السفير أحمد أبوالمجد يكتب: كوكب أخضر(١)

مقالات الرأي

شغلني الفترة الماضية كيفية اختلاف الطقس في مصر وكيف أصبح قارسًا، وهذا على غير العادة أن تنخفض الحرارة في أيام إلى دون ١٠ درجات، والشعور بالبرودة الشديدة في بلد دائما ما كانت توصف بأن جوها دافئ شتاءً.

تأثير التغير المناخي في الطقس لم يُصيب مصر فقط إنما أثر على دول العالم كافة،  ولم يقتصر الأمر على انخفاض درجات الحرارة الشديد أو ارتفاعها المبالغ فيه، لكن للتأثير نواحي أخرى عانى منها نحو 4 مليون شخص خلال العقد الأخير تمثلت في كوارث طبيعية بسبب التغير المناخي، منها على سبيل المثال تضرر المحاصيل الزراعية، لذا أصبح التصرف أمر حتمي لإنقاذ الإنسانية.

أتذكر منذ سنوات كانت درجات الحرارة لطيفة في المحروسة ولم نكن في احتياج إلى المدفأة في الشتاء أو التكييف في الصيف إلا في أيام معدودة، لكن حاليًا أكاد أجزم أن الأمر تغير ١٨٠ درجة، وأصبح وجودهما أمر أساسي في عدد كبير من البيوت المصرية. 

كل ذلك قد يرجع إلى الاحتباس الحراري فهي اليوم أعلى بنسبة 50٪ من مستوياتها في عام 1990، وهو أمر يعطينا إنذار بسبب التغييرات التي قد تحدث مستقبلًا وتبدل نظامنا المناخي، وبالتالي لا أخشى أن أقول إن البشرية تمر بمرحلة لا رجعة فيها إذا لم نتخذ اليوم ما يلزم من إجراءات من شأنها التقليل التدريجي لاستخدام الوقود الأحفوري.

بالطبع ليس للإنسان دخل بشكل كامل في التغير المناخي إذ هناك أسباب طبيعية تتمثل في التغيرات التي تحدث لمدار الأرض حول الشمس وما ينتج عنها من تغير في كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض، وهي سبب مهم من أسباب التغيرات المناخية ويحدث عبر التاريخ وأيضًا الانفجارات البركانية والتي تمثل سببًا بيئيًا آخر للتغيرات المناخية الطبيعية.

أما إذا تحدثنا عن التأثير البشري في المناخ، فبداية من قطع الأشجار وإزالة الغابات واستعمال الإنسان للطاقة التقليدية كالفحم والغاز والنفط وغيرها، فهذا يؤدي إلى زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو وبالتالي زيادة درجة حرارة الجو، وبالتالي أصبح الصيف أكثر سخونة  والشتاء يكاد يصل إلى مرحلة الصقيع والتجمد.

لكن ماذا سنفعل أمام التغيرات التي قد تعصف بالبشرية إذا لم نتحرك، التحرك سيأتي من خلال التكاتف الدولي لتحقيق الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي وضعتها الأمم المتحدة في عام 2015 حول العمل المناخي، ووضعت إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره، وللهدف غايات يجب تحقيقها بحلول عام 2030.

وأيضًا من خلال اتفاق باريس 2015 "كوب 21"، حيث تعد أول اتفاقية دولية خاصة بمكافحة تغيرات المناخ على مستوى العالم.

واعتقد أن اتفاق باريس غاية في الأهمية، لأن الهدف الرئيسي تعزيز الاستجابة العالمية لتهديد تغير المناخ عن طريق الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، أو حتى أقل من 1.5 درجة مئوية.. نعم درجة حرارة واحد قد تُغير وتؤثر المناخ وربما تؤدي إلى حدوث اختلال في النظام البيئي على المدى المتوسط والبعيد.

مصر تقترب من استضافة قمة الأمم المتحدة للمناخ "كوب 27 " والتي ستعقد في شرم الشيخ في نوفمبر المقبل، وننتظر أن نرى تحول مصر إلى كونها "المتحدث الفعلي لإفريقيا" في قضايا التنمية المستدامة، وأرى أن "كوب 27" فرصة مهمة لدول القارة السمراء لتوصيل رسالتها الرئيسية إلى العالم، وهي أن البلدان الأفقر تواجه النهاية الكارثية لعواقب تغير المناخ.

يمكن وصف قضية "تغير المناخ" بأنها حالة طوارئ عالمية تتجاوز الحدود الوطنية، وقضية تتطلب حلولًا منسقة على جميع المستويات لمساعدة الدول على التحرك نحو خفض مستوى الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري ولنحافظ للأجيال المقبلة على كوكب أخضر صالح للحياة.