نص كلمة وزير الأوقاف بالجلسة الافتتاحية بالمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم بموريتانيا
أشاد مختار جمعة وزير الأوقاف بعنوان مؤتمر: "بذل السلام للعالم" في دولة موريتاينا، مؤكدًا أن السلم والسلام غاية كل نبيل وشريف، وتحقيق السلام مطلب ديني ووطني وغاية إنسانية مشتركة، وأن ألفاظ: "السلم، والسلام، والسلامة، والإسلام" كلها تنبع من جذر لغوى واحد "سلم"، وأهم ما يميز هذا الجذر اللغوي هو السلم والمسالمة.
وفي هذا السياق يأتي حديث نبينا (صلى الله عليه وسلم): "المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ"، وهو ما يعني انتفاء وقوع أي أذى منه لأى إنسان على ظهر البسيطة، ذلك لأن الأذى إما أن يكون قولًا وإما أن يكون فعلًا، واللسان رمز للقول واليد رمز للفعل كتابة أو رسمًا أو ضربًا أو نحو ذلك، وإذا انتفى وقوع الأذى قولًا أو فعلًا انتفى وقوعه مطلقًا وهكذا يكون المسلم مفتاحًا لكل خير مغلاقًا لكل أذى أو شر، فديننا دين السلام، وربنا (عز وجل) هو السلام، ومنه السلام، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) هو نبي السلام، وتحيتنا في الإسلام السلام، والجنة هي دار السلام، وتحية أهل الجنة في الجنة سلام، وتحية الملائكة لهم فيها سلام، وفي الحديث عن ليلة القدر يقول الحق سبحانه: "سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ" ولم يقل: هي سلام فجعل السلام عمدة وأصلًا تدور عليه حركة الكون والحياة، ونهانا ديننا الحنيف أن نسيئ الظن بمن ألقى إلينا السلام، فقال سبحانه: "وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا"، بل نهانا أن نقبض أيدينا عمن مد يده وبسطها لنا بالسلام، فقال سبحانه: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا".
واختتم حديثه أن المسلم ليس سلمًا مع الناس فحسب بل هو سلم مع البشر والحجر والشجر، مع الحيوان والجماد، وصفاء مع نفسه ومع الكون كله، بحيث لا يتصور وقوع الأذى منه، إنما هو رحمة حيث كان، يُحسن اتباع من أرسله ربه (عز وجل) رحمة للعالمين فقال: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، ومهمتنا أن نحمل هذه الرحمة رسالة سلام وأمان للإنسانية جمعاء دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة، كما أكد معاليه أن السلام العادل هو سلام الأقوياء الشجعان الذي له درع وسيف وقوة تحفظه وتحميه، فقراءة السياق القرآني تؤكد أن السلام لا يتحقق إلا للأقوياء فقبل قوله تعالى: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا".
و جاء قوله تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ"، و"ما" هنا هي ما الغائية وليست الابتدائية، والمعنى هنا أقصى ما تستطيعون من إعداد، وإذا كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد قال في سياق عصره: "ألا إن القوة الرمي" كانت رميًا بالنبال والسهام، فالآن صارت رميًا بالراجمات والقاذفات وعابرات القارات والمُسيرات، مما يُحتم علينا الأخذ ببناء قوة تحمي ولا تبغي، مؤكدًا أن قوة الردع أهم من مواجهة الحرب، فالدول التي تمتلك القوة تحقق ردعًا قد لا يُدخلها حربًا أصلًا،ما دام مبدؤها هو السلام، وأن قوتها قوة رشيدة تحمي ولا تبغي، ثم بعد ذلك كله تأتي آية السلام