"أين ذهب طباطبا؟".. نكشف مصير أحد أقدم الآثار الإسلامية بعد عام من نقله
تواصلت بوابة “الفجر” الإلكترونية مع عدد من المصادر داخل وزارة السياحة والآثار للإجابة عن تساؤلات حول مصير مشهد آل طباطبا الأثري، والذي كان قد تم تفكيكه تمهيدًا لنقله من مكانه الأصلي، إلى ساحة المتحف القومي للحضارة كما أعلن وقتها، وقد مر ما يقل قليلًا عن العام على نقله دون اية أخبار عن تطورات هذا المشروع الذي بدأ في فبراير 2021م.
وقد حاولت بوابة “الفجر” التواصل مع رئيس هيئة المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، أو مع رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، أو مع المكتب الفني لمكتب الأمين العام للاستفسار منهم ولكن لم نتلق منهم أي رد حتى الآن.
لمطالعة تفاصيل مشروع نقل مشهد آل طباطبا اضغط هنا
وكشفت المصار، أن مشهد آل طباطبا لن يُنقل إلى ساحة المتحف القومي للحضارة المصرية كما كان معلن، بل سيتم نقله لمكان آخر قريب أيضًا من المتحف، ورجحت المصادر أن المكان سيكون في أحد جوانب حديقة الفسطاط الجديدة خلف متحف الحضارة، مشيرين إلى أن أحجار المشهد الذي تم فكه موجودة حاليًا في مكان قريب من الحديقة.
وعن ملابسات فك ونقل مشهد آل طباطبا قال المصادر إن مكتب الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار بعث للوحدة الإنتاجية يسأل عن سر توقف العمل في موقع المشهد الأصلي والذي كانت هناك بعض أجزاء منه موجودة حتى الأن في مكانه، وهي أجزاء أسفل ماء الموجود بحيرة عين الصيرة، وطالبهم مكتب الأمين العام بضرورة استكمال العمل هناك سواء في استكمال الفك أو إعادة البناء.
وكشفت المصادر أن المشروع منذ البداية كان سيتم طرحه من قبل وزارة الأثار ممثلة في قطاع الأثار الإسلامية، والذي كان مقررًا أن يُطرح مشروع فك وإعادة تركيب مشهد أل طباطبا، وقام الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار بإسناد المشروع للوحدة الإنتاجية للوزارة فيما قام أحد مستشاري الوزارة بجلب شركة أخرى لعمل مقايسة مشروع فك وإعادة التركيب ولاند سكيب بتكلفة 3 مليون جنيه.
وأضافت المصادر أن شركة المقاولون العرب كانت قد قدمت دراسة استشارية للمشروع بتكلفة 45 مليون جنيه يتضمن خفض منسوب المياه الجوفية وتدعيم الأساسات وفك وإعادة تركيب المشهد الأثري في مكانه، حيث كانت المياه الجوفية والتحت سطحية الموجودة بالمكان ستتم لها عملية ديب فريزنج، بحيث سيتم تجميد المياه أسفل المشهد وجدرانه وأساساته، وحينما تتجمد المياه ستصبح مثل الكتلة الحجرية وبالتالي تساهم في تحمل الوزن كذلك لن تكون مصدرًا لرطوبة الأثر بالتالي لن تؤدي إلى تلفه، وكانت ستتحمل هذه التكلفة وزارة الأوقاف.
