عائشة نصار تكتب: رعب أوروبى من «هجمات الكريسماس»
تحذيرات فرنسية وألمانية وبريطانية.. واستنفار أمنى ودوريات مكثفة فى الشوارع والميادين
الخارجية الأمريكية: ارتفاع الهجمات الإرهابية دوليًا بأكثر من ١٠٪.. وانتشار شبكات
حالة استنفار قصوى تشهدها الأجهزة الأمنية فى أوروبا، تأهبًا لأية هجمات إرهابية محتملة خلال احتفالات أعياد الميلاد، باعتبارها موسمًا لـ «الهجمات الإرهابية» فى الغرب، حيث شهدت الدول الأوروبية خلال السنوات الماضية عدة هجمات استهدفت الاحتفالات برأس السنة والأسواق وأماكن التجمعات والاحتفالات.
تلك التخوفات تزامنت معها تصريحات من وزراء الداخلية، ومسئولين أمنيين فى عدة دول أوروبية.
حذر وزير الداخلية الفرنسى جيرالد دارمانان، من أن «التهديد الإرهابى لا يزال مرتفعا فى البلاد ويمكن أن يضرب فى أى لحظة»، مؤكدً:»سوف نضع كافة الوسائل لحماية جميع الأماكن المسيحية خلال الأعياد»، وذلك فى ظل تشديدات من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون للأجهزة الأمنية الفرنسية، بضرورة الحذر، علمًا بأن فرنسا سجلت ٣٧ هجوما إرهابيا منذ عام ٢٠١٧.
وفى الذكرى الخامسة للهجوم الإرهابى الذى نفذه التونسى أنيس العامرى باستخدام شاحنة مختطفة، على سوق عيد الميلاد فى بريتشيدبلاتز بالعاصمة الألمانية برلين، حذر أيضًا رئيس المكتب الفيدرالى الألمانى لحماية الدستور، توماس هالدينوانج، من استمرار خطر الإرهاب، مؤكدًا أن «التطرف لا يهدأ بالنسبة للعديد من أعضاء تنظيم داعش، حتى من هم فى السجون، فى كثير من الأحيان».
وكانت السلطات الألمانية قد أعلنت قبل أيام إحباط هجوم إرهابى فى مرحلة الإعداد، بمدينة هامبورج، وسط البلاد، والقبض على المنفذ المحتمل «عبدالرحمن. س» البالغ من العمر ٢٠ عاما.
وينظر لعبدالرحمن باعتباره أحد عناصر جيل ثانٍ من المتشددين دينيًا المرصودين من قبل أجهزة الأمن الألمانية، فسبق تصنيف والده لفترة طويلة من قبل السلطات، باعتباره مصدر «تهديد محتمل»،، كما سبق وعمل وتردد على مسجد القدس فى هامبورج، وسبق وأن أغلقته السلطات قبل سنوات، وكان يتردد عليه محمد عطا قائد هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، وآخرين شاركوا بالهجمات فى الولايات المتحدة الأمريكية، فضلَا عن أن عبد الرحمن نفسه قبل القبض عليه كان قريبًا من الدائرة المحيطة بمحمد عطا.
وتعتقد السلطات الألمانية أن الإرهابى الشاب المغربى الأصل، قد طلب خليطًا من المواد الكيميائية يعرف باسم «المسحوق الأسود» من متاجر إلكترونية فى النمسا، وبكمية كفيلة بإحداث انفجار ضخم.
مخاوف جدية أيضًا لدى وزارة الداخلية البريطانية، من «القنابل المنزلية» والمواد الكيميائية المستخدمة فى صناعتها بهدف تنفيذ العمليات الإرهابية، تزامنًا مع قرب حلول احتفالات رأس السنة وعيد الميلاد، خاصة مواد التبييض والمطهرات وكذا الشامبو والمطهرات ومبيدات الأعشاب من منتجات متاحة ومتداولة للجميع، وهى نفس نوعية المواد التى سبق استخدامها فى هجوم مانشستر وأسفر عن ٢٢ قتيلًا.
