاديوس بك لبيب؛ وصدر العدد الأول منها في 1 توت 1617 للشهداء الموافق 11 سبتمبر؛ ولقد اتخذت رمز خاص بها يمثل الإله حورس ممسكا بعلامة الحياة في يده وهو يركب أحد مراكب الشمس، ولقد أثرى إقلاديوس لبيب المكتبة القبطية نحو 25 كتابا.

 

مجلة الكرمة 


أفاد الباحث أن الراحل الأرشيدياكون حبيب جرجس، أصدر مجلة الكرمة في 11 سبتمبر 1904؛ وكانت تصدر شهريا بمعدل عشر أعداد في السنة؛ ولقد نشرت المجلة أبحاث وترجمات، والجدير بالذكر أن المجلة كان يكتب فيها صفوة رجال التعليم في الكنيسة القبطية والذين لعبوا جميعا دورا قويا في تنشيط حركة النشر
ولقد أثري حبيب جرجس المكتبة القبطية أيضا بالعديد من الكتب والمؤلفات القيمة.
ولقد شغلت قضية النشر اهتمام حبيب جرجس منذ فجر شبابه؛ ولقد أوصي من ضمن مشاريعه لنهضة الإكليريكية ضرورة إنشاء قسم خاص للنشر والترجمة حيث قال " يخصص بالمدرسة قسم يسمي النشر والترجمة؛ ويمرن فيه الطلبة الذين ينبغون في اللغات اليونانية والانجليزية لترجمة أهم الكتب الدينية؛ ويختص هذا القسم أيضا بالتأليف ونشر المؤلفات والنبذ الدينية سواء أكانت من مؤلفات آباء الكنيسة أو من المؤلفات العصرية.
وفي التقرير الذي وضعته اللجنة المنعقدة بتاريخ 27 أكتوبر 1926؛ حيث أوصت بضرورة إنشاء قسم
للنشر والترجمة لنقل أهم الكتب الدينية؛ ونشر مختلف المؤلفات والنبذات؛ إذ لا يخفي أن اللغة العربية فقيرة في الكتب الدينية؛ وأن تطور العصر الحاضر يستلزم نشر معلومات دينية وبحوث لاهوتية؛ فلا بد من تقرير مبلغ خاص لهذا القسم لتغذية الشعب القبطي بمؤلفات دينية كثيرة.

 

المجلة القبطي


أشار ماجد كامل في بحثه إلى أن جرجس فيلوثاوس عوض أسسها في 7 أبريل 1907؛ وقد أثرى المكتبة القبطية بالعديد من الكتب والمقالات القيمة. 
كما تذكر المؤرخة إيريس حبيب المصري بعض الصحف التي ظهرت وانتشرت؛ وهي فضلا عن الكل السابق ذكره (الإخلاص أصدرها "إبراهيم عبد المسيح" سنة 1896م – الفرائد لـ "وهبي بك تادرس" وصدرت عام 1891 – الراوي لـ "بطرس حنا الاسيوطي" وظهرت عام 1892 – مرمي النجاح لـ "عطية جرجس "وظهرت عام 1892– الإعلام المصري لـ "الأخوين بطرس وزكي عوض" وظهرت 1893).

ازدهار حركة النشر في عهد البابا كيرلس الخامس الـ 112 
علق ماجد كامل قائلا: "تميز عصر البابا كيرلس الخامس (1831- 1927) بالازدهار الشديد في حركة النشر؛ فقداسته أصلا كان ناسخا للكتب؛ وكان اللقب المشهور به قبل البابوية هو "يوحنا الناسخ"، ومن خلال القائمة التي حصرتها المؤرخة "إيريس حبيب المصري" في موسوعة "قصة الكنيسة القبطية – الجزء الخامس"، كما تذكر المؤرخة أن المكتبة العامة بنيويورك تحوي أيضا نسخا من هذه الكتب".

 

مجلة اليقظة 


نشر الباحث أن القمص إبراهيم لوقا راعي كنيسة مارمرقس مصر الجديدة، أصدر مجلة اليقظة خلال عام 1925؛ كما أثرى المكتبة القبطية أيضا بالكتب.

