روسيا تغزو أوكرانيا.. كواليس خبايا الحرب وسر عدم التدخل العسكري الأمريكي (تحليل)
"روسا تغزو أوكرانيا"، هكذا كانت مانشتات الوكالات الدولية صباح اليوم الخميس، وذلك في أعقاب إعلان روسيا عن بدئها لعملية عسكرية شاملة في الأراضي الأوكرانية، بعد وقت قصير من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ذلك.
ومنذ اشتعال الفتيل الأول لهذه العملية العسكرية، كان قد أكد جهاز حرس الحدود الأوكراني في بيان يوم الخميس، دخول قوات روسية منطقة كييف من بيلاروسيا، لتنفيذ هجوم بصواريخ "غراد" على أهداف عسكرية.
بالإضافة إلى ما سبق، فكان قد تم رصد تحليق مروحيات مجهولة الهوية ضمن مجموعات على علو منخفض في ضاحية كييف، العاصمة الأوكرانية.
وفي السياق ذاته، كان قد اتفق أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) على تعزيز قوات الحلف البرية والبحرية والجوية على جانبه الشرقي بالقرب من أوكرانيا وروسيا، بينما أكد الكرملين أن العملية العسكرية في أوكرانيا ستستمر ما دام أنها ضرورية.
غزو شامل
وبناءًا على التقلبات السريعة التي تحدث في العالم، علق الدكتور عاطف عبد الجواد المحاضر الدولي بجامعة جورج واشنطن والمحلل السياسي والخبير بالشؤون الأمريكية على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قائلا: "العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا لها هدف معلن من جانب الرئيس بوتين وهو حماية منطقة دونباس على الحدود الشرقية الأوكرانية وحفظ السلام في هذه المنطقة التي تتواجد فيها ميليشيات مدعومة من روسيا".
وأضاف الخبير بالشؤون الأمريكية في تصريحات خاصة لـ "الفجر":"لكن الحقيقة هي أن العملية العسكرية الروسية أوسع وأبعد وهي بمثابة غزو شامل من ثلاثة اتجاهات حول أوكرانيا من بينها هجمات من الشمال من بيلاروس ومن الجنوب من شبه جزيرة القرم بالإضافة إلى منطقة دونباس في شرق أوكرانيا وهي المنطقة التي أعلن بوتين استقلالها عن أوكرانيا".
أمريكا على الحدود
أما عن الموقف الأمريكي، فقال "عبد الجواد":"ورغم الأسباب والهواجس الروسية الأخرى مثل الخشية من تطوير سلاح نووي ( أوكرانيا تخلت عن سلاحها النووي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي) والقلق الروسي من توسع حلف ناتو شرقا نحو الحدود الروسية أو الخشية من إقامة قواعد عسكرية أمريكية في أوكرانيا فالحقيقة هي أن الولايات المتحدة قريبة جدًا من الحدود الروسية من اتجاه آخر أو من أقصى شرق روسيا حيث تمتد ولاية الاسكا الأمريكية قربا من الشرق الروسي فولاية الاسكا كانت جزءا من الاراضي الروسية ثم اشترتها الولايات المتحدة من روسيا في القرن التاسع عشر".
هدف رئيس لغزو أوكرانيا
وتابع المحاضر بجامعة جورج واشنطن في تصريحاته لـ "الفجر":"وإذا كانت هناك مخاطر من الاقتراب الامريكي من الحدود الروسية فإن الاسكا هي الأقرب، ولكن الهدف الحقيقي لموسكو من وراء غزو اوكرانيا هو إقامة حكم موال لروسيا في كييف وضمان أن تشكل الأراضي الأوكرانية عازلا أمنيا بين الجناح الشرقي لحلف شمال الاطلسي (ناتو) وبين الأراضي الروسية في غرب روسيا".
إمبراطورية روسية
وأضاف: "ويطالب الرئيس بوتين أيضا بتقليص العتاد العسكري في دول أوروبا الشرقية التي انضمت إلى حلف ناتو بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ولكن إذا قرأنا بين السطور سوف نجد أن بوتين في خطاب أخير له ألقى شكوكا حول شرعية وجود أوكرانيا كدولة ذات سيادة مما يؤشر على رغبته في بناء امبراطورية روسية على نحو ما كانت عليه في التاريخ أو في ظل الاتحاد السوفييتي".
وأردف "عبد الجواد":"إذن الرئيس بوتين قد يعلن بعد هيمنته عسكريا على أوكرانيا أن اوكرانيا اصبحت جزءا من الاتحاد الروسي أو على الأقل سيعلن عن تنصيب حكومة اوكرانية جديدة تدين بالولاء لموسكو، غير أن أمريكا ودول حلف ناتو لن تتدخل بحنودها في قتال داخل أوكرانيا لأن اوكرانيا ليست عضوا في حلف ناتو وإنما سيؤدي الغزو الروسي إلى جلب ما لاتشتهيه موسكو، فالعتاد العسكري يتدفق ليس فقط على دول اوروبا الشرقية مثل رومانيا واستونيا ولاتفيا بل أيضا على أوكرانيا".
عقوبات اقتصادية ومالية
وتابع الخبير بالشؤون الأمريكية: "كما أن قوات أمريكية اضافية تتدفق على أوروبا الشرقية لحمايتها من أي توسع روسي نحوها كما تنص عليه الفقرة الخامسة من ميثاق حلف ناتو، وسوف تعلن الولايات المتحدة ومعها حلف ناتو والاتحاد الاوروبي ومجموعة الدول السبع الكبرى مزيدا من العقوبات الاقتصادية والمالية على روسيا بما في ذلك عزل موسكو عن منظومة سويفت للتحويلات المالية الدولية وهي العقوبات التي تهدف إلى إضعاف الاقتصاد الروسي الذي سوف يتمكن من تحمل هذه العقوبات لفترة محدودة بسبب احتياطي العملات الصعبة (٨٠ مليار دولار) جمعتها موسكو لنفسها تحسبا للعقوبات".
بالإضافة إلى ما سبق ذكره، أكد "عبد الجواد" أن الاقتصاد الروسي سوف يتأثر أيضا بسبب وقف المانيا لمشروع خط أنابيب الغاز نورد ستريم ٢ الذي كان سيحمل الغاز الروسي إلى اوروبا.
وأضاف:" سوف يتأثر الاقتصاد العالمي أيضا بسبب زيادة إضافية في أسعار النفط والغاز والذهب وهبوط اسواق الأسهم، وذلك رغم أن وشنطن وقطر سوف تعملان على تزويد أوروبا بالغاز عوضا عن الغاز الروسي الذي كان يزود أوروبا بـ 40% من احتياجاتها فسوف يتأثر الاقتصاد الاوروبي والعالمي سلبا وخصوصا مع وصول سعر النفط إلى ما يزيد عن 100 دولار للبرميل في الأيام الأخيرة".
واختتم المحاضر بجامعة جورج واشنطن تصريحاته لـ "الفجر":"ولعل القرار الأمريكي بعدم إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا نفسها يعود إلى الخشية من اندلاع قتال مباشر بين الجنود الأمريكيين والروس في اوكرانيا ولو عن طريق الخطأ الأمر الذي قد ينذر بحرب عالمية ثالثة قد تتحول ولو عن طريق الخطأ أيضا إلى حرب نووية تبيد البشرية".