الصوم الكبير.. طاقة روحية وإشباع ذاتي للشباب في مواجهة الأزمات
بدأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، منذ أيام الصوم الكبير، والذي تتخلله التقاليد والطقوس والعبادات المقدسة، حيث تتجلى النفس وترتقي بالروحانيات داخل أروقة الكنائس، وتقام الصلوات كل يوم، وخلال اليوم نجد العديد من الطقوس التي يمارسها الفرد سواء في منزله أو كنيسته.
وتحتفل الكنيسة الأرثوذكسية حاليا بأول أسابيع الصوم الكبير والذي يستمر لمدة ٥٥ يوما ينتهي بعيد القيامة المجيد، ويمتنع فيه الأقباط عن تناول اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان... والذي يمر بسبع مراحل تنتهي اليوم أولاها وهو أسبوع الملكوت أو الكنوز، بينما تحتفل الكنيسة بدءا من غد بأسبوع التجربة، ويسمى الأحد الثاني من الصوم "أحد التجربة"، وتعلم فيه الكنيسة الإنسان كيف ينتصر على إبليس، حتى يتمثل بشخص السيد المسيح الذي انتصر على الشيطان بانتصاره على العثرات الثلاث التي يحارب بها عدو الخير، الإنسان، وهي الأكل شهوة الجسد والمقتنيات شهوة العيون، والمجد الباطل شهوة تعظم المعيشة.
أما باقي أحاد الصوم الكبير فهي كالتالي:
الأحد الثالث: أحد الابن الشاطر وفيه توضح الكنيسة كيف يتحنن الله، ويقبل الخاطئ، على مثال الابن الضال الذي عاد إلى أبيه.
الأحد الرابع: أحد السامرية وتشير فيه الكنيسة إلى تسليح الخاطئ بكلمة الله، التي تصير له حياة أبدية.
الأحد الخامس: أحد المخلع ويرمز إلى الخاطئ الذي كسرته وهدته الخطية، لكن شدّده السيد المسيح المخلص، وشفاه.
الأحد السادس: أحد التناصير وفيه قام السيد المسيح بتفتيح عيني الأعمى وشفاه، وهذا يرمز إلى الاستنارة وتجديد الطبيعة بالمعمودية.
الأحد السابع: أحد الشعانين، وفيه تستقبل الكنيسة بشعبها، السيد المسيح ملكًا على قلبها، وتعيش طقس أسبوع الآلام.
الأحد الثامن: أحد القيامة وهو الأحد الذي قام فيه السيد المسيح من بين الأموات، وتحتفل به الكنيسة فى كل عام.
الشباب والاستفادة الروحية من الصوم
أكد القمص مكاري القمص تادرس، أستاذ علم الوعظ الكنسي، واللاهوت في الكلية الإكليريكية في تصريح خاص، أن خلال الصوم الكبير يجب أن نوجه طاقة الشباب للاستفادة روحيا منه، وهناك عدة نقاط يمكن الاستفادة منها، فالشباب يحتاج إلى التقرب من الله بشكل أعمق لأن هناك أمور عديدة تؤثر على نفسيتهم منها ضغوط الحياة والظروف التي مر بها هذا الجيل من ثورات ومحاربة فيروس كورونا، وكل أحداث لها تابعيات ربما تركت أثر عند البعض منها الخوف من المستقبل أو الخوف على الاحباء من المرض والموت وغيره، فهذا كله أدى إلى اضطرابات في نفوسنا جميعا.
فترة الصوم المقدس هي عودة إلى الله
وأوضح القمص مكاري القمص تادرس، على الشاب أن يشبع نفسه روحيا ويشعر بالطمأنينة وراحة البال والسعادة، فيجب أن يعرف الشباب أنواع الصوم لأن هناك البعض ممن لا يقدرون على الصيام الجسدي المتواصل.
أنواع الصوم
عرض القمص مكاري القمص تادرس، أنواع الصوم: منها صيام العقل وهو الصوم عن الأفكار الحزينة، صوم عن أفكار الكراهية، فمعرفتنا لأنواع الصوم تجعلنا نقدس حياتنا وأفكارنا.
كما أشار إلى أن خلال الصيام نقدم حياتنا إلى الله، ونرفع عيوننا إليه، فعندما يرفع الشاب عينه إلى السماء، تصغر مشاكل الحياة على الأرض أمامه وتساوي لا شيء، ويبدأ في تجاوز ألامها.
وذكر القمص مكاري القمص تادرس، أن المشاكل تحتاج إلى حلول وجهاد وكفاح لكن عندما يترفع الإنسان وينظر إلى السماء يشعر بصغر حجم المشاكل، وبوجود إيمان قوي أن الله يراه ويقف إلى جواره ويكافئ صبره على المحن، ويعوضه خيرا، كما يحول الآلام إلى أمجاد، فيتجاوز الإنسان متاعب الارضيات بالنظر إلى أمجاد السمائيات.
حتمية التغيير
قال القمص مكاري القمص تادرس، يجب على الشاب في فترة الصوم أن يضع أمام عينه حتمية التغيير للأفضل، ويكتسب خلالها مهارات عن طريق التدريبات الروحية مثل كيفية التعامل مع المشاكل بالتماسك، وأن يدرب نفسه على التعامل مع الجميع بلطف وعطاء، التداريب الروحية تجعل الإنسان يطور من ذاته، وهكذا يستفاد الشباب من الثمار الروحية خلال فترة الصوم الكبير.
تأملات البابا تواضروس الثاني
وعلى جانب أخر تناول البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في عظته الأسبوعية عدة تأملات ستمتد طوال أسابيع الصوم المقدس، وهي مبنية على سؤال سأله الله لآدم: "أين أنت؟"، وأشار إلى أن الله دائم البحث عنا، والصوم يقدم لنا سبع مواضع نتقابل فيها مع الله عَبْرَ آحاد الصوم.
- أحد الكنوز: في المخدع والصلاة الخاصة
- أحد التجربة: البرية، أثناء الخلوة
- أحد الابن الضال: في البيت
- أحد السامرية: عند البئر
- أحد المخلع: بركة بيت حسدا
- أحد المولود أعمى: في الطريق
- أحد الشعانين: في الكنيسة
وأشار قداسة البابا إلى أننا نتمتع بمقابلة الله في المخدع من خلال:
- الصلاة الخاصة "فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ"، الصمت والتأمل كلغة السماء، قراءة الإنجيل "تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلًا"، المطانيات (السجود للأرض)، التسبيح الدائم.
وكشف قداسة البابا في بداية كلمته عن سلسلة جديدة من العظات في اجتماع الأربعاء الأسبوعي، خلال فترة الصوم الأربعيني المقدس، تحت عنوان "«أَيْنَ أَنْتَ؟»"، وجاء موضوع الأسبوع الأول "في المخدع".