 

مكتبة ومجلة المحبة بشبرا 


ركز ماجد كامل في بحثه على مكتبة ومجلة المحبة بشبرا لكونها من أشهر دور النشر وأكثرها إنتاجا؛ وترجع جذورها إلى جمعية المحبة وعن تاريخ هذه الجمعية كتب رمزي تادرس يقول "أسست عام 1924 لخدمة الكنيسة بشتى نواحيها؛ ولتربية النشء بما تبثه في صدورهم بنشراتها ورسائلها الدينية والأخلاقية؛ وأهم تلك النشرات التي تصدرها مجلة المحبة؛ وهي أوسع مجلاتنا انتشارا.
وأضاف ماجد كامل إلى أن الجمعية حققت أهدافا أخرى؛ منها مكتبة الجامعة التي أنشأتها منذ عشرات السنين؛ وحوت من الكتب كل ما يهم الأقباط الوقوف عليه من تعاليم دينهم وقوانين كنيستهم وتقاليدها وطقوسها وتاريخها وآدابها وآراء كبار أراخنتها وعلمائها. 
أما بداية تأسيس مكتبة المحبة؛ يذكر الكاتب مجدي خليل علي صفحته الشخصية على الفيس بوك تحت عنوان "فيكتور يونان وداعا" مكتبة المحبة صرح قبطي منذ أن أسسها الراحل يونان نخلة الدويري عام 1938؛ وقد نشرت المكتبة مئات العناوين لكتب جميلة ونشرتها بأسعار زهيدة؛ تناولت العقيدة والطقس والألحان والتعليم والتفسير واللاهوت والتاريخ والحضارة القبطية؛ حتى تكون في متناول القبطي العادي.

 

جمعية الآثار القبطية 


تابع: ولقد تأسست أولا تحت أسم "جماعة أصدقاء الفن القبطي" في 24 أبريل 1934 علي يد "مريت بك غالي " ثم تغير أسمها بعد ذلك إلى جمعية الآثار القبطية عام 1938. ومنذ تاريخ تأسيس الجمعية؛ وضعت محاور أساسية لها للنشر والمطبوعات يمكن تلخيصها كما يلي: - 
قسم حفائر الجمعية وقد نشر عن حفائر الجمعية في هذا القسم عالمة البرديات الأمريكية ليزلي ملكلون ثلاث مجلدات عن حفائر الجمعية بدير فيبامون بالأقصر. 

وقسم الفن والآثار وقد نشر ثلاث كتب. 

وقسم النصوص والوثائق وقد نشر ثمانية عشر كتابا

وقسم فهارس المخطوطات

وقسم المتنوعات وقد نشر في هذا القسم 14 كتابا، مجلة الجمعية وقد صدر منها حتى الآن 59 مجلدا.

 

جمعية مارمينا العجائبي بالإسكندرية عام 1945 


أسرد الباحث أنه في دراسة هامة للدكتور منير شكري بعنوان "لمحة عن تاريخ الجمعية" يذكر أن مجموعة من المهتمين بدراسة التاريخ القبطي اجتمعوا للعمل على نشر تاريخ الاقباط؛ وقدموا برنامجا موجزا بأهداف البرنامج؛ يمكن تلخيصها في إحياء ذكري شهداء الأمة القبطية وأبطالها ونوابغها في كافة العصور بالخطابة والكتابة وما إلى ذلك، ونشر رسائل ودراسات مبسطة عن أهم المواضيع التي يتعين على قبطي الإلمام بها، أيضا إعداد رحلات للأماكن الأثرية التي تهم كل قبطي، كما نشرت الجمعية عددا من الرسائل ذات القيمة العالية.

 

بيت ومجلة مدارس الأحد 


ختم ماجد كامل بحثه أن المرحوم إدوارد بنيامين أسسها في أبريل 1947 لتكون الحدث الأهم خلال هذه الفترة، ولقد أشرف علي إصدارها في البداية الارشيدياكون حبيب جرجس؛ ولكن تم رفع أسمه بعد ذلك لأسباب خاصة، ولقد لعبت المجلة دورا كبيرا في تاريخ الصحافة القبطية؛ فلقد كان يكتب فيها صفوة رموز الكتابة في ذلك الوقت.
ولقد كتب د. هابيل فهمي عبد الملك مقالا هاما بعنوان "إصدارات مجلة مدارس الأحد خلال خمسين عاما" صدر في عدد اليوبيل الذهبي للمجلة عدد شهري أبريل ومايو1997، حيث قام بوصع جدول لأهم الإصدارات التي صدرت عن بيت مدارس الأحد.
وتعد هذه لمحة سريعة عن تاريخ حركة النشر والطباعة خلال النصف الأول من القرن العشرين.

IMG-20220319-WA0004
IMG-20220319-WA0004
IMG-20220319-WA0005
IMG-20220319-WA0005
IMG-20220319-WA0002
IMG-20220319-WA0002
IMG-20220319-WA0003
IMG-20220319-WA0003