الأمين العام حينها أخبر وزير السياحة والأثار أنه سينفذ المشروع بالجهود الذاتية للوزارة من خلال الوحدة الإنتاجية بتكلفة أقل، والوحدة بدورها قدمت عرضا بـ 7 مليون جنيه، إلا أن أحد مستشاري الوزارة جلب شركة قدمت عرضا قدره 3 مليون جنيه، وأحد المتخصصين في الترميم حينها حذر من ضياع الأثر خاصة أنه لم يتم عمل جسات أسفل المشهد ولا حفائر، وهو ما سيؤدي لطمس الأثر مما جعل الشركة تتراجع وتم في النهاية إسناد الأمر لمقاول جديد بإشراف من قطاع الأثار الإسلامية والوحدة الإنتاجية وتم فك أحجار المشهد وحاليًا "مخزنة"
الباقي حاليًا من الأساسات يقال أنه من المفترض أن يتم عمل حفائر والتي من الممكن أن تكشف عن الكثير أسفل المكان ولم توضح المصادر أكثر من ذلك، وأحجار المشهد والضريح الأثري موجودة حاليا في مكان قريب من المتحف ورجحته المصادر بنسبة كبيرة أن يكون البيت الطولوني بجوار متحف الحضارة.
وقد طرح المتخصصون عدد من الأسئلة التي تظل بلا إجابة في ظل سكوت الوزارة وامتناعها عن الرد، هل تم فك أحجار المشهد بالطرق العلمية السليمة المتبعة؟ هل تم ترقيم الأحجار لضمان إعادة تركيبها كما هي دون تغيير في طبيعة الأثر؟ هل تم عمل معالجة كيميائية للأحجار قبل فكها وتشوينها؟، فالإجراءات السابقة حسبما أفادت المصادر تجعل عملية إعادة البناء سهلة وسليمة.
وأكدت المصادر أن الطريقة التي تم بها فك أحجار مشهد آل طباطبا ليست علمية ولا صحيحة وهي الطريقة التي التي غيرت الطبيعة الأثرية للمكان وهويته التاريخية بنسبة 100% حسب تعبير المصادر.
مشهد آل طباطبا تاريخيًا
مشهد آل طباطبا هو الأثر الوحيد المتبقي من الدولة الاخشيدية 934- 969م ويقع في قرافة الإمام الشافعي، وكان يقع مشهد آل طباطبا على بعد (500متر) إلى الغرب من مسجد الإمام الشافعي وعلى بعد (230 مترًا) شمال بحيرة عين الصيرة.
والمشهد يعد من أقدم ألاثار الإسلامية بعد قناطر وجامع أحمد ابن طولون، وينسب هذا المشهد إلى أبوإسحاق إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن بن على بن أبي طالب رضي الله عنهم زوج السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأمه هي السيدة محسنة بنت عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
ويضم مشهد "آل طباطبا" رفات الذين ينتهي نسبهم الشريف إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يرجع تاريخ إنشائه إلى القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، في تجسيد رائع للأضرحة في عمارة مصر الإسلامية.
والمشهد كان عبارة عن مستطيل غير منتظم يبلغ طوله 30 × 20 عرضا، وفي نهايته الجنوبية يوجد قبتان، وفي الجزء الشمالي الشرقي من سور المشهد يوجد المدخل، وإلى يساره يوجد مبنى حديث عبارة عن حجرة مربعة يغطيها قبة، وبهذه الحجرة يوجد بئر يغذى المشهد بالمياه.
وكان يتصل بجدار حجرة البئر مبنى مستطيل مقسم إلى ست حجرات صغيرة بعضها مربع والآخر مستطيل وقد اختلفت تغطية هذه الغرف باختلاف أحجامها فالغرف المربعة مغطاة بالأقباء المتقاطعة والقباب، أما الحجرات المستطيلة فمغطاة بالأقباء.
وبهذه الغرف الست يوجد مقابر عائلة طباطبا، وتتصل بمكان الصلاة بباب في الجهة الغربية، أما مكان الصلاة فيتكون من مربع يبلغ طوله 18 مترا تقريبا مبنى من الآجر وفي الجدار الشرقي يوجد المحراب، ويقسم المربع إلى ثلاثة أروقة صفان من الدعائم المتعامدة بأركانها أربعة عمد ملتصقة ويغطى كل المسجد تسع قباب بكل رواق ثلاث منها.
ويشبه هذا المشهد في تصميمه مشهد السبعة وسبعين ولى بأسوان ومئذنة بلال بالقرب من السد العالي، وكان يعاني من المياه الجوفية منذ سنوات.