أحمد أبو المجد: مصر الذكية
نحن نقف عند فجر حقبة جديدة تعمل الثورة التكنولوجية على تغيير حياتنا بسرعة هائلة، مما يغير بشكل كبير الطرق التي نعمل ونتعلم بها، وللثورة الرقمية أثر بعيد المدى كما كان للثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.
وتتجسد رؤية مصر للتنمية المستدامة فى إنشاء نموذج إنمائي أساسه التكنولوجيا الحديثة والاقتصاد القائم على المعرفة، محوره الإنسان وموجه نحو التنمية وتعزيز استخدام العلم والتكنولوجيا والابتكار من أجل التنمية.
وفى الجمهورية الجديدة تحذو مصر خطواتها نحو إنشاء مدن ذكية مستدامة تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة، وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية، وتلبي في الوقت ذاته احتياجات الأجيال الحالية والقادمة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والثقافية.
ومن هنا تأتى أهمية استخدام الذكاء الاصطناعى والتحول الرقمى لإنشاء المدن الذكية والمستدامة، ومما لا شك فيه أن التحول الرقمى والمعلوماتى واستخدام التكنولوجيا الحديثة والمدن الذكية هى جزء لا يتجزأ من أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وتتوافق رؤية مصر مع الهدف الحادى عشر من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة "مدن ومجتمعات مستدامة"، وأيضا الترابط بين أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف الرابع التعليم الجيد، الهدف الثامن العمل اللائق ونمو الاقتصاد، الهدف التاسع الصناعة والابتكار والبنية التحتية.
وإذا نظرنا إلى عناصر التنمية المستدامة لإنشاء المدن الذكية يعتبر التحول الرقمي أحد الملامح الرئيسة لعالم اليوم الذى تجاوز فيه مستخدمو الإنترنت أكثر من 4.6 مليار نسمة يمثلون أكثر من 59.6 % من سكان العالم في مايو 2020، وقد صاحب هذا التوسع الكبير فى استخدام الإنترنت الانتشار الواسع للتقنيات الرقمية المعتمدة على الشبكة الدولية وتطبيقاتها، والقائمة على جمع وتخزين وتحليل وتبادل البيانات والمعلومات والمعارف في كافة مجالات الحياة.
وفي السياق ذاته، يعتبر الذكاء الاصطناعي الحدود الجديدة للإنسانية بمجرد عبور هذه الحدود، سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى شكل جديد من الحضارة الإنسانية والمبدأ التوجيهي للذكاء الاصطناعي ليس أن يصبح مستقلًا أو يحل محل الذكاء البشري، ولكن يجب علينا أن نتأكد من تطويره من خلال نهج إنساني قائم على القيم وحقوق الإنسان.
وإذا انتقلنا للحديث عن "رؤية مصر 2030" فإنها قائمة على استراتيجية مهمة وقوية فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هدفها الأساسى بناء «مصر الرقمية»، من خلال التحول إلى الاقتصاد الرقمى والتحول المالى الرقمى والخدمات الرقمية من أجل تطوير مجتمع قائم على المعرفة، وتنفذ تلك الاستراتيجية عبر تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتعزيز الشمول الرقمى وتحقيق الشمول المالى وضمان الأمن المعلوماتى وتطوير المهارات والوظائف والإبداعات الرقمية.
وتستند رؤية مصر 2030 على مبادئ "التنمية المستدامة الشاملة" والتنمية الإقليمية المتوازنة، وتعكس رؤية مصر 2030 الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي.
ولا يمكن الحديث عن التنمية المستدامة والمدن الذكية دون التطرق إلى "العاصمة الإدارية الجديدة " خير شاهد على انطلاق التحول الرقمى كمدينة ذكية دون أية معاملات ورقية، وأيضًا خير مثال على تحقيق اهداف التنمية المستدامة بشكل تكاملى.
حيث سيتم استخدام تطبيقات متخصصة وأخرى تشاركية سيتم إتباعها فى العمل الحكومي، مع العمل على رقمنة ما يقرب من مليار وثيقة حكومية متداولة وفقا لتصريحات وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
كما تقوم وزارة الاتصالات بتنفيذ مشروع انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة لتحقيق نقلة نوعية فى الأداء الحكومى لتصبح حكومة رقمية تشاركية لا ورقية.
وستكون الحكومة التشاركية سيدة الموقف فى جميع التعاملات فى العاصمة الإدارية ولن يكون المواطن فى حاجة للتوجه للعاصمة لإجراء خدمة حكومية ويمكنه أداؤها من خلال منصة مصر الرقمية من خلال منافذ الخدمة التابعة للوزارة بمحافظته.
ونتيجة للجهود المبذولة فى السنوات الماضية تم اختيار العاصمة الإدارية الجديدة لتكون العاصمة العربية الرقمية خاصة أنها تحتضن جهود تحقيق التحول الرقمي، وتنمية المهارات والقدرات الرقمية، وتحفيز الإبداع الرقمى فى بيئة ذكية، متكاملة، ومتجانسة، ونظام إيكولوجى يضم شراكة راسخة بين كل أصحاب المصلحة لخدمة أهداف التنمية المستدامة وخدمة المشروع الوطنى الأكبر «مصر الرقمية».
أحمد أبو المجد:
- سفير للتنمية المستدامة لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية
- استشاري تحليل النظم المالية بالمملكة المتحدة وخبير برمجيات مايكروسوفت.
- نائب الأمين المساعد لمنظمة دعم الدولة للإعلام السياسى.