“التضخم” يضع البنك المركزى أمام معادلة صعبة.. ولا مفر من رفع الفائدة
رغم توقعات بارتفاع التضخم محليا وتشديد السياسات النقدية عالميا، ترجح توقعات أغلب المحللين في السوق المصرية إلى تثبيت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري أسعار الفائدة في أولى اجتماعات عام 2022.
ويتوقع خبراء استمرار استقرار أسعار الفائدة في مصر دون تغيير لعدم وجود دوافع لتحريك الأسعار في ظل استقرار معدلات التضخم عند المستوى المستهدف البالغ 7% (+/- 2%)، وتقديم مصر عائد حقيقي مغري لسندات الخزانة الحكومية، وعدم زيادة البنك الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة.
وتستند هذه التوقعات على نقاط عدة منها أن سعر الفائدة الحقيقي في مصر حاليا يقدر بنحو 4%، وهو من بين الأعلى عالميا ما يحافظ على جاذبية تجارة الفائدة حتى إذا ما أقدم الفيدرالي الامريكي على رفع الفائدة في مارس المقبل، وفق بعض الخبراء.
ترجح رضوى السويفي رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس القابضة، تثبيت البنك المركزي أسعار الفائدة عند مستوى 8.25% و9.25% لسعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة على الترتيب، و8.75% لسعر العملية الرئيسية وسعر الائتمان والخصم، للمرة الخامسة على التوالي في اجتماع لجنة السياسة النقدية المزمع عقده الخميس المقبل.
وقالت إن تسارع معدلات التضخم لأعلى خلال الفترة المقبلة أمر «طبيعي» وسط ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتكلفة الإنتاج عالميًّا، بعد أن سجل المعدل السنوي للتضخم العام 4.8% في مايو الماضي من 4.1% في أبريل 2021.
أضافت في تصريحات خاصة، أنه بالرغم من الارتفاع المتوقع للتضخم في مصر خلال الفترة المقبلة إلا أنه سيكون في نطاق مستهدف البنك المركزي أعلى من 5% بنقطتين مئويتين، منوهة إلى أن معدلات التضخم المعتادة في مصر قبل إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي بنهاية 2016 كانت في حدود 7و8%.
وتوقعت السويفي بداية الارتفاع التدريجي للتضخم حتى سبتمبر 2021، متأثرًا بسنة الأساس، وزيادة أسعار السلع العالمية، وارتفاع أسعار المواد الخام، والفواكه والخضروات في موسم الصيف.
فيما رجح آخرون رفع المركزي المصري أسعار الفائدة خلال العام الحالي، وربما في النصف الثاني منه، إذا ما واصل ارتفاع أسعار كل من الفائدة والسلع عالميا وبخاصة الغذائية.
وترى بنوك الاستثمار، أن معدل التضخم فى مصر لا يزال تحت السيطرة بالقرب من الحد الأدنى لمستهدف البنك المركزى المصرى البالغ 7٪ (+/- 2٪) للربع الرابع من عام 2021، متوقعة أن يبلغ معدل التضخم 7.0% في المتوسط في الربع الأول من العام الجارى، حيث توقعت ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية والبنزين ليعكس ضغوط التضخم العالمية، مشيرة إلى أن التدفقات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية مازالت داعم أساسي لصافي الاحتياطي الأجنبي المصري، يتجلى ذلك في ارتفاع مركز صافي الالتزامات الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري (باستثناء البنك المركزي)، والذي ارتفع إلى 7.12 مليار دولار أمريكي في نوفمبر من 4.8 مليار دولار أمريكي في الشهر السابق.
ومع استمرار جاذبية سوق الدين المصري للتدفقات المستفيدة من فوارق الأسعار عند المستويات الحالية، حيث تقدم سندات الخزانة المصرية عائدًا حقيقيًا بنسبة 4% (بالنظر إلى عائد أذون الخزانة أجل 12 شهر عند 13.2% وباحتساب 15% ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين وتوقعاتنا للتضخم عند 7.2 % تقريبا لعام 2022)، على الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يبدأ في زيادة أسعار الفائدة في مارس، إلا أنه من المتوقع أن تقدم أدوات الدين الأمريكية أجل العامين عائدًا حقيقيًا سلبيًا بنسبة -2.2% وفقًا لتقديرات بلومبيرج لعام 2022 بمعدل فائدة على أدوات الدين أجل العامين يبلغ 1.4% ومتوسط تضخم في الولايات المتحدة يبلغ 3.6% خلال 2022-23.
أما عن سيناريو رفع الفائدة والذي بات أقرب من طاولة البنك المركزى، فأشارات بعض التقارير التي إلى أن يبدأ البنك المركزي المصري في رفع سعر الفائدة خلال النصف الثاني من العام الجاري على أقصي تقدير.
وقالت إن رفع سعر الفائدة الأمريكية عن طريق بنك الاحتياطي الفيدرالي يبدو وكأنه قرار محسوم، حيث أعطى الاحتياطي الفيدرالي إشارة في اجتماعه نهاية الأسبوع الماضي، بترجيح رفع أسعار الفائدة الأمريكية في مارس، للسيطرة على التضخم الذي قفز لأعلى مستوى في 40 عامًا.
وعادة ما تحذو البنوك المركزية في العالم حذو الفيدرالي الأمريكي، في حال تحريك الفائدة سواء بالرفع أو الخفض.
وتستخدم أداة الرفع في السيطرة على التضخم في تحفيز الاستثمار المباشر بينما يتم الإبقاء في حال التوازن الاقتصادي واستقرار مكونات الأداء العام.
وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 6.5% خلال ديسمبر مقارنة بنسبة 6% لنفس الشهر من العام السابق، وجاءت هذه الزيادة نتيجة 3 أسباب، أولًا سنة الأساس، إذ انخفض معدل التضخم خلال الشهر ذاته من العام الماضي بنسبة كبيرة، ثانيًا ارتفاع موجة التضخم العالمية التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية المستوردة من الخارج، ثالثًا القرارات الحكومية المتعلقة بتحريك أسعار دعم السلع التموينية. فيما يتوقع البعض قراءات للتضخم مرتفعة في الشهور المقبلة، لكنها قد تبقى ضمن نطاق مستهدف المركزي، وما بين هذا وذاك ترى الحكومة المصرية أن نحو 35% من التضخم في مصر هو تضخم مستورد.
الجدير بالذكر، أن المركزي المصري ثبت حتى الآن أسعار الفائدة على مدار تسعة اجتماعات متتالية، وذلك منذ نوفمبر 2020 الذي شهد خفضا بـ50 نقطة أساس بعد خفض بنفس القيمة في سبتمبر من نفس العام، إضافة إلى الخفض التاريخي بواقع 300 نقطة أساس في مارس 2020.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، اليوم الخميس، أول اجتماع فى عام 2022، لمناقشة أسعار الفائدة في الفترة المقبلة، وتوقعت بنوك استثمار الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية دون تغير على الرغم من الضغوط المتزايدة.