مصطفى عمار يكتب: نحن نزرع الفتنة والجهل!
سيطرت الصحافة الإلكترونية على سوق الصحافة فى مصر والوطن العربى.. وأصبحت غالبية المؤسسات تمنح مواقعها الإلكترونية كل الدعم والتركيز أملًا فى تحقيق مكاسب من منصات التواصل الاجتماعى التى أصبحت مصدر دخل حقيقى لكل محتوى يحقق نسب كبيرة من المشاهدة.. الأمر الذى أحدث حالة من الجنون والفوضى فى عالم الصحافة الإلكترونية.. دفعت مواقع صحفية كبرى تتحول لمنصات لنشر محتوى مسموم ومحرض فى بعض الأحيان أملًا فى تحقيق انتشار أكبر على منصات مواقع التواصل الاجتماعى..
فلا تندهش إذا شاهدت فيديو يخرج من موقع صحيفة كبرى بطله شباب يبيعون قطع الملابس بـ٢٠ جنيها.. ولا حتى إنفراد عن لقاء بطليقة الفنان مصطفى فهمى وهى توجه له سيلا من السب والقذف والتشهير.. ولا حتى صورة للاعب الأهلى مكتوب عليها كل الدعم وأخرى للاعب الزمالك مكتوب عليها وجه كلمة له بعد ضياع البطولة..
كل هذا يحدث لهدف واحد.. تحقيق النجاح والانتشار بين جمهور منصات التواصل الاجتماعى وبين جمهورها الذى أصبح الهدف والشغل الشاغل للقائمين على هذه الممواقع وصفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى..
كيف إذًا سيتحقق الوعى والثقافة إذا ما كانت كبرى المؤسسات الصحفية تشغل بالها بتلبية تطلعات جمهور منصات التواصل الاجتماعى بكل ما تحمله من تعصب وعنصرية وتدن أخلاقى!!
نحن فى حاجة شديدة لثورة تصحيح خاصة بالمحتوى الذى يتم تقديمه على هذه المواقع الصحفية وإخضاعها بشكل مباشر لنقابة الصحفيين والهيئة الوطنية للإعلام..
فعلى مدار اليوم أقوم بتصفح غالبية المواقع الصحفية الناشرة بالوطن العربى.. للأسف لا أجد بها ١٠٪ مما يسىء للمهنة ولا للدولة التى يخرج منها الموقع مثلما أجد من المواقع الصحفية المصرية.. وما يزيد حزنى أن المواقع العربية تلجأ للمواد الصحفية المصرية الغريبة لتنقل عنها القصص الساخنة والفيديوهات الملوثة لتحقق بعضا من رغبات جمهورها ولكن بشرط أن تكون هذه المواد بعيدة عن الدولة التى يخرج منها الموقع..
فهل يليق بدولة كانت من أول الدول فى الشرق الأوسط فى مهنة الصحافة وصناعتها.. بكل تأكيد نحتاج لوقفة مع النفس وإعادة صياغة لمفهوم الترند الصحفى وتحقيق السبق والانفراد.. ونوعية الفيديوهات والمحتوى الذى يقدم عبر مواقعنا الصحفية المختلفة.. يجب أن نغض بصرنا عن كل ما هو سلبى وأن نركز على نشر إيجابيات هذا البلد وشعبه.. أعرف أن ما أطالب به سيتم اتهامى بسببه بأننى أريد أن أسلب الصحافة حريتها.. ولكن دعنى أكون أكثر جرأة وصراحة.. فما تقدمه المواقع الصحفية من محتوى لا يمت للصحافة ولا حريتها بصلة.. هو أشبه بصندوق قمامة كبير الجميع يعبث به للبحث عما يمكن بيعه والاستفادة به.. ولكنه فى النهاية صندوق قمامة..
أعيدوا صياغة أفكار صغار الصحفيين للبحث عن المحتوى النافع.. أمنحوا المكافآت ليس لمن حقق موضوعه أو الفيديو الخاص به أرقاما عالية.. ولكن لمن قدم محتوى راقيا ومحترما يزيد من وعى الناس وثقافتهم..
أعيدوا لصفحات الفن والثقافة مكانتها بعيدًا عن أزياء الفنانات ووصلات الردح بين الفنانين.. ساعدوا الشباب على حب الفن واحترامه وتقديره.
لا تزرعوا الفتنة والجهل والتعصب بحثًا عن نجاح زائل داخل صندوق القمامة!