وزير الري يبحث مع وفد البنك الدولي فرص "التأقلم مع التغيرات المناخية"
عقد الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والري اجتماعًا مع آيات سليمان المديرة الإقليمية لإدارة التنمية المستدامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي والوفد المرافق لها بشأن مناقشة فرص التعاون في مجالي التخفيف والتأقلم مع التغيرات المناخية.
وأشار عبد العاطى خلال الإجتماع إلى أن مصر تعد من أكثر دول العالم التى تعانى من الشح المائى، ولذلك تبذل الدولة المصرية جهود كبيرة لمواجهة التحديات المائية التي تواجهها من خلال تنفيذ عملية تطوير وتحديث شاملة للمنظومة المائية من خلال مشروعات تأهيل الترع والمساقى وإحلال وتأهيل المنشآت المائية والتوسع فى تنفيذ مشروعات إعادة إستخدام المياه وتحلية المياه، مشيرًا لأهمية هذه المشروعات فى تحقيق التنمية المستدامة وخدمة المزارعين.
كما أشار إلى مجهودات وزارة الري فى مجال التحول لنظم الرى الحديث، وانعكاس هذا التحول على المزارعين أنفسهم من خلال تقليل إستخدام الأسمدة والطاقة والعمالة وزيادة الانتاجية المحصولية وتحسينها بالإضافة لترشيد إستخدام المياه، وهو ما يُسهم فى تقليل هشاشة المنظومة المائية وزيادة مرونتها.
وقال إن ذلك جاء بالتزامن مع توسع الوزارة فى إستخدام الطاقة الشمسية فى مشروعات الرى ورفع مياه الآبار الجوفية بهدف تقليل الإعتماد على مصادر الوقود التقليدية وتقليل الانبعاثات فى إطار إجراءات التخفيف من التغيرات المناخية.
كما أكد عبدالعاطي على الدور الكبير لمجهودات التوعية التى تقوم بها وزارة الري فى تحقيق هذا التحول، حيث نجحت التوعية بفوائد الرى الحديث فى تحويل 1.20 مليون فدان للرى الحديث بمعرفة المزارعين أنفسهم.
وأضاف وزير الري أنه تم ويجرى تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال إعادة إستخدام مياه الصرف الزراعى بهدف تنفيذ مشروعات للتوسع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة التصحر مثل مشروعات بحر البقر والحمام والمحسمة، والتى تساهم فى منع تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية وتحسين البيئة بشرق وغرب الدلتا.
وأكد عبدالعاطي أنه بإنتهاء مشروعات معالجة وتدوير المياه في الحمام ستصبح مصر أكبر دول العالم في إعادة إستخدام المياه بعدد مرات التدوير تصل إلى أربع مرات، مشيرًا إلى أن العديد من دول العالم طلبت الاستفادة من تجربة مصر في إدارة المياه وتدويرها عدة مرات.
كما تطرق عبدالعاطي خلال الإجتماع إلى قضية التغيرات المناخية مؤكدًا أنها تُعد من أهم القضايا التى يواجهها العالم في الوقت الحالى، نظرًا للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على كافة مناحى الحياة وخاصة التأثيرات السلبية على الموارد المائية، والمتمثلة فى نقص كميات المياه والحاجة لإعادة إستخدامها أكثر من مرة، الأمر الذى يؤدى لتدهور نوعية المياه، وبالتالي انتشار الأوبئة والجوائح التي يعاني منها العالم.
وقال إن زيادة الضغط على الموارد المائية المحدودة سيؤدي لانتشار الفقر وتراجع مستوى المعيشة الأمر الذى يمثل بيئة خصبة للجماعات المتطرفة، بالإضافة للتأثيرات السلبية الأخرى مثل تراجع الإنتاج الغذائي حول العالم، والتسبب في ارتفاع منسوب سطح البحر والذى يهدد الأراضي المنخفضة حول العالم ومنها دلتا نهر النيل، والتأثير الغير متوقع على كميات الأمطار بمنابع الأنهار، الأمر الذى يضع قطاع المياه على رأس القطاعات المتأثرة سلبًا بالتغيرات المناخية.
