في أزمة أوكرانيا.. هل هزمت روسيا الغرب دون إطلاق رصاصة واحدة؟
شنت مُتحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا هجومًا حادًا علي الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وقالت إن بلادها "هزمت الغرب دون إطلاق رصاصة واحدة".
سحب القوات الروسية
وجاءت تعليقات زاخاروفا بعدما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها ستسحب بعض قواتها من الحدود مع أوكرانيا في خفض محتمل لتصعيد التهديد بغزو محتمل، وجاء الإعلان عن الانسحاب في بيان صادر عن المتحدث باسم وزارة الدفاع إيجور كوناشينكوف، الذي قال ان التدريبات شاركت فيها قوات من جميع المناطق العسكرية والأساطيل والقوات المحمولة جوا.
وقال كوناشينكوف في البيان، إن "وحدات المناطق العسكرية الجنوبية والغربية، التي أنجزت مهامها، تستقل القطارات والشاحنات وستتوجه إلى حامياتها في وقت لاحق اليوم"، مشيرة في منشور على فيس بوك بعد الإعلان: "يوم 15 فبراير 2022 سيدخل التاريخ مع فشل الدعاية للحرب الغربية لقد تعرضوا للعار والتدمير دون إطلاق رصاصة واحدة".
وأعلنت روسيا في وقت سابق اختتام التدريبات العسكرية بالقرب من الحدود الأوكرانية، لكن وسائل التواصل الاجتماعي وصور الأقمار الصناعية التي تم التقاطها في الأيام التالية لم تظهر تغييرات كبيرة في وضع القوة الروسية. شارك في تلك التدريبات عدد قليل فقط من القوات.
مناوشات بين الطرفين
وفقا للتقرير تجري روسيا مناورات مشتركة كبيرة مع بيلاروسيا من المقرر أن تنتهي في 20 فبراير، وحذرت الدول الغربية من أن تلك التدريبات يمكن أن تستخدم كغطاء للتحضير لهجوم على أوكرانيا، بينما قالت روسيا إن تلك القوات ستعود إلى القاعدة بمجرد انتهاء التدريبات.
كانت روسيا قد نشرت نحو 130 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية، بما في ذلك نحو 30 ألف جندي يشاركون في التدريبات العسكرية في بيلاروسيا.
ولا يشارك العديد من القوات الموجودة بالقرب من الحدود الأوكرانية في أي تدريب رسمي، وعندما سئلت روسيا عن التعزيزات العسكرية، قالت إن لها الحق في نقل القوات كما ترغب داخل أراضيها.
مجموعة السبع
يعقد وزراء خارجية دول مجموعة السبع الأكثر تقدّمًا، محادثات بشأن الأزمة الأوكرانية في ميونخ، السبت، وفق ما أفاد ناطق باسم الخارجية الألمانية الأربعاء.
وأفاد المصدر بأنّ وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ستستضيف المحادثات على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، مضيفًا أنّ الاجتماع "سيركّز على الأزمة التي نجمت عن انتشار القوات الروسية قرب أوكرانيا".
اصطفاف صيني بجانب روسيا
اتهمت الصين الولايات المتحدة "بالمبالغة في تهديد الحرب وإثارة التوتر"، إذ نبه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أن أكثر من 150 ألفا من القوات الروسية لا تزال محتشدة بالقرب من الحدود الأوكرانية بعد إعلان موسكو سحب بعض من قواتها.
وقال متحدث الخارجية الصينية وانغ وين بين، في إفادة دورية في بكين، اليوم الأربعاء "مثل هذا المبالغات والتضليل الإعلامي المستمر من قبل دول غربية ستوجد اضطرابات وحالة من عدم اليقين في عالم مليء بالصعوبات وستزيد من التوتر والانقسام". وأضاف "نأمل أن تضع الأطراف المعنية حدا لمثل هذه الحملات من التضليل الإعلامي، وأن تفعل المزيد لتعزيز السلام والثقة المتبادلة والتعاون".
تصريحات أوكرانية
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه لا يرى حتى الآن أي انسحاب للقوات الروسية من مواقع قريبة من الحدود الأوكرانية.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن زيلينسكي قوله، خلال زيارة لغرب أوكرانيا: "نتعامل مع الحقائق التي لدينا ولا نرى أي انسحاب بعد".
تصريحات الناتو
قال الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، إنه لا يرى إشارات حول خفض التصعيد الروسي، مشيرًا إلى أن روسيا تستمر بحشد قوات قرب أوكرانيا.
وأوضح أنّ روسيا تقوم دائما بعملية نشر وإعادة نشر لقواتها، وهذا لا يعني انسحابها، فيما قال "سنواصل إرسال رسالة واضحة جدًا إلى روسيا مفادها بأننا مستعدون للحوار لكننا مستعدون كذلك للأسوأ"، إلا أنه أشار إلى أن الرسائل من موسكو حول الدبلوماسية توفر أرضية "لتفاهم حذر"، حسب تعبيره.
تصريحات أمريكية
شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن الثلاثاء على أن هجوما روسيا على أوكرانيا "لا يزال ممكنا جدا" رغم أنه دعا إلى "إعطاء الدبلوماسية كل فرص النجاح" لحل الأزمة، كما حذر بايدن من أن العقوبات الغربية على موسكو "جاهزة" في حال أقدمت على غزو كييف.
لماذا الأن؟
يرجع تصعيد موسكو في الملف الأوكراني إلى رفض الغرب والولايات المتحدة مجموعة مطالب لروسيا، أهمها عدم توسع الناتو في اتجاه الشرق وأوكرانيا، وعدم انضمام أوكرانيا للناتو، وتوقف الناتو عن نشر قواته في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، الواقعة على الحدود الروسية والمنضوية بالفعل في الناتو، حتى تحصل روسيا من خلال ذلك على اعتراف ضمني بسيادتها على هذ الدول.
السبب الثاني في التصعيد الروسي اقتصادي بحت، حيث أن أغلب خطوط الغاز والنفط التي تذهب من روسيا لأوروبا، تمر عبر الأراضي الأوكرانية، وهو ما يشير إلى أن تحت الارض الأوكرانية أكبر مورد اقتصادي لموسكو والذي يصل إلى 30% من الناتج المحلي.
السبب الثالث للتصعيد الروسي يعود إلى التوجه الأوكراني نحو أوروبا وابتعادها عن روسيا، منذ 2013 وحتى الآن، وهو ما ترتب عليه احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014.
التحرك الروسي في هذا الوقت يعود إلى الضعف والانقسام الذي تمر به أوروبا والولايات المتحدة، والذي ظهر مع انسحاب واشنطن الفوضوي من أفغانستان، وعدم تنسيقها مع أوروبا وهو ما أدى لأزمة بين الطرفين، كما أن صفقة الغواصات التي اشترتها أستراليا من الولايات المتحدة بعد اتفاقها مع فرنسا أدى لتدهور العلاقات بين واشنطن وباريس، بالإضافة للتحالف الأمني الذي وقعته الولايات المتحدة مع بريطانيا وأستراليا وهو ما قد يبعد أمريكا عن الناتو، كما أن الاوروبيين لا يوجد بينهم توافق خاصة مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي النهاية نعتقد أن التصعيد الروسي يستهدف فقط إجبار أوروبا وواشنطن على الاستجابة للمطالب التي ذكرناها وأنه لا يوجد نية للحرب، خاصة مع إعلان روسيا سحب جزء من قواتها على الحدود الأوكرانية.