أحمد فايق يكتب : الثورة الجنسية القادمة فى مصر
95% من رجال مصر يمارسون العادة السرية بينهم السلفى والإخوانى والليبرالى والفلول والثورى
هل تعرف شيئا عن ليبيدو؟
لو كنت من رواد كوكب الفيس بوك أو عشاق تويتر، بالتأكيد أنت تعلم حكاية فيلم «ليبيدو»، هو فيلم وثائقى مدته 15 دقيقة، قدمه مجموعة من طلبة المعهد العالى للسينما، إخراج يوسف الإمام، وحصل على منحة يوسف شاهين عام 2012، مؤخرا عرض الفيلم على الفيس بوك وأثار موجة جدل واسعة، بسبب المشاعر التى يتناولها.
هى حالة كاملة على المستوى الفنى أو الاجتماعى صنعها أصحاب اليبيدو، والكلمة تعنى «الطاقة الجنسية» أو السلوك الممتع للوصول إلى الغرائز الطبيعية، وفقا لعالم النفس الشهير «فرويد» على المستوى الفنى أنت لست أمام فيلم عظيم، لكنه جيد باعتباره أقرب لمشروع تخرج، لكن حينما تم عرضه على مواقع التواصل الاجتماعى خلق أرقاما من المشاهدة لم يكن يستطيع أن يحققها لو عرض فى قاعة عرض ضخمة، شاهده الملايين دون دعاية أو ميزانية ضخمة، والسبب بسيط وهو أن الفيلم تعرض بشكل مباشر للأزمة التى يعانى منها المصريون، وتتحكم فى سلوكهم الاجتماعى والسياسى والاقتصادى، بل تتحكم فى حياتهم جميعا، وهى الكبت الجنسى، وممارسة العادة السرية.
من المشاهد الأولى لفيلم «ليبيدو» تستطيع أن تكتشف أنه «فيلم ثقافى» الخاص بجيل الألفية الثالثة، «فيلم ثقافى» عرض فى عام 2000، ويتعرض لمتاعب وآلام جيل ظل يبحث عن حياته الضائعة، من خلال رحلة البحث عن شريط فيديو جنسى، أدان فيلم ثقافى النظام بشكل عام، وتناول من خلال رحلة 3 شباب ينتمون إلى الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة أزمة الكبت الجنسى، ومن خلاله انتشرت جملة الحوار الشهيرة «العيب فى السيستم أو النظام»، تبدأ رحلة البحث عن شريط الفيديو الجنسى بثلاثة من الطبقة المتوسطة وتنتهى بمجموعة ضخمة من الطبقات الشعبية والحرفيين، كل مايحلمون به هو مشاهدة جسد امرأة عارية، ولم يتجاوز طموحهم هذا، هذا الفيلم عبر بدقة عن جيل الثمانينيات والتسعينيات، أو جيل مابعد كامب ديفيد والانفتاح الاقتصادى، الجيل الذى عانى الإرهاب، ولم يعرف شيئا عن الجنس سوى من مجلة طبيبك الخاص وبعض الموضوعات الصحفية التى نشرت فى روزاليوسف، الجيل الذى تربى على أغانى منير وعمرو دياب وألحان حميد الشاعرى، ولم يعرف شيئا عن برامج التليفزيون سوى «زووم» و«اخترنا لك» و«نادى السينما» و«عالم الحيوان» و«عالم البحار» و«العلم والإيمان» و«حديث الشيخ الشعراوى» وبرنامج سخيف يسمى تاكسى السهرة، كان يعرض أجزاء من الأفلام دون تكملتها.
«ليبيدو» أكثر جرأة من فيلم ثقافى بطبيعة الحال لأنه يعبر عن جيل أكثر انفتاحا وتحقيقا لذاته، الشباب الآن لا يعانون مشاكل مثل الحصول على فيديو أو تليفزيون، فأفلام البورنو متوفرة الآن على الكمبيوتر والموبايل، ولا يستطيع أحد حجبها، حتى اشتراكات الإنترنت لم تعد غالية الثمن، ومن ليس لديه القدرة على عمل اشتراكات فى شبكات الاتصالات، لديه برامج قرصنة يستطيع أن يسرق بها الوايرلس المحيط به، هذا الجيل متاح له أيضا، التواصل جنسيا مع فتيات عبