الرقابة تقطع رقبة فيلم ألمانى على مذبح الحرية
فضيحة فى مهرجان نجيب محفوظ للسينما
أزمة جديدة أثارها الرقابة على المصنفات الفنية فى مصر بعد التدخلات لحذف ١٣ دقيقة من فيلم «طبل الصفيح DiE Blechtrommel فى النسخة التى كان من المفترض أن تعرض فى المهرجان الذى تنظمه سفارة كولومبيا فى مصر بمناسبة ذكرى ميلاد نجيب محفوظ فى الحادى عشر من ديسمبر، حيث تشارك أعمال سينمائية عن روايات حصلت على جائزة نوبل.
إلا أن الرقابة المصرية أصرت على حذف مشاهد من الفيلم مما جعل السفارة الألمانية تقوم بسحب الفيلم من المهرجان، وأطلقت بيان: قالت فيه بأن قرار سحب الفيلم جاء بسبب تدخلات الرقابة المصرية التى طلبت حذف مشاهد من الفيلم، ولذلك نأسف لضرورة إزالة الفيلم من برنامج المهرجان.
وأضافت السفارة الألمانية أن «الفيلم هو تحفة معترف بها فى تاريخ الفيلم وشهرة عالمية.
وقد علمنا بأن الرقابة المصرية طالبت بحذف مشاهد اعتبرتها خادشة للحياء وغير مناسبة تتضمن علاقات جنسية لأطفال، ومن بينها ممارسة تلك العلاقة بين طفل ورجل مسن، وأيضا الطفل أوسكار بطل الفيلم وإحدى السيدات، ولم تعترض الرقابة على عرض الفيلم نفسه.
قرار الرقابة المصرية بقطع ١٣ دقيقة من الفيلم، على الرغم من عرضه كاملا فى السبعينيات من القرن الماضى بعد انتاجه بين ألمانيا وفرنسا فى عام ١٩٧٩، وحقق الفيلم وقتها نجاحا كبيرا، وفاز بدوره بجائزة الأوسكار والسعفة الذهبية فى مدينة كان فى سنة عرضه، والفيلم عن رواية الأديب الألمانى جونتر جراس، وبطولة ديفيد بينينيت، وأنجيلا ويتكلر، وكاتارينا تاليخ، وماريو أدروف.
يقول الناقد السينمائى طارق الشناوى بأن الرقابة فى مصر أصبحت «تنفخ فى الزبادي»، وبأنه اللجوء لهذه الطريقة يصدر صورة سيئة عن مصر، ولا بد للرقيب أن يفكر فى توجه سياسى وليس مجرد عقل رقابى وذلك لصالح الدولة والثقافة والفن، فلا بد أن يزيد الهامش لأن الأفلام التى ترفض فى مصر يتم عرضها فى الدول العربية الأخرى، وهو ما يظهر مصر بصورة سيئة.
وتابع الشناوى بأن الأمر يتجاوز الرقيب خالد عبدالجليل فهى ليست قناعاته، ولكن عليه أن يسهى لتغيير الوضع لأن الأمر يضر الوطن، وهناك حلول مثل التنصيف العمرى أو العرض المحدود لكن المنع رسالة سيئة.
ويقول الناقد السينمائى محمود عبدالشكور: لو كان ذلك صحيحا فإنه أمر مؤسف وأقرب إلى الفضيحة، فلا يمكن اليوم منع فيلم سينمائي، والفيلم نفسه متاح كاملا على المواقع، وشاهدته كاملا دون حذف فى قصر السينما فى بداية التسعينيات واعتقد أن المراكز الثقافية التى شاهدنا فيها أهم العالمية لا يمكن أن تتدخل الرقابة فى أفلامها المعروضة بالحذف.
هذا الأمر يسىء جدا الثقافة والفن ويقدم رسالة سلبية عن حرية الإبداع والتبادل الثقافى مع العالم وهو موقف عجيب وغريب فى وقت نقيم فيه مشاركات ثقافية مع دول عربية وأوروبية ولكن يبدو أن الرقابة لا تعرف ذلك وتريد أن تكون ملكية أكثر من الملك
الناس كلها ستشاهد الفيلم وسنخسر فقط سمعتنا الثقافية والفنية وربما ستتأثر نظرة ألمانيا إلى مصر كشريك ثقافى.
ويقول الناقد السينمائى إيهاب التركى بأنه ليس من السهل عرض الفيلم لوجود مشاهد حساسة تتعلق بالبيدوفيليا، ولكن كان من الأفضل والأهون بأن ترفض الرقابة عرض الفيلم بالكامل، فحذف مشاهد من الفيلم إهانة للعمل الفنى أيا كانت هذه المشاهد، كما أن الفيلم حاصل على جوائز مهمة ومن كلاسيكيات السينما الألمانية، وهذا النوع من الأعمال يجب التعامل معها رقابيا بحرص واحترافية حتى لا يتحول الأمر إلى فضيحة، كالسماح بعرضه للصحفيين والنقاد كما هو، أو رفضه، فبعض الولايات الأمريكية منعت عرضه.