الأرض البور.. ارتفاع سعر الأسمدة بواقع ٦٠٠٪ فى ٨ سنوات و٧ أضعاف زيادة فى سعر السولار

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تصدر وزارة الزراعة نفسها على أنها دائما المدافع الأول عن الأراضى الزراعية فى بر مصر، والداعم الرئيسى للمزارعين ومستصلحى الأراضى الزراعية، فدائما ما تعلن عن مشروعات زراعية ضخمة وُضِعت ضمن خطة الدولة للتنمية الاقتصادية أشهرها وأهمها مشروع المليون ونصف المليون فدان، إضافة لخطط دعم الفلاح والأسمدة الزراعية.

لكن الصورة على أرض الواقع تختلف كليا عما سبق، ومثالًا على ذلك أراضى الظهير الصحراوى، فالواقع العملى يختلف تمامًا عما تصدره الوزارة من بيانات إعلامية حول التطوير والدعم المستمر للقطاع الزراعى، حيث عزف الكثير من مزارعى المنيا ووادى النطرون وأسيوط الغربى عزفوا عن زراعة أراضيهم لأسباب عدة أهمها ارتفاع مستلزمات الإنتاج كافة.

رحلة ١٠سنوات نرصدها كتجربة شخصية فى زراعة أرض والدى المهندس أكرم دياب، بمنطقة وادى النطرون، انتهت إلى الاكتفاء بمحصول الزيتون فقط، وتوقفت كل محاولات السعى فى تنمية الزراعة بإدخال محاصيل أخرى لتحقيق الربح لعدة أسباب نرصدها فى السطور التالية.

لزراعة فدان واحد يتم الاستعانة بداية من  ٣ إلى ٢ جوال نترات، والذى بلغ سعر الجوال منه فى ٢٠١٣ وحتى ٢٠١٧ ما بين ٧٠ إلى ١٥٠ جنيهًا، حتى تم رفع الأسعار ومضاعفة سعر جوال الأسمدة وخاصة النترات ليبلغ آخر سعر له ٥٠٠ جنيه بالعالم الحالى.

خلال تلك السنوات أصبحت الأسمدة تمثل صداعًا فى رأس المزارعين لعدة مشاكل من بينها عدم التمكن من شرائها من الحكومة نتيجة سرقتها وبيعها بالسوق السوداء لتحقيق مكاسب طائلة حيث تحقق فارقا يصل إلى ٢٠٠ جنيه فى الجوال الواحد، وبناء عليه حاولت الحكومة إحكام قبضتها عن طريق ضبط عمليات السرقة، والسعى فى إنشاء منظومة كاملة لضبط توزيع الأسمدة والتأكد من وصولها إلى مستحقيها من خلال مشروع الوزارة «كارت الفلاح» الذى أعلنت عن الانتهاء منه خلال الأسابيع الماضية.

المشروع الذى أعلنت عنه الوزارة لاقى عددًا من الشكاوى أيضا من فئة المزارعين المستأجرين فى الأراضى المجاورة، فيستحوذ أصحاب الحيازات الزراعية على حصص الأسمدة، دون منحها للمستأجرين، مما يجبر المستأجر على اللجوء إلى السوق السوداء، والذى بلغت فيه سعر الجوال الواحد نحو ٥٥٠ جنيها.

 

عدد كبير من مزارع الظهير الصحراوى، من أهمها أراضى وادى النطرون وطريق أسيوط الغربى والكيمياء، تعتمد بشكل كبير فى الرى على المياه الجوفية، والتى يتم استخراجها باستخدام نوعين من المواتير إما ديزل ويعمل بالسولار، أو كهرباء حيث كان هو الحل الأكثر توفيرًا.

ولكى يحسب مزارع الأراضى المستصلحة تكلفة الإنتاج لمحصول كالقمح أو البطاطس على سبيل المثال أو غيرها، يضع الطاقة المستخدمة لـ«الدوارة» -وهو المصطلح الشائع للرى- على رأس القائمة بحساب إجمالي المستهلك من صفائح السولار أو فاتورة الكهرباء، فقط٢٠ لتر سولار كافية لدوارة مدتها ساعتين، بينما تحتاج بعض المحاصيل للرى مرتين أسبوعيا كالبصل والطماطم مثلا والذى يظل فى الأرض مدة تتراوح من ٤ إلى ٦ أشهر ما يعنى استهلاك ما يصل إلى ٤٨٠ لترًا من السولار.

خلال ٢٠١٣ كان سعر صفيحة السولار يقدر بعشرين جنيها، لتصل خلال ٢٠٢١ إلى ١٦٠ جنيها بزيادة تصل إلى سبعة أضعاف التكلفة الماضية، أما الكهرباء فيواجه المزارعون أزمة كبرى معها، فخلال الشهور الماضية حاولت وزارة الكهرباء إلغاء إمكانية حصول الأراضى على الكهرباء بنظام الممارسة المتبع منذ سنوات، وذلك لتقديرات جزافية تلقاها مزارعون فى المنيا ووادى النطرون بزيادة وصلت إلى ٦ أضعاف ما يدفعونه شهريا بمبالغ تبدأ من ١٠ آلاف جنيه.

 

بعدما تتمكن من اجتياز صعوبات ارتفاع مستلزمات الإنتاج من أسمدة ووقود وتقاوى وأيدى عاملة التى ارتفعت أيضا لأضعاف، إلى أن وصلت فى ٢٠٢١ إلى ما يقرب من ٣٠٠ جنيه لمدة ٦ ساعات، يواجه المزارع عند بيع المحصول قانون الزراعات التعاقدية والذى لا يشمل كافة المحاصيل، ما أدى إلى عزوف عدد كبير من مزارعى الذرة الشامية وفول الصويا والتى تستوردها مصر سنويا بالمليارات، لانهيار أسعارها فى سوق التجار غير المنضبط.