البنك المركزي في مرمي غضب الصناع والتجار
وضع القرار الأخير للبنك المركزي الخاص بوقف التعامل بمستندات التحصيل في العمليات الاستيرادية في مرمي غضب المستوردين؛ مطالبين رئيس الوزراء للتدخل بالغائه مباشرة لما له تداعيات سلبية على الاقتصاد والاستثمار.
وأصدر البنك المركزي في منشور رسمي موجه للبنوك، قرار بوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة المعاملات الاستيرادية الاقتصار على الاعتمادات المستندية فقط بداية من شهر مارس القادم.
وجاء القرار بشكل مفاجئ على مجتمع الأعمال من تجار ومصنعين، ومستوردين، دون أي اجتماعات سابق معهم، وسط عدم الاستعداد على تنفيذه في ظل ما يتعرضون له من ضغوط فرضتها تداعيات أزمة كورونا.
في السابق كان البنك المركزي يُخير المستوردين المحليين في مختلف القطاعات الاقتصادية، بين تنفيذ عمليات الاستيراد عن طريق فتح الاعتمادات المستندية أو مستندات التحصيل التي كان يفضلهوا في الأغلب؛ لتدني قيمة الرسوم التي يتم تحصيلها من خلالها، وإعطاءهم مهلة لتوفير قيمة البضائع المستوردة حتى بعد استلامها بشهور، بينما يستلزم الاعتمادات المستندية بسداد قيمة الشحنة قبل توريدها وهو ما يفرض على المستوردين بضرورة امتلاك سيولة مالية قوية.
وقال محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، لا نعرف ما الهدف من القرار، ولكن ما ندركه إنه يفرض مزيد من المعوقات علي المستوردين والتجار، ويعطي انطباع سلبي عن الحالة الاقتصادية للشركات الاجنبية.
وأضاف، "الثقة كانت متبادلة مع الشركات الاجنبية التي نستورد منها، كانت تورد الينا البضائع ثم تقوم بتحصيل قيمتها بعد توافر السيولة لدينا، الآن أصبحنا مطالبين بتوفير قيمة الشحنة قبل استيرادها، هل سيتحمل القطاع المصرفي حجم الطلب على الدولار."
وبلغ إجمالي الواردات المصرية من الخارج خلال الربع الأول من العام المالي ٢٠٢١_٢٠٢٢ نحو ١٦.٩ مليار دولار بزيادة ٣.٥ مليار دولار عن نفس الفترة من العام الماضي.
، وقال البنك المركزي إن الواردات ضغتط بشكل أساسي خاصة السلع الطبية لمكافحة كورونا ومستلزمات الانتاج، علي ارتفاع عجز في ميزان المدفوعات إلى ٤ مليار دولار بنهاية الربع الأول من ٢٠٢١_٢٠٢٢ بزيادة ٢.٨ مليار دولار على أساس سنوي.
ويرى البنك المركزي ان القرار يهدف إلى مزيد من حوكمة العمليات الاستيرادية مع تفعيل نظام التسجيل المسبق للشحنات، والحد من التهرب الضريبي، حيث كانت تستغل عدد من الشركات مستندات التحصيل لعدم خضوعها لدقيق البنوك، و وضع أرقام غير حقيقية عن قيمة الشحنة المستوردة.
وقال أحمد شيحة عضو شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية،" قيمة الفاتورة واحد في فتح الاعتماد المستندية أو مستندات، فأين التهرب الضريبي."
وأضاف شيحة، " اصبحنا الان مطالبين بسداد ١٠٠% من قيمة الشحنة التي نستوردها بعدما كان يسمح لنا بتقسيطها في ظل الثقة المتبادلة مع الشركات الموردة."
ووجه اتحاد الصناعات، وجمعية رجال الأعمال، واتحاد الغرف التجارية خطاب مشترك اجمعوا فيه، على ان هناك تداعيات سلبية إذا تم العمل بالقرار، على الاقتصاد والاستثمار.
مخاوف من عودة السوق السوداء
وكان أبرز التداعيات السلبية من تنفيذ القرار التي ذكرها اتحاد الصناعات في خطابه لمجلس الوزراء عودة السوق السوداء لتجارة الدولار.
وقال اتحاد الصناعات هذا قرار يؤثر على قدرة المنشآت الصناعية على توفير الاحتياجات من النقد
الأجنبي التي تغطي الاعتمادات المطلوب فتحها مما يزيد الطلب على العملة الصعبة، ويفتح مجالا للمعاملات خارج السوق الرسمي للعملة الأجنبية مع وجود
قيود من البنك المركزي علي تمويل بعض الأنشطة من خلال البنوك.
ومنذ عام ٢٠١٦ ومع تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتعويم الجنيه، تم تقييد التعامل في النقد الأجنبي خارج القنوات الرسمية مع تشديد الرقابة من البنك المركزي على الصرافات، بزيادة رأسمالها، وتوسع البنوك في فتح صرافات تابعة لها.
وأشار الاتحاد إلى أن هناك مخاوف من نقص مستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعار السلع على المستهلك، وتراجع المعروض من الأدوية، وارتفاع تكاليف الخدمات الصحية،والإخلال بالالتزامات التعاقدية بين المستشفيات ومنظومة التأمين الصحي الشامل.
“ عامر”القرار لا رجعة فيه والبنوك جاهزة للتطبيق
وأكد طارق عامر" رئيس مجلس ادارة البنك المركزي، في أول تعليق على مطالبات بإلغاء القرار، على أن قواعد تنظيم الاستيراد التي تم الإعلان عنها لا رجعة فيها ولن يتم إجراء أية تعديلات عليها.
وأضاف "عامر" أن البنوك المصرية جاهزة لتنفيذ الإجراءات الجديدة بكفاءة، داعيا رجال الأعمال إلى ضرورة الإسراع بتوفيق أوضاعهم وعدم إهدار الوقت في جدال لا علاقة له باستقرار التجارة الخارجية لمصر وسلامة أدائها.
وواصلت الاحتياطات النقدية للبنك المركزي ارتفاعاتها خلال يناير الماضي، لتسجل نحو 40.980 مليار دولار، وهو ما يكفي لتغطية ١٩ شهر من الواردات حسب تقرير لبحوث مباشر.
ويستثنى من تطبيق القرار فروع الشركات الأجنبية والشركات التابعة لها.