"صنعة وشياكة وبساطة".. محمد رمضان يبدع في معرض ديارنا بالمنيا للأثاث
“الصالون ده خشب زان أحمر رومانى، من أجود أنواع الأخشاب، ومبخر ليتحمل الحرارة والرطوبة”، بهذه العبارات بدأ محمد رمضان الشطوي، في الشرح لزائرة لمعرض ديارنا بالمنيا، خامة الصالون إلى انتجه، ويطرح أمامها الألوان المختلفة التى يمكن أن ينفذها لها، إذا أرادت ألوانا أخرى للأنتريه أو الصالون غير الموجودة بالمعرض.
من مدينة الأثاث التى افتتحها الرئيس السيسي أواخر 2019 بالمنطقة الصناعية بدمياط، جاء محمد رمضان بتشكيلة كبيرة من غرف النوم والسفرة والانتريهات والصالونات، من إنتاج ورشته وورشة أخيه عمرو.
محمد وعمرو ورثا المهنة من عائلتهما، وبمجرد الإعلان عن ورش مدينة الأثاث بادرا في الحصول على ورش بها، وأيضا مكانا بمعرض المدينة.
رغم هذا يؤكد محمد أن: "معارض ديارنا توفر لنا الدعاية الأكبر، دعاية تستمر طويلا ولا تتوقف فقط على أيام المعرض، كما أنها تشجع الناس على الشراء، لأن الجمهور يعرف أن وزارة التضامن الاجتماعي تحرص على جودة المنتج المعروض بمعارض ديارنا، بالاضافة إلى مراقبتها لنسبة الربح، بحيث تبقى الأسعار معقولة".
"أويمجى من دمياط"
لسنوات طويلة تميزت دمياط بالصالونات وغرف النوم والسفرة المطعمة بالأويما اليدوية، التى تحول قطعة الأثاث للوحة فنية تنبض بالحياة، وتحمل روح وفن وخيال الأسطى الأويمجي، الذي ينقل هذا الفن إلى أولاده وتلاميذه في الصنعة، وهي الفن الذى استطاع أن يحمي صناعة الاثاث بدمياط من غزو الأثاث الصينى للأسواق، بالاضافة إلى الجودة والاتقان في الصنعة.
"الزبون الآن يبحث عن الشياكة دون أن يستغني عن الجودة ولمسات الأصالة، ولهذا تشهد الأنتريهات المكسية أو المغطاة بالقماش إقبالا كبيرا، بحيث لا تظهر فيها أعمال الأويما، التى تميز الشغل الدمياطي، وقد جلبنا للمعرض تشكيلة من الأنتريهات المغطاة وأيضا صالونات الأويما، التى نعتبرها حرفتنا التى ورثناها إلى جانب التشطيب والتنجيد والنجارة".
يشرح محمد مراحل صناعة الصالونات: "تمر صناعة الصالونات بعدة مراحل، تبدأ برسم اسكتش مصغر ثم تحول إلى رسم أجزاء أكبر، ثم يتم تجميع جانب واحد من الكرسى أو الكنبة من الخشب ثم مقابله من الناحية الأخرى، ثم تبدأ مرحلة الأويما وبعدها مرحلة التشطيب والدهان ثم التنجيد".
فن النحت علي الخشب أو فن الأويما يعتبر من أقدم الفنون الحرفية التي عرفها الإنسان منذ القدم، وازدهرت بشكل كبير في العصر العثماني، داخل وخارج الأبنية المختلفة ومآذن الجوامع وحوامل المصاحف وخزائن الملابس وغيرها.
وتعدد ظهوره حديثا في ديكورات الأسقف والأبواب والتابلوهات وفي قطع الأثاث المختلفة، وفي الأغلب يميل الأويمجي إلى نحت الورود والأزهار وأوراق النباتات، لكن بعض الفنانين يجربون الآن تجسيم البيوت والطبيعة على الكنب والمقاعد، وتلقى قبولا من الجمهور المصري.
"شياكة وبساطة وجودة"
محمد صاحب ال 29 سنة، وخريج دبلوم صناعي قسم زخرفة واعلان، تعلم فن الأويما والزخرفة منذ الصغر على يد خاله، وساعدته دراسته الثانوية في الزخرفة، على معرفة المزيد فيما بعد.
يستفيد محمد من تصميمات الأثاث المتاحة على الانترنت ويضيف إليها من لمسات خبرته، ليلبي ذوق الجمهور الذى يبحث عن الشياكة والبساطة، وفي الوقت نفسه يحرص على استخدام الأخشاب الطبيعية، أكثر من المصنعة التى تميز الأثاث التركى.
