مطران بيروت الجديد لكنيسة الروم: مؤمن بلبنان بماضيه وحاضره ومستقبله
ترأس بطريرك انطاكيا وأورشليم وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي صلاة الغروب في كاتدرائية سيدة النجاة زحلة، وخلالها جرت رتبة تولية المطران ابراهيم ابراهيم راعيا لأبرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك خلفا للمطران عصام يوحنا درويش.
وعلق المطران ابراهيم ابراهيم على توليه المسؤولية قائلا: "من يدخل هذه الأبرشية وزحلة الأبية يزداد على قدر أهلها عزما وعزة وبطولة وإيمانا وصلابة لبنانية... قال الرب: "إبراهيم إبراهيم، انطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أريك". في عشية أحد النسبة وعيد أبي الآباء ابراهيم، أسمع من جديد هذا النداء الإلهي. يأمرني الله أن أحفظ عهده، وهو شعاري الأسقفي الذي لن يتغير: إحفظ عهدي. الرب يدعوني، وها أنذا بأمره، تركت كندا، البلد الرائع الذي قضيت فيه ثماني عشرة سنة في الخدمة الأسقفية، وأتيت إلى لبنان؛ بلدي ومسقط رأسي. أسير عكس كثيرين هذه الأيام. كل يرغب في رحيل! أما أنا فبعودة. رحلتي الإبراهيمية لم تعد نحو مجهول. فبالإيمان يصير المجهول معلوما، لأنني مؤمن بلبنان، بماضيه وحاضره ومستقبله. من ذا يقدر أن يمنع الشمس من أن تشرق على ربوعه معظم أيام السنة! لا ظلم ولا فساد ولا ويلات".
وأكد "إنه لشرف كبير لي أن أكون بين أهلي الطيبين في زمن محنتهم المضنية. لو كان لبنان بخير لبقيت في كندا. لكنني آثرت أن أكون معكم في وطني لبنان، وطن الإنسان وتراب الذين سبقونا. تعالوا أيها الأحباء نستيقظ من غفوة يأسنا فنصحوا بالأمل والرجاء إلى غد جديد وآفاق مشرقة. لبنان يا إخوتي، وإن كان يسير اليوم على درب الآلام، إلا أنه يسير إلى قيامة! لذا عدت بانتخاب إخوتي آباء السينودس المقدس.. عدت، لا لأني أسعى وراء التحديات... بل لأني أشعر في صميمي بأن قيامة وطني آتية وبأن لي شهادة أؤديها في هذه الأبرشية المزروعة بيد الله، المغروسة بيمينه، المحبوبة منه ومنا. المكرس لا تحرك دعوته المغامرات البشرية ولا الرغبات الطائشة، بل روح الرب. لذلك أقول واثقا مع النبي أشعيا: "روح السيد الرب علي، لأن الرب مسحني، وأرسلني لأبشر الفقراء وأجبر منكسري القلوب، وأنادي بإفراج عن المسبيين، وبتخلية للمأْسورين، لأعلن سنة رضا عند الرب". هذا هو برنامجي، والرب يسوع معيني"!
وتابع " في كندا حيث كنت، أم في لبنان حيث أنا، سيان. رغبتي كانت ولما تزل بناء الإنسان. لأن الإنسان هو همي الأول والأخير. كل، أيا كان، يساوي عندي رعية كاملة، وأبرشية كاملة ووطنا كاملا. إنْ بني الإنسان في لبنان أولا، فكل شيء يزاد لنا ويبنى من بعده... ليكن الدين بعد الله عندنا هو الإنسان. زحلة على مدى تاريخها كانت وما تزال ملاذ طالبي الحرية، وأهلها الكرام يشاركونني في هذا اللاهوت العملي، وهم يرددون في تخاطبهم الآخر: "يا ديني". كم جميل هذا البعد اللاهوتي والإنساني الذي يتضمنه هذا النداء! خطاب سام رائع: "يا ديني"... "يا أخي الإنسان، أنت بعد الله ديني". هناك في الإنجيل مشهد على قساوته بديع. ما أن سلم بيلاطس يسوع للجلد والتعذيب، أتى به وعرضه أمام الجمهور قائلا: "هو ذا الإنسان". وهذا هو حال الإنسان اليوم في لبنان، هو مدمى مثل يسوع، من جراء الأزمات، مجروح، ينزف ويتألم. "هو ذا الإنسان" ديني ونذري وهدفي وعملي وخدمتي وميدان نضالي".
وشدد على أن "لا إحباط، لا خوف ولا يأس ما دمنا في كنف سيدة النجاة. إنها متجلية تعرف طريق خروجنا من هذا النفق وخلاصنا. ووصيتها لنا أن نفعل كل ما يقوله لنا يسوع كيْ تتم المعجزة: إملأوا الأجاجبن هموما وجراحا. املأوها آلاما ودموعا. يسوع يحولها كلها إلى فرح وشفاء. فلنؤمن فكل شيء مستطاع للمؤمن. فلنتواضعْ في كنف العذراء لتبتهج أرواحنا بالله مخلصنا. فلنتق الرب على مثالها كي يصنع القدير بنا العظائم كما صنع بها، فاسمه قدوس. فليصنع الرب في سيدة النجاة عزا بساعده وليرفع المتواضعين... عند سيدة النجاة مؤل ومجال للجميع: أولئك الذين يختارون- على قلته - الإيمان، والصلاة على ضعفها، والوحدة على هشاشتها، والسلام والانفتاح والحوار والغفران والتلاقي والعمل على صون كرامة الإنسان."