الكرملين: جاهزون لدفع كل الديون الأجنبية بالروبل
أعربت روسيا عن اعتقادها أنه لا يوجد خطر محتمل لإفلاس الدولة الروسية نتيجة للعقوبات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، حيث إن الظروف التي تؤدي إلى مثل هذا الاحتمال غير قائمة.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أمس، إن "السلطات المالية أكدت أن الأموال لدفع كل الديون الأجنبية بالروبل جاهزة ومتاحة"، حسب وكالة أنباء "تاس" الروسية.
ومن هذا المنطلق، فإن الظروف التي يتم فيها التخلف عن السداد غير قائمة، إلا إذا تم "اختلاقها بشكل مصطنع".
وبحسب "الألمانية"، يقول الخبراء إن "سداد روسيا كل ديونها يتعرض للخطر، على الرغم امتلاء خزائن الدولة بالأموال، حيث البلاد شبه معزولة عن الأسواق المالية الدولية بعد العقوبات الغربية عقب الحرب الأوكرانية".
وعلاوة على ذلك، ترى وكالات التصنيف الائتماني الكبرى وجود التصنيف الائتماني الروسي في نطاق من المفترض أن يمثل استثمارات عالية المخاطر.
من جانبه، أعلن مكتب النائب العام الروسي أمس تشديد القيود على الشركات الأجنبية التي قررت مغادرة البلاد على خلفية التدخل العسكري في أوكرانيا.
وعلقت مجموعة من الشركات - من "إتش آند إم" وصولا إلى "ماكدونالدز" وإيكيا" - عملها في روسيا، ردا على التحرك العسكري ضد أوكرانيا.
وبحسب "الفرنسية"، قال النائب العام في بيان "سيفرض المدعون رقابة صارمة على الالتزام بقانون العمل، بما يشمل بنود عقود التوظيف وإجراءات دفع الرواتب وتحديد حجمها".
وذكر أن الإجراء اتخذ "لضمان مصالح أصحاب المشاريع والموظفين من أصحاب الضمير في الشركات التي أعلنت أنها ستغادر البلاد".
وقالت النيابة إن "كل حالة من حالات تعليق النشاط في روسيا ستخضع لتقييم قانوني بشأن أي إشارة إلى إفلاس وهمي أو متعمد"، مع الإشارة إلى أن القانون الجنائي يعاقب على هذه الجريمة.
كما أشارت إلى "عدم جواز" الرفض من جانب واحد لالتزامات الشركات التي تخطط للمغادرة.
وفي مواجهة موجة من العقوبات التي تسببت في انخفاض الروبل وتسريع التضخم المرتفع أساسا، اتخذت روسيا تدابير لوقف هرب العملات الأجنبية ورؤوس الأموال قدر الإمكان.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس، دون أن يستخدم كلمة "تأميم"، إن "الشركات الأجنبية التي تغادر بلاده يجب أن تمنح لأولئك الذين يرغبون في تشغيلها".
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر مطلعة أن الهند تدرس تطبيق آلية لتسهيل التبادل التجاري مع روسيا باستخدام العملات المحلية، ومن المتوقع صدور قرار في هذا الشأن الأسبوع المقبل.
ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن المصادر قولها إن "الحكومة تدرس كيفية تسوية المعاملات التجارية بين الدولتين بالروبل الروسي والروبية الهندية"، في الوقت الذي بلغت فيه قيمة الصادرات الهندية التي لم يتم تسديد قيمتها لدى روسيا نحو 500 مليون دولار، بعد العقوبات التي تم فرضها على البنوك الروسية.
وأوضحت المصادر أنه تجري حاليا مشاورات مع بنك الدولة الهندي ومصرف "يو.سي.أو" وبعض البنوك التجارية بشأن إمكانية تفعيل مثل هذه الآلية.
وتشير البيانات إلى أن حجم التجارة الثنائية بين روسيا والهند يبلغ نحو 10.8 مليار دولار بما يمثل أقل من 1.5 في المائة من إجمالي حجم التبادل التجاري في الهند. غير أن العقوبات الدولية والقيود المالية التي فرضت على موسكو أدت إلى اضطراب سلاسل التوريد وارتفاع أسعار السلع، وهو ما أدى إلى قفزات تضخمية في اقتصادات دول نامية مثل الهند.
وفي إطار الآلية المقترحة، سيتم إيداع الروبل الروسي في البنوك الهندية قبل تحويله إلى الروبية الهندية أو العكس، على أن تستخدم هذه المبالغ في تسوية قيمة المعاملات التجارية بين الطرفين.
إلى ذلك، قال دينيس كودين نائب وزير الاقتصاد الأوكراني أمس إن "التدخل العسكري الروسي تسبب في خسائر بقيمة 119 مليار دولار للاقتصاد الأوكراني".
وبحسب "رويترز"، أضاف أن "75 في المائة من الشركات في المناطق المتضررة من الحرب توقفت عن العمل وأن معظم شركات التعدين في شرق أوكرانيا لا تعمل".
وقال "هذا يعني أن صادراتنا من المعادن ستقل"، مضيفا أن "صادرات المعادن تمثل حصة كبيرة من إجمالي الصادرات الأوكرانية".
بدوره، قال لي كه تشيانج رئيس الوزراء الصيني أمس إن "الوضع في أوكرانيا مقلق"، مشيرا إلى أن من المهم دعم روسيا وأوكرانيا في محادثات وقف إطلاق النار.
وأقامت الصين وروسيا شراكة وثيقة على نحو متزايد.
ودعا إلى ضبط النفس، في الصراع في أوكرانيا، لتجنب كارثة إنسانية.