ونظرا لهذا الترابط الهام بين المياه والتغيرات المناخية، أشار الوزير إلى أنه سوف يتم عقد إسبوع القاهرة الخامس للمياه تحت عنوان "المياه على رأس أجندة المناخ العالمى"، والذى سيتم رفع التوصيات الصادرة عنه لمؤتمر المناخ (COP27) والذي تستضيفه مصر في شهر نوفمبر القادم والذى يُعد فرصة ذهبية لعرض تحديات القارة الإفريقية فى مجال المياه.
كما تقوم الوزارة بتنفيذ مشروعات كبرى للحماية من أخطار السيول وحماية الشواطئ المصرية، مؤكدًا أنه تم خلال السنوات الماضية تنفيذ أكثر من 1500 منشأ للحماية من أخطار السيول والتى أسهمت فى حماية الأفراد والمنشآت وحصاد مياه الأمطار التى تستفيد منها التجمعات البدوية فى المناطق المحيطة بأعمال الحماية.
كما تم ويجرى تنفيذ العديد من أعمال حماية الشواطئ لحماية السواحل المصرية من إرتفاع منسوب سطح البحر والنوات البحرية، مؤكدًا أنه تم تنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى 210 كيلومتر والعمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى 50 كيلومتر، مع تنفيذ تجارب رائدة فى إستخدام تقنيات قليلة التكلفة فى أعمال الحماية، مثل مشروع حماية الطريق الساحلى الدولى بمحافظة كفر الشيخ.
وتم خلال اللقاء أيضًا مناقشة العمل على إصدار دراسة تعكس ما قامت به مصر من إصلاحات هيكلية وأعمال تطوير وحوكمة لقطاع المياه، مضيفًا أنه تم مناقشة بحث تمويل منح تدريبية لشباب المهندسين بالوزارة، ومناقشة الترتيبات الخاصة بالإعداد لجناح المياه بمؤتمر المناخ COP27.
وفي سياق آخر أكد عبد العاطى على أهمية مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط والذي يهدف إلى تحويل نهر النيل لمحور للتنمية يربط بين دول حوض النيل، والذى يشتمل على ممر ملاحي وطريق سريع وخط سكة حديد وربط كهربائي وربط كابل إنترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل.
وأشار إلى أن هذا المشروع يحقق التكامل الاقليمى ويجمع دول الحوض بإعتبار أن النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة على نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى وبحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى.
وأكد وزير الري على دور المشروع فى دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم، والعمل على توفير فرص العمل وتقليل معدل الفقر، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية، وكذا دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي فضلًا عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بكافة المجالات، الأمر الذى ينعكس على رؤية المشروع والتي تتمثل في "قارة واحدة – نهر واحد – مستقبل مشترك".
ومن جانبه أشادت آيات بمنظومة ادارة المياه في مصر الجارى تحديثها حاليا والإشادة بمشروعات إعادة إستخدام المياه التى تم ويجرى تنفيذها حاليا، مشيرة إلى خريطة الطريق الاسترشادية بشأن تغير المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتى وضعها البنك الدولي لتقديم الدعم لدول المنطقة على مدى السنوات الخمس المقبلة للحد من الإنبعاثات والتكيف في مواجهة الوتيرة المتسارعة لتغير المناخ.
وتتضمن خريطة الطريق التي وضعها البنك الدولي العمل على زيادة الاستثمارات في مشروعات مراعية للمناخ والعمل على إصلاح السياسات، وتبني نهج التنمية الخضراء والعمل على خفض الانبعاثات الكربونية، وذلك بالتوافق مع أهداف "اتفاق باريس" لعام 2015 والمعنى بالتدابير الرامية للحد من تأثير تغير المناخ، كما أنه من المقترح قيام البنك الدولي بتقديم مشروعات دعم فني للتعامل مع تفتت الحيازات الزراعية.