مصطفى عمار يكتب: المخرج الكبير “محمد نبيه”

مقالات الرأي

مصطفى عمار
مصطفى عمار

رحل عن عالمنا المخرج الكبير محمد نبيه عن عمر يتجاوز التسعين عامًا.. بعد رحلة طويلة فى عالم صناعة السينما والدراما على مدار أكثر من ٦٠ عامًا.. فالمخرج الكبير واحد من جيل الرواد الأوائل الذين وهبوا حياتهم للفن والسينما..

ولد نبيه فى ١٩٣٠ وكانت بدايته المهنية مهندسا للصوت، ثم توجه إلى التصوير والمونتاج قبل أن يتخذ أولى خطواته فى مجال التمثيل بفيلم «حكم قراقوش» عام ١٩٥٣. وشارك فى عدة أفلام منها «أين عمري» و«صوت من الماضي» و«مع الأيام» و«ساحر النساء»، لكن دور تاجر الآثار مراد فى «المومياء» للمخرج شادى عبدالسلام ظل أبرز علامة فى مشواره التمثيلى. واتجه بعد ذلك للتأليف والإخراج، وقدم فيلمه التلفزيونى الأول «جريمة فى الظلام» بطولة شويكار ومحمد توفيق وجلال الشرقاوى، كما قدم أفلام «أصعب جواز» و«الشيطان يدق بابك» و«المتهم» و«المشاغب ٦». وفى عام ١٩٨٨ أخرج نبيه فيلم «أنا وأنت وساعات السفر» من تأليف وحيد حامد وبطولة يحيى الفخرانى ونيللى، وبعدها بعامين تعاون مرة أخرى مع نيللى فى فيلم «آدم دون غطاء» بطولة محمد صبحى.

وفى التلفزيون أخرج مسلسلات «عائلة شلش» و«فيه حاجة غلط» و«الرجل الغامض» و«متاعب المهنة» و«المدينة الهادئة» و»بنت الأسيوطى»، إضافة إلى سهرات تلفزيونية كثيرة.

وبمراجعة تاريخ الراحل الكبير.. نجد أن رغم قلة أعماله إلا أنها علقت فى ذاكرة المشاهدين وحققت وقت عرضها نجاحًا كبيرًا بالشارع المصرى والعربى.. ولا تزال هذه الأعمال تحقق نسب مشاهدة كبيرة مع كل عرض جديد لها على أى فضائية مصرية خاصة.. وبالتحديد مسلسل «عائلة شلش» ومسلسل «فيه حاجة غلط».

والذى تميز فيهما نبيه بتقديم دراما حقيقية تناقش مشاكل الأسرة المصرية والمجتمع وتحاول تقديم حلول.. لم يتعامل نبيه خلال تاريخه مع السينما والدراما المصرية كمحترف.. بل ظل يتعامل بمفهوم الهاوى المحب والغيور على هوايته والمجتهد لمنح كل عمل جديد يقدمه من روحه وخفة ظله ليضمن له النجاح.. ولعل القدر جعله يرتبط بعلاقة صداقة كبيرة مع صديقه المخرج ومهندس الديكور الكبير شادى عبدالسلام.. رفيق رحلة دراسته وحبه للفن.. وهو ما دفع شادى على أن يسند لنبيه دور «مراد».. تاجر الآثار.. فى تحفة شادى عبدالسلام الخالدة «المومياء» وهو الدور الذى برع فيه نبيه وجعل النقاد يتوقفون أمام اختيار شادى عبدالسلام له.. وذكائه الشديد فى اختيار الممثلين لهذا العمل العظيم.. ربما نكون جميعًا مقصرين فى حق جيل الأستاذ محمد نبيه.. سواء بالكتابة عنهم والتواصل معهم.. ولكن أين وزارة الثقافة المقصر الأكبر.. أين محمد نبيه من التكريم فى مهرجان القاهرة السينمائى وهو الفنان الأخير الذى كان على قيد الحياة من الذين اشتركوا فى فيلم «المومياء».

محمد نبيه رحل ولم يتبق من جيله الكثير.. فهل سنستطيع تكريمهم فى حياتهم أم سيكرمهم الموت قبلنا؟!