د.بهاء حلمي يكتب: معوقات التحول الرقمى بالمؤسسات الحكومية
تخوض الدولة معركة التحول الرقمى فى المؤسسات والهيئات الحكومية المختلفة بما فيها الجهات المختصة بتقديم الخدمات للمواطنين للارتقاء بمستوى وسرعة الأداء بما يتوافق مع العصر وإعلان ميلاد الجمهورية الجديدة.
فالتحول الرقمى له العديد من الإيجابيات كالربط الإلكترونى بالرقم القومى لعمل قاعدة بيانات قومية سليمة ومتكاملة للحفاظ على حقوق الأفراد والدولة على حد سواء، وتعظيم موارد الدولة بما يساهم فى خطط التنمية بالبلاد، وتنقية القوانين واللوائح ووضع معايير وضوابط حاكمة وواضحة للحصول على الخدمات الحكومية وغيرها من الإيجابيات والأهداف الأخرى.
على رأسها مكافحة الفساد والبيروقراطية والقضاء على ثقافة تعطيل مصالح الناس وأساليبها التى ترسخت فى عقلية كثير من الموظفين والمديرين بالجهاز الإدارى، ورفع المعاناة والتوتر عن كاهل المواطن جراء التعامل مع المنظومة الإدارية والتى تعتبر بمثابة رحلة عذاب يخوضها من يرغب فى الحصول على الخدمات المقررة له.
وهذه الرحلة قد تبدأ من الأرشيف مرورا بكتابة الطلبات والدمغات والمراجعات والمعاينات وخطأ البيانات والتوقيعات ومواعيد قفل الخزينة وغيرها من المعوقات بما يجعلها رحلة مفتوحة دون نهاية محددة المدة.
من المعروف أن التحول الإلكترونى يواجه العديد من العقبات سواء كانت مادية أو فنية وتكنولوجية أم معوقات بشرية.
تلتزم الحكومة بتنفيذ خطط الأعمال بمتابعة مستمرة ودقيقة من القيادة السياسة، وتحرص الدولة على تدبير الإمكانات المادية والفنية المطلوبة، إلا أن العنصر البشرى يعتبر أكبر التحديات التى تواجه التحول الرقمى.
ليس من ناحية الإعداد والتأهيل للتعامل مع التكنولوجيا أو من ناحية مقاومة التغيير فحسب بل من ناحية ضعف مستوى الثقافة والمكتسبات الموروثة بتحقيق مكاسب مادية من متلقى الخدمة دون وجه حق.
مما لا شك فيه أن الدولة تحقق إنجازات عظيمة فى كافة المجالات لتقدم مصر ومستقبلها بغرض تحقيق الطموحات والآمال لتوفير حياة كريمة وتأمين صحى شامل للمواطنين. إلا أن التحول الرقمى فى المؤسسات الحكومية والخدمية ربما قد يؤثر على تلك النجاحات ما لم يتم تسريع وتيرته.
فالعنصر البشرى يُعد حجر عثرة أمام التحول الرقمى ما دام فقدت المتابعة والرقابة على الاداء، يوجد بعض المؤسسات والهيئات التى تم الإعلان عن تحولها إلكترونيا لكنها تسير فى طريق تعطيل المصالح أيضا من خلال تعطيل وسائل متابعة المواطنين لطلباتهم أو عدم اطلاعهم بسبب عدم أداء الخدمة الإلكترونية لهم الأمر الذى يزيد من معاناتهم.
فهناك جهاز شئون البيئة مثلا لا يستجيب بالرد إلكترونيا على أى مستثمر أو شركة تقدمت بشكوى أو طلب لمتابعة طلب سبق تقديمه، ولا بد من الذهاب للحصول على رقم التليفون الأرضى للتواصل بدلا من التعامل الإلكترونى.
وهناك المجالس الطبية المتخصصة لا تستجيب لطلبات حجز موعد الكشف الطبى لتحديد نسب الإعاقة على بعض الابناء أصحاب الإرادة من القادرون باختلاف والاكتفاء بنشر رسالة على الموقع الإلكترونى ردا على الطلب (تحت الفحص) لمدة تزيد على شهرين مع رفض التعامل أو الاستماع المباشر لشكاوى ولى الأمر.
إضافة إلى إشكالية إدخال العنصر البشرى البيانات بشكل خاطئ نتيجة الإهمال أو عدم الاستيعاب وما يترتب على ذلك من صعوبات لتصحيحها مما يفقد التحول الرقمى بتلك الجهات من مضمونه.
إن الشكاوى من تعقيد إجراءات الحصول على الخدمات تفوق قدرات ومواقع شكاوى رئاسة مجلس الوزراء. يكمن الحل فى قيام كل مدير ومسئول فى موقعه بدوره فى المتابعة والرقابة الحقيقية على أعمال المرؤوسين وتقويم الأداء بشكل سليم.
قد يكون شباب الخريجين هم أمل المستقبل أيضا فى تغيير الثقافة والقناعات بأهمية المساعدة واحترام حق المواطن فى حصوله على الخدمة بأسرع وقت وأعلى كفاءة وفى جو إنسانى راقٍ لتكامل منظومة القيم والعمل بالجمهورية الجديدة.