“لجنة الحوار الدولى”... الحسنة الوحيدة
للتأكيد على دور الأحزاب السياسية ما بين الاستقرار والموت السياسى شعرة بسيطة، يشعر بها المواطن البسيط والسياسى المخضرم، والطبيعى أن يسعى الجميع إلى الاستقرار، وألا يتمنوا الموت للسياسة.
ورغم الدور الذى يجب أن تلعبه أى دولة فى خلق مساحة للحراك السياسى، لما فى ذلك من أهمية كبيرة على كل المستويات، الاقتصادية والاجتماعية، لكن ليس على الدولة إدارة هذا الحراك ووضع برنامجه، وهنا يأتى دور الأحزاب والكيانات السياسية لتكون أكثر فاعلية فى طرح البرامج والأسئلة وخلق نقاشات موسعة حول القضايا الكبيرة التى تشغل المواطن.
إلا أن الأحزاب والكيانات السياسية فى مصر انقسمت إلى قسمين؛ الأول انضم إلى ركب الحكومة، مؤيدا ومشجعا لكل ما تقوم به، والثانى التزم الصمت مفضلا الابتعاد عن كل شىء بما فيها السياسة التى تعد مهمته الأولى، أو إصدار بيانات تنتقد تحركًا ما، لكنها بيانات تعبر عن مأساة هذه الكيانات فلا تعرف حقيقة الوضع الذى تكتب عنه ولا تفهمه، وتعتمد فى هذه البيانات على شعارات شعبوية لا تقدم أى حل ولا تنهى أى أزمة.
هكذا جاء عام ٢٠٢١ لتظهر الخريطة السياسية فى مصر خاوية من أى تحرك سياسى حقيقى، سواء فى مجلس النواب أو الشيوخ، سوى بعض المداخلات والاعتراضات التى أبداها بعض النواب على استحياء ولا يمكن اعتباره حراكًا سياسيًا جادًا، وإنما مجرد «تنفيس».
الأحزاب من المفترض ألا يتوقف نشاطها على الداخل فقط، وإنما فى العادة يكون لها نشاط خارجى، تساعد فى تحسين صورة الدولة فى المجتمع الدولى خاصة فى حالة كالدولة المصرية التى يتربص لها الكثير فى الشرق والغرب، وتواجه تحديات كبيرة على كل المستويات، بالإضافة إلى أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية الذين ينشطون فى أكثر من دولة ويحصلون على دعم كبير من دول ومنظمات لا تريد لدولة المصرية الخير، للأسف غابت الأحزاب عن هذا الملف بشكل كبير، كغيابها عن الشارع والسياسة الداخلية، إلى أن ظهر النور من نهاية النفق، بتأسيس ما عرف باسم «لجنة الحوار الدولى»، وهى مبادرة أطلقها البرلمانى السابق محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، فى مارس الماضى، تحت شعار «بالمنطق والحكمة والدليل والبرهان»، فى إشارة إلى الدور الذى تأمل به اللجنة فى تحسين صورة مصر الخارجية عن طريق تحرك «شعبى وحزبى».
ضمت اللجنة شخصيات عامة ونواب من مجلسى النواب والشيوخ، وضمت السادات، والسفيرة مشيرة خطاب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، وعضو مجلس الشيوخ أشرف ثابت، وأعضاء مجلس النواب سحر البزار وإيهاب رمزى وفضية سالم ويوسف الحسينى.
ورأت اللجنة أن من أكثر ما تتعرض له مصر خارجيا هو الهجوم عليها بسبب ملف «المعتقلين»، وبذلك تحرك سريعا بدعم من المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ، وبالتواصل مع المستشار حمادة الصاوى النائب العام، ووضع آلية للتنسيق مع المكتب الفنى للنائب العام وأجهزة الأمن والمعلومات، للعمل على هذا الملف الشائك.
وبحسب الآلية التى ساهم فى وضعها رئيس مجلس الشيوخ، تتولى مجموعة الحوار الدولى عرض ملفات المحتجزين من أصحاب الحالات الإنسانية أو من صدرت ضدهم أحكام وقضوا نصف أحكامهم بالفعل ومنهم من استنفدوا مدد الحبس الاحتياطى المقررة قانونا لعامين.
ونجحت بالفعل اللجنة فى الإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين، والنجاح الأكبر للجنة أنها حركت المياه الراكدة، وبدأ الأمل يدب فى نفوس البعض لتعود الحياة السياسية المصرية لتنشط من جديد، وتمارس كل جهة دورها، الأحزاب تقدم مبادرات وتنشط، والبرلمان يدعم تحركاتها، والحكومة تستجيب، لأن هدف الجميع فى النهاية هو خلق حالة من الاستقرار السياسى وليس الموت السياسى.