"الجمهور يميل الآن لما يوفر له الراحة والرفاهية، كالمودرن المزود بالاضاءة والاستنالس، لكن لاتزال هناك نسبة كبيرة من جمهور الصعيد تطلب شغل الأويما".
يزاوج محمد في تصميمه للدولاب بين الجرار وبين الضلفة، ويضعهما في تصميم واحد، ويقصر السفرة على 6 كراسي فقط بدلا من 8، وينصح دائما زبائنه قائلا:" لا تملأ الشقة بالأثاث، يعنى أترك مساحة كبيرة للحركة داخل الشقة، لأن إحساس الوسع مريح، اختار حجم أثاث صغير وعدد قطع أقل، إذا كانت شقتك صغيرة، واستغل الفراغات بتصميمات تناسبها، يعنى الدولاب الجرار أفضل للمساحات الصغيرة من الدولاب ذي الضلفتين".
يختصر محمد مساحة التسريحة في غرف الأطفال، بأن يزود الكومودينو الموجود بين السريرين بمرآة، "هى إضافة جمالية للغرفة، بالاضافة لوظيفتها الأصلية أيضا"، والسرير عرض 120، وعليه زخرفة بالليزر على الأبلاكاش، والدولاب بعرض مترين وملون، ويتراوح سعر الغرفة من 13- 15 ألف جنيه وذات جودة عالية.
"أطلب وإحنا ننفذ"
يعمل مع محمد رمضان 10 عمال، منهم 5 للدهانات و5 للتنجيد والنجارة والتشطيبات،، دخل كل منهم الشهرى نحو 4 آلاف جنيه، سواء من يحاسب بالقطعة أو اليومية، وتحرص الورشة على استخدام الأخشاب الزان أو البياض، والسويد أو الأبلاكاش وكذلك الأخشاب المصنعة مثل الكونتر، واستخدام الاسفنج الجيد الذى يعود إلى شكله بعد أن تقوم من عليه ويريحك عندما تجلس، وكذلك السوست والفايبر من النوع الجيد، الذى يحافظ على الأنتريه.
أما الصنعة فيحرص على أن يعطى للخشب طبقة معجون قبل الصنفرة، ثم بوليستر عازل ثم صنفرة، ثم وش بطانة ثم صنفرة، ثم وش أول دهان، يليه وش لامع زجاج.
"يمكن للعروس أيضا أن تطلب من ورشتنت تنفيذ تصميمات من اختيارها، وبالألوان والخامات التى تريدها، وعلينا التنفيذ، "نحدد المقاسات المطلوبة، ثم نرسم الشكل المناسب للطراز ولمساحة الغرفة، ثم ننقل الرسم إلى الخشب، ونصنعه بخبرة تراعي أصول الصنعة وطبيعة الخامات، ويزيد ثمن الغرفة كلكما احتاج عمال الأويما إلى وقت وحرفية أعلى".
ينصح محمد العروس وأهلها، بألا ترهق نفسها ولا أهلها ولا زوجها بأثاث أعلى من مقدورهم، ويضطرون بعدها للحياة تحت ضغط التقسيط أو الاقتراض.
كعادة النجارين يطرق محمد على خشب ضلفة الدولاب ويقول للعروس ووالدتها: "تعرفي الخشب الكويس لو خبطت عليه وطلع صوت مكتوم يبقى كونتر، ولو رن الصوت يبقى مكبوس مش حلو، والتقفيل لازم يكون بالزان عشان الشغل يعيش".
"خامات تحت رقابة الدولة"
يرى محمد رمضان أن مدينة الأثاث مكان مميز لتصنيع الموبيليا، ويتمنى أن يضاف إليها خدمة توفير الخامات، كالدهانات والأقمشة والتنجيد والخشب، تحت رقابة الدولة، محاربة لاحتكار البعض لاستيراد وتجارة الأنواع المختلفة من الخشب، وضبطا للسوق، وحماية لصناعة الأثاث الدمياطي، صاحب الشهرة العريقة.
ويتمنى محمد أن تهتم الدولة بفتح أسواق للأثاث خارج مصر، خاصة في دول إفريقيا، في كينيا وأوغندا ونيجيريا، تحت اشراف مدينة الأثاث ووزارة التضامن.
كما يتمنى أن يكون لعمال الأثاث تأمينا صحيا، وأن تتغيير قوانين التأمينات والمعاشات، لتسمح بأن يحصل العامل على المعاش بعد سن الستين، وليس الخمسة وستين، لأنه مع تقدم العمر تقل قدرة العامل على العمل لساعات أطول، وبالتالي يقل دخله.