الدكتور خالد صلاح يكتب: وساوس حياتية...
وَسْواس لغة: وسواس بفتح الواو وتسكين السين هو اسم للصوت الخفي من الريح والجمع وساوس.
والوسواس: الشيطان، ووساوس الشيطان همزاته وإغراءاته.
والوسواس في علم النفس والصحة النفسية هو القلق الناتج عن اضطراب نفسي يحدث للفرد من كثرة الهموم والانشغال بشيء ما.
والوسواس حالة تتميز بالوساوس التي تؤدي إلى سلوكيات وأفكار متكررة غير مرغوبة والقيام بأفعال معينة غير منطقية ويعجز الفرد على إيقافها، وعادة ما تدخل في الحياة اليومية وتستمر لفترة زمنية ليست بالقصيرة من العمر الزمني اليومي خلال الأربعة والعشرين ساعة.
وتتمثل هذه الوسواس في أفكار ودوافع تقهر فكر وعقل كل فرد دون تفريق لجنسه ولونه ونوع تعليمه وسواء كان غني أو فقير، فكل فرد له وساوسه التي ترتبط ارتباط كلي وجزئي بحياته الاجتماعية والنفسية وتاريخه الاجتماعي، سواء كانت الوساوس هذه في صورة هواجس تأتي في الأفكار والدوافع المستمرة التي تظهر بصورة متكررة فتجعل الفرد يشعر بالقلق وعدم الارتياح وصعوبتها في الاحتفاظ بها وتكرار حضورها في ذهن الفرد.
وتأتي الوساوس أحيانا في صورة دوافع وانشطة متكررة تجعل الفرد مدفوع لفعلها خوفا من حدوث شيء له والقلق المزمن من عدم قيامه بذلك كالتحقق المستمر من النظافة وغسل اليدين مرارا وتكرارا، وتكرار الانشطة بشكل روتيني، والإكراهات العقلية والفكرية لحدث ما، وتكرار الكلمات والأسماء بصوت عال والسؤال المتكرر للآخرين أنه كل شيء بخير مما حوله.
فالوساوس تنتاب كل فرد فينا خاصة في ظل ضغوطات الحياة وتقلب أحداثها وصعوباتها والمسئوليات التي تلقى على عاتق كل فرد في المجتمع، فالأب في الأسرة ينتابه وساوس المسئوليات العائلية واحتياجات أسرته والراتب الذي لا يكفي حاجات أبنائه خاصة لو كان معلمًا ويعول أسرة كبرت أو صغرت في أعدادها؛ فالمشكلة في قلة الدخل وزيادة لما يطلب منه من احتياجات؛ فأما أن يتزهد ويزهد أسرته أو يبحث عن عمل إضافي مهما كان نوعه، أو ينحرف لاي عمل يأتي له بمصدر مالي يسد احتياجات أسرته.
والطالب ينتابه وساوس الاختبارات والكتاب الجامعي الذي لم يعد في متناوله بعدما أصبح من عائلة الألياف البصرية ويصعب عليه اقتنائه بعدما كان يحصل عليه في بعض الأحيان بالمجان من أساتذته في الجامعة.
والوساوس تنتاب العمال وخاصة مما كانوا يعملون في صناعة وطباعة الكتب بعدما أصابت عملهم إما بالتوقف أو التقليل في الإنتاج نتيجة الاختراعات والابداعات التكنولوجية البشرية.
والوساوس تنتاب الذين لم يجدوا فرص عمل نتيجة عدم تكافؤ بين مؤهلاتهم وما يحتاجه أو يوفره المجتمع من وظائف أو خطأ في منظومة لا تقوم على تخطيط مسبق لما يحتاجه المجتمع من تخصصات.
أو وساوس تنتاب شباب وفتيات نتيجة تأخر أعمارهم وكثيرا منهم تركهم قطار الزواج دون أن يمر حتى عليهم، فكل هذه الوساوس تنتاب كل فرد في المجتمع؛ ولكن تختلف في الدرجات من فرد لآخر طبقا للصحة النفسية للفرد وتكوينه الشخصي والنفسي،، فربما نجد أفراد لا تستمر معهم لفترة طويلة وربما نجد افراد تستمر معهم فتسبب لهم مشاكل في العلاقات الاجتماعية بالآخرين وعدم القيام بالمسئوليات والهروب منها أحيانا وربما يتضاعف الأمر ليكون الفرد ضحية لمرض نفسي مزمن أو يختار لنفسه طريق للخلاص من هذا كله بفكرة الانتحار نتيجة عدم تحمل العقل الباطن لما يواجهه فيتعطل التسجيل الداخلي للأحداث التي حوله.
ويمكن هذا يوضح بعض الشيء انتشار ظاهرة الانتحار في الآونة الاخيرة أن لم يكن السبب الرئيسي ولكن الشيء المؤكد يتمثل في أن معظم القضايا والمشكلات الاجتماعية سببها وساوس حياتية تنتاب كل فرد في المجتمع وليست الخطورة في ورودها على ذهن كل منا وانما الخطورة في استمرارها واحتلالها حيز كبير من تفكيرنا.
فالحل في أن لا يستسلم الفرد لهذه الوساوس ويغير من وضعيته التشريحية الحركية والذهنية وأن يعمل على اتباع الطريقة الصحيحة لحل المشكلات وخطواتها وإن عجز عن ذلك ففي صحبة رشيدة الحل أو التوجه لتعاليم معتقده ومذهبه الصحيح، أو ربما يأتي الحل ممّا يحيطون به أو مسئولين عنه على غير العادة والمألوف.
فالوساوس الحياتية شيء طبيعي
ولكن القلق في استمرارها
[email protected]