منال لاشين تكتب: راقب وزراءك يا دكتور مدبولي
اعرف سر استعانة وزيرة الصناعة بثلاثة مستشارين جدد
قيل فى اختيار الدكتور مصطفى مدبولى رئيسا للوزراء خلفا للدكتور شريف إسماعيل أسبابًا عدة، ويمكن تلخيصها فى ثلاثة أسباب رئيسية أو بالأحرى مزايا للدكتور مدبولى حينما كان وزيرا للإسكان.. إنه رجل نزيه وشغال جامد، وأنه لا يدخل فى صراعات أو شلل وزارية، وهذه الظاهرة أدت إلى النهاية المفاجئة لوزارة الدكتور شريف إسماعيل.
ولاشك أن متابعى كواليس الحكومة لاحظوا بسهولة أن شريف لم يرحل لوحده، بل رحل معه أيضا أطراف الشلل المتصارعة سواء تلك التى انحازت لشريف أو الأخرى التى كانت ضده.
ولاشك أن هذه الملاحظة لم تغب عن ذكاء الدكتور مصطفى مدبولى فابتعد عن الشللية كما أنه حرص على استقلال الوزراء وعدم التدخل فى أعمال وزاراتهم، وربما يبدو هذا السلوك أو الإدارة إيجابى لدى الكثيرين ويحسب للدكتور مدبولى، ولكن المتابع لأداء بعض الوزراء أو الوزيرات ربما يكون له رأى آخر، فالدكتور مدبولى فى حاجة ماسة للجلوس مع بعض أعضاء حكومته والتدخل فى أعمالهم إذا لزم الأمر.لأن رئيس الحكومة مسئول سياسيا عن أعمال كل وزير ومسئول عن أعمال حكومته، ومن منطلق هذه المسئولية التضامنية فإن رئيس الحكومة يجب أن يناقش ويحاسب وزراءه فى كل الاتهامات السياسية أو البرلمانية أو بعض القرارات والإجراءات التى اتخذتها الوزيرة الفلانية أو الوزير العلانى. خاصة أن بعض هذه التصرفات قد تصل إلى ألغاز وعلامات استفهام واضحة وضوح الشمس للجميع. وتثير الشائعات المسيئة لحكومة الدكتور مدبولى.
وقد اندهشت جدا عندما لم يتدخل رئيس الوزراء لسؤال وزيرة الصحة السابقة الدكتورة هالة زايد عن سر النفوذ الطاغى لخالد مجاهد المتحدث السابق لوزارة الصحة، والذى أدى إلى شائعات عن أن الرجل مسنود من فوق، وأنه رجل جهات نافذة فى الدولة داخل الوزارة وأنه وأنه.. ثم جاء الوزير خالد عبد الغفار فى موقع المسئولية المؤقتة عن وزارة الصحة فخلع خالد مجاهد فى غمضة عين، واتضح أنه مش مسنود ولا صاحب نفوذ، وكان أولى برئيس الوزراء أن ينبه على الوزيرة أن تتخذ إجراء حاسما تجاه تجاوز مجاهد لاختصاصاته وحدوده.
مرة أخرى لم أفهم سر صمت رئيس الحكومة على وزير البترول الدكتور طارق الملا أو بالأحرى قرارات وزيره، فالوزير مصر على أن يعين معظم قيادات البترول الذين خرجوا معاشات مستشارين فى الوزارة والشركات، وعلى رأسهم إبراهيم خطاب الذى جدد له وزير البترول عقده المرة تلو الأخرى، وهناك مدير مكتب الوزير وأكثر من عشرة من رؤساء الشركات أو فى الوزارة تم التعاقد معهم كمستشارين، وقد أثار مجلس النواب ظاهرة مستشارى البترول وكتبت معظم الصحف عن هذه الظاهرة العجيبة، لكن إبراهيم خطاب حالة خاصة، فقبل أن يحال الرجل للمعاش انتدبه الوزير لشركة ميدور حتى يستفيد ماليا من مزايا التقاعد على ذمة أكبر شركة بترول، وبعد فترة بسيطة جدا لم يستطع وزير البترول العمل دون إبراهيم خطاب فأعاده للعمل كمساعد للوزير ومنحه اختصاصات بالكوم، فكيف لم يلفت رئيس الحكومة نظر وزيره إلى أن منصب مساعد الوزير قد أطلق خصيصا لتدريب الشباب على العمل العام والعمل كقيادات شابة وإيجاد صف ثانٍ فى الدولة، وكيف لم يتوقف الدكتور مدبولى عما حدث فى مجلس النواب حينما تم استدعاء وزير البترول لمساءلته أو مناقشته عن ظاهرة المستشارين وعلى رأسهم الرجل القوى إبراهيم خطاب. مرة ثالثة أدعو رئيس الحكومة لاستدعاء وزيرة الصناعة نيفين جامع على عجل، ويسألها عن سر استعانتها بثلاثة مستشارين قانونيين مؤخرا ودفعة واحدة من إحدى الجهات القضائية، وذلك رغم وجود مستشارين من جهات قضائية لدى الوزارة. فمن حق أو بالأحرى من واجب رئيس الحكومة أن يكشف أو يعرف سبب اتخاذ الوزارات لإجراءات غير اعتيادية، وقد جرى العرف أن تقوم كل وزارة أو مؤسسة حكومية على طلب انتداب مستشارين قانونيين من الهيئات القضائية قبل بدء الموسم القضائى، ومن حق رئيس الحكومة أن يحدد لكل وزارة عدد المستشارين القضائيين الذين سيتم انتدابهم وفقا لظروف الحكومة من ناحية، وطبيعة العمل فى الوزارة من ناحية أخرى. لأن رئيس الحكومة لو سأل الوزير أو الوزيرة وكلف إدارة المتابعة الخاصة به بتحرى الإجراءات التى اتخذها الوزير الفلانى أو الوزيرة العلانية فربما يكتشف تجاوزات أو أخطاء يمكن معالجتها على الفور.
ويتصل بهذه المسألة طريقة عمل مكتب شكاوى مجلس الوزراء، والتى تحتاج إلى تطوير فى الأداء وتعمق فى بحث الشكوى، فطريقة العمل الآن لاتصلح لرد الحقوق لأصحابها أو إنقاذ المظلومين فى دواوين الحكومة، فحين يتضرر مواطن أو موظف من رئيسه سواء كان مسئولًا صغيرًا أو وزيرًا ويتجه بالشكوى لمكتب الشكاوى، فإن كل ما يحدث أن المكتب يرسل الشكوى للمشكو فى حقه ويكتفى بتلقى رد المشكو فى حقه ويرسله للشاكى، وهكذا يصبح المشكو فى حقه خصمًا وحكمًا فى نفس الوقت، وأبسط قواعد العدل أن يقوم المكتب بالتحقيق فى الشكوى والاستعانة بالأجهزة المختلفة للتحقق من أقوال كل من الشاكى والمشكو منه. وقد تبدو هذه الأمور فى نظر الدكتور مدبولى فرعيات أو قضايا ثانوية فى ظل الأعباء التى يتحملها، ولكن تدارك الأخطاء من داخل مجلس الوزراء، وبيد رئيس الحكومة وإقرار الحقوق للمواطن لم ولن تكن يوما ما مسائل هامشية مع تقديرى للمجهود الذى يبذله الدكتور مدبولى وفريقه.