وذكر رئيس الوزراء الصيني أنه من المهم حاليا دعم روسيا وأوكرانيا في مفاوضاتهما.
وانتقد رئيس الوزراء الصيني أيضا العقوبات الدولية ضد روسيا. وقال إن "العقوبات ذات الصلة ستضر بالانتعاش الاقتصادي العالمي. هذا الوضع ليس في مصلحة أحد". من جهتها، تعتزم الحكومة الألمانية تقديم مساعدات مالية لدعم الشركات المتضررة من العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
وأعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية أمس أنها تعمل على إعداد برنامج مساعدة ائتماني لدعم هذه الشركات التي تضررت بشدة من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا.
وقال متحدث باسم الوزارة في تصريحات لـ "الألمانية"، "نلقي نظرة فاحصة على إطار عمل الاتحاد الأوروبي المتعلق بالمساعدات المقدمة من الدولة".
واقترحت المفوضية الأوروبية الخميس أنه يمكن منح الشركات المتضررة من تداعيات الحرب في أوكرانيا قروضا، بأسعار فائدة مواتية، أو إعانات محدودة بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الغاز والكهرباء في الوقت الحالي".
وقال المتحدث "بالطبع، سنساعد عندما لا يكون أمام الشركات طريق للنجاة بسبب آثار العقوبات".
وذكرت صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية في وقت سابق أن الحكومة الألمانية تدرس، من بين أمور أخرى، إنشاء صندوق مماثل للصندوق الذي تم إنشاؤه لمساعدة الشركات خلال أزمة جائحة كورونا.
وفي سياق متصل، أصبح بنكا جولدمان ساكس وجيه.بي مورجان أول البنوك الأمريكية التي تنهي أعمالها في روسيا ليزيدا الضغط على البنوك المنافسة كي تحذو حذوهما. وأصبح العمل في روسيا صعبا بشكل متزايد بالنسبة إلى المؤسسات المالية الغربية في ظل العقوبات الدولية التي فرضت على موسكو، الأمر الذي دفع البنوك إلى التفكير في إمكانية البقاء أو الرحيل.
وعلى الرغم من أن المصارف الأوروبية هي الأكثر انكشافا على روسيا فإن المصارف الأمريكية، طبقا لبيانات بنك التسويات الدولية، ما زال لها انكشاف كبير يبلغ إجماليه 14.7 مليار دولار.
وقال بنك جولدمان ساكس في بيان عبر البريد الإلكتروني "جولدمان ساكس أنهى أعماله في روسيا امتثالا للمتطلبات التنظيمية وإجراءات الترخيص".
وطبقا لمصدر مطلع على الأمر - تحدث شريطة عدم الكشف اسمه - فإن "البنك سينهي أعماله تدريجيا بدلا من الخروج منها على الفور، وأي خسائر ستكون غير جوهرية". وبعدها بساعات قليلة، قال بنك جيه.بي مورجان "إنه يعمل بنشاط على تصفية الأعمال التجارية الروسية، وإنه لا يسعى إلى الانخراط في أي أعمال جديدة هناك". وقال البنك، وهو أكبر مقرض في الولايات المتحدة، إن "عملياته في روسيا تقتصر حاليا على مساعدة العملاء العالميين على تسوية الالتزامات الموجودة مسبقا وإنهائها، وكذلك إدارة المخاطر التي ستواجهها استثماراتهم في روسيا والعمل كوصي على أصول عملائه". وكان لدى "جيه.بي مورجان" نحو 160 موظفا في موسكو.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة "إنه في أعقاب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا الشهر الماضي تم نقل نحو نصف موظفي جولدمان ساكس في موسكو إلى دبي، أو يجري نقلهم إلى هناك". وكان لدى البنك نحو 80 موظفا يعملون في موسكو.
كان البنك قد أعلن في بيانه السنوي أن الانكشاف الائتماني في روسيا يبلغ 650 مليون دولار.
في حين أعلنت شركة "إير أستانا" الكازاخستانية للطيران تعليق رحلاتها من روسيا وإليها، وعبر الأجواء الروسية، إلى أجل غير مسمى. وبحسب بيان الشركة الذي أوردته وكالة "تاس" الروسية للأنباء أمس، استند قرار تعليق الرحلات إلى عدم وجود غطاء تأميني للرحلات التجارية من روسيا الاتحادية وإليها.
وأعربت "إير أستانا"، الناقل الوطني لكازاخستان وأكبر شركة طيران في البلاد، عن أملها في تسوية هذه المشكلات مع الحكومة الكازاخية، لتتمكن من استئناف رحلاتها في أٌقرب وقت ممكن.
من ناحيته، انتقد الملياردير فلاديمير بوتانين، أثرى أثرياء روسيا وأحد أقطاب الأعمال الذين أفلتوا من العقوبات، جميع جوانب انتقام بلاده ضد العقوبات الدولية التي تم فرضها.
وحذر صاحب أكبر حصة أسهم في شركة "إم سي سي نورنيكل" الروسية للتعدين، من أن الإجراءات الانتقامية تخاطر بالتسبب في نتيجة عكسية، كما حذر من حرق الجسور مع الشركات الأجنبية الموجودة في روسيا. وتحدث بوتانين بغضب، عبر قناة "نورنيكل" على تطبيق "تيليجرام"، عن العناصر الرئيسة لخطط الحكومة حتى الآن، من خطر تأميم الأصول الأجنبية، إلى القيود على سداد الديون في الخارج.
ودعا إلى اتخاذ خطوات مضادة "محددة وعملية" من جانب روسيا، بدلا من اتخاذ رد فعل من شأنه أن يعود ليضر بالاقتصاد المحلي.