وفى هذا السياق أعلنت وزارة الداخلية البريطانية عن تعاونها مع الشركات الصناعية لإنتاج مواد بديلة أكثر أمنا لمواجهة التهديدات الجديدة، مشددة على أنها تمتلك سلسلة تدابير صارمة للتحكم فى الوصول إلى المواد المشار إليها والسموم المتفجرة، إضافةً إلى تراخيص صارمة للوصول إلى أكثر المواد خطورة.
تحذيرًا سابقًا سبق وأن أطلقته أيضًا مفوضة الأمن الأوروبية، سيسيليا مالمستروم، بشأن بيع بعض المواد الكيميائية المتاحة للعامة، لا سيما نترات الأمونيوم وبيروكسيد الهيدروجين، وهما مكونان أساسيان فى صناعة «القنابل المنزلية» التى شاع استخدامها فى الهجمات الإرهابية مؤخرًا.
تهديدات إرهابية متنوعة ومستمرة أيضًا لا زالت تواجهها بريطانيا، حذر منها رئيس وكالة الاستخبارات الداخلية (MI٥) كين مالكوم، مؤكدًا أن الوكالة، مع الشرطة وشركاء آخرين، أوقفوا ٣١ مؤامرة إرهابية منذ مارس ٢٠١٧، كما أن «أشباح» الوكالة، وعملاءها السريين، أنقذوا آلاف الأرواح خلال العشرين سنة الماضية، مضيفًا «نريد إيقافهم جميعًا، لكن للأسف نعلم أننا لن ننجح دائمًا»، مطالبًا الجميع بمواجهة الخطر المتواصل.
ويذكر أن مستوى التهديد الإرهابى فى بريطانيا تم رفعه إلى حدٍ شديد فى ١٥ نوفمبر الماضي، حيث تزداد حالة التأهب والقلق عقب مقتل عضو البرلمان البريطانى عن حزب المحافظين السير ديفيد أميس فى إسيكس، فضلًا عن مخطط تفجير ميرسيسايد.
التحذيرات الألمانية والبريطانية والفرنسية والهولندية والبلجيكية أيضًا من احتمالية وقوع هجمات إرهابية واكبتها تعزيزات أمنية قصوى، وحضورًا أمنيًا مكثفًا بالشوارع والميادين، وانتشار دوريات لمراقبة الأماكن المكتظة وتفتيش المشتبه بهم.
الإجراءات الأمنية الأوروبية تزامنت مع التقرير السنوى لوزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب فى دول العالم لعام ٢٠٢٠، والذى يجرى إعداده امتثالا بتفويض من الكونجرس كل عام، ويلقى نظرة مفصّلة على بيئة مكافحة الإرهاب دوليًا.
وأظهر ملحق المعلومات الإحصائية بالتقرير، بأنه رغم خسارة داعش الأرض فى سوريا والعراق، إلا أنه تمدد فى مناطق أخرى بالعالم، ما أسفر عن ارتفاع فى عدد الهجمات الإرهابية وفى إجمالي عدد القتلى الناتج عن تلك الهجمات بأكثر من ١٠٪ فى عام ٢٠٢٠ مقارنة بعام ٢٠١٩، وتعكس هذه الأرقام جزئيًا انتشار فروع وشبكات تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، ولا سيما فى إفريقيا.
فينص التقرير على أن داعش وقف وراء تنفيذ عناصر متطرفة لهجمات إرهابية فى كل من جنوب وجنوب شرق آسيا وإفريقيا، كما تضاعفت الهجمات المرتبطة بداعش فى غرب إفريقيا نحو الضعف من ٢٧٠٠ قبل أربع سنوات لتصل إلى حوالى ٥ آلاف فى ٢٠٢٠.
وذلك بخلاف القلق الدولى بالأساس من عودة تنامى نفوذ تنظيم «الدولة الإسلامية، داعش» مجددًا أيضًا داخل سوريا والعراق، وتصاعد هجماته فى البلدين.
حتى وإن كان الفارق فى هذا التمدد الجديد لداعش فى تلك المنطقة من المتوقع، حسب الخبير الأمنى ورئيس المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا، جاسم محمد، أن يكون عبر عمليات الكر والفر، بديلًا عن السيطرة المكانية.