طارق الشناوي يكتب: "أخويا" ومضة روح ساندرا!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

ما الذى يعنيه أن يغيب فنان موهوب عشر سنوات؟ أعلم أن الموهبة وحدها لا تكفى، حتى تبحث عنه شركات الإنتاج، لكن عندما تعلم أن هذا الفنان موجته الإبداعية مضبوطة تماما على موجة الجمهور، فلماذا إذن غابت؟.

توقفت لأن بداخلها نداء آخر للتمرد، لم تدرك بالضبط ما هو المطلوب، قدمت فى المشوار أعمالا هامة بقدر ما هى مختلفة، بدأت بفيلمها القصير مشروع تخرجها فى معهد السينما (آخر شتا)، وتتابعت أفلامها الروائية الطويلة مثل (ليه خلتنى أحبك) و(حرامية فى كى جى وان) و(ملاكى إسكندرية) و(الرهينة) وجاء (المصلحة) خطا فاصلا، وطالت فترة الصمت.

شاهدناها فى أكثر من حوار ممتع مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكعادتها قفزت بالحوار إلى منطقة لم يقدمها كل مقدمى البرامج المحترفين، لأنها ببساطة تبنت مشاعر المواطن الذى يحاور الرئيس.

قبل عامين منحها كاتبنا الكبير وحيد حامد سيناريو (الصحبة)، وقرر أن ينتجه لها، لم تحدث حتى الآن الومضة التى تدفعها لتقديم الفيلم، وهناك العديد من الأفكار فى انتظار تلك الومضة الغائبة.

عرض عليها الناقد أنطوان خليفة المشاركة فى إطار مشروع مغاير تعرضه (نتفلكس) عنوانه (فى الحياة والحب) عن عيد الحب بأكثر من إطلالة بنحو عشرة مخرجين، ولمعت بداخلها فكرة (أخويا) سيناريو وحوار رفيق مرقص وتصوير أحمد عبدالعزيز وموسيقى راجح داود وبطولة أحمد عز وصلاح عبدالله وبسنت شوقى، ويبقى عمق الفيلم الاستراتيجى، إنه الطفل أدهم حسام، من ذوى الهمم (متلازمة داون).

الفكرة بها روح الطفولة، التى تعيشها (ساندرا) فى حياتها، شاب يحب بنت العمدة والعائق الفلوس، ويأخذ الطفل أدهم البقرة الصغيرة التى يحبها العمدة الذى يرصد 50 ألف جنيه لمن يعيدها إليه حتى يمنح أخاه عز المهر (وتوتة توتة).

طبعا لا هذه قرية ولا هذا هو العمدة، ولا تلك الحبيبة أو هذه هى العقدة الدرامية، ولا أساسا هذه بقرة، شىء أبعد من كل ذلك راهنت عليه ساندرا، عالم بسيط موازٍ نراه ونصدقه.

العناصر الفنية موسيقى راجح داود الذى يمتلك فيضا فى التعبير عن طفولة المشاعر فى العديد من الأفلام مثل (بحب السيما) و(برا المنهج)، وتتضاعف جرعة الطفولة مع ساندرا ليس فقط مثل أفلامه السابقة لأن البطل طفل، لكن لأن ساندرا أساسا هى الطفلة وكل أفلامها، بشىء من التدقيق، سوف تلمح أنها تخفى هذا الطفل فى نسيج لقطاته، فكان ينبغى أن تعبر عنه الموسيقى، وهو ما حققه بتنفيذ الصورة أحمد عبدالعزيز.

أن تكون متفردا بالميلاد والملامح وأحاسيس وأسلوب التعبير، وهكذا ساندرا التى أضافت لكل ذلك بصمتها الخاصة، نفذت لعمق بطل الفيلم، وهو الحب، فقررت أن تمسك بالحب، فاكتشفت أن المعادل الموضوعى له هو تلك الحالة التى رصدتها فى الطبيعة ببساطتها وبكارتها والحوار بتلقائيته وحركة الكاميرا التى نفذها الفنان أحمد عبدالعزيز.

فن قيادة الممثل أصعب وأهم الأسلحة التى يمتلكها المخرج، تابعنا شخصية لم نتعاطف معها لضعف بداخلها، لكن للقوة الروحية والعقلية التى تمتلكها، جاء أداء أدهم حسام موازيا لبطل الفيلم أحمد عز بحضور رائع، ساندرا قدمت وجها جديدا فى مساحة صغيرة ولقطات محدودة لكنها كفيلة بأن تطلقها كنجمة قادمة أتحدث عن بسنت شوقى.

ستقرأ على (التترات) اسم بصال (جدها) بعد اسم ساندرا، وليس نشأت أبيها كما تعودت فى كل أفلامها السابقة، وكأنها قررت أن تولد على الشاشة فى هذا الفيلم من جديد!!.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).