طارق الشناوي يكتب: عبد الناصر وزواج أم كلثوم!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

كتبت الأستاذة الصحفية الكبيرة صفية مصطفى أمين، أمس، أنها وهى تقلب مذكرات أبيها استوقفتها حكاية أن أم كلثوم طلبت من مصطفى بك ألا ينشر عام 54 خبر زواجها من د. حسن الحفناوي، وقال لها من الممكن أن أفعل ذلك في كل إصدارات أخبار اليوم ولكن لا ولاية لي على باقي الجرائد، طبعا لو كنا في زمن (السوشيال ميديا) لوجدنا الخبر- حتى قبل أن يصبح خبرا- صار متداولا في كل المواقع.


 

كان الحس الوطني هو هدف أم كلثوم حتى لا يؤثر نشر الخبر على الاحتفال بعيد الجلاء، وهو ما دفعها لمخاطبة ناصر مباشرة لتأجيل النشر، وعيد الجلاء 56 وليس 54، فغالبا كان كاتبنا الكبير يقصد الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة يوليو.


 

التفاصيل قطعا ممكنة، أم كلثوم قريبة من وجدان عبد الناصر وهى تدرك ذلك، والرسالة أيضا التي تحملها ترضى الرئيس. مصطفى توقع أنها تراجعت عن إعلان زواجها من د. حسن الحفناوي لأنه كان متزوجا، وما لم يتطرق إليه كاتبنا الكبير في مذكراته أنه عندما كتب مقال (جنازة حب) عام 46 على صفحات (أخبار اليوم)، الذى أشار فيه إلى إيقاف مشروع زواج أم كلثوم من الموسيقار محمود الشريف لأنها لم تكن تعلم أنه متزوج وأنها لا يمكن أن تبنى سعادتها على أنقاض بيت امرأة أخرى.


 

وكالعادة الناس تنسى، فلم يقل أحد لماذا ترضى (الست) هذه المرة بلقب الزوجة الثانية؟، وكما قال لي الموسيقار محمود الشريف فإنه كان صديقا لحسن الحفناوي وهو الذى عرفه بأم كلثوم، وبعد توقف مشروع زواجه من أم كلثوم ظل على تواصل معه، وأن أم كلثوم كانت تعلم بزواجه بل كثيرا ما جاءت لمنزله وتناولت (الملوخية) التي كانت زوجته فاطمة تبرع في طهيها.


 

ما استوقفني ليس تصحيح التاريخ ولا حتى تناقضات أم كلثوم في علاقتها بالزوجة الثانية، ولكن تدخل الدولة ممثلة في أعلى سلطة لمنع نشر خبر فنى لا يشكل أدنى تعريض بأم كلثوم ولكن لهدف آخر له علاقة بالوطن.


 

سبق في نهاية التسعينيات أن أجرى الصحفي والإعلامي الكبير وائل الإبراشي حوارا مع وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل، على صفحات (روزاليوسف)، وسأله عن حقيقة شائعة أنه في نهاية زمن أنور السادات منع ميادة الحناوي من دخول الأراضي المصرية بحجة الحفاظ على الأمن القومي، أكد النبوي صحة الخبر وأنه اضطر إلى إصدار هذا القرار بعد زيارة عبد الوهاب لمكتبه.


 

وطلب منه منع ميادة من دخول البلاد طبقا لتعليمات السيدة زوجته نهلة القدسي، بعد أن لمحت نهلة أثناء بروفات أغنية (في يوم وليلة) قبل أن يسندها إلى وردة، أن إعجاب عبد الوهاب تجاوز مجرد الثناء على صوتها، فكان ينبغي أن تعاقب بمنعها من دخول مصر، وقال النبوي للإبراشي إنه اتخذ هذا القرار من منظور أمنى بحت، لأنه يعتبر أن الأمان العاطفي لبيت عبد الوهاب هو أيضا أحد أشكال الأمن القومي للوطن.


 

لم تكن المرة الأولى، هناك تفاصيل عديدة في علاقة السلطة بالنجوم، وكلنا نتذكر عام 64 بعد أن هاجم عبد الحليم أم كلثوم على الهواء، مشيرا إلى أنه اعتبر غناءه بعدها مقلبا، ومن بعدها منعته من الغناء معها في عيد ثورة يوليو، فكان يغنى في عيد النصر.


 

الأوراق متعددة ولكن في النهاية لا يمكن عزل الشأن الوطني تماما في صراعات النجوم الاستثنائيين، مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفاتن حمامة وسعاد حسنى، والأمر يستحق مساحة أخرى!!.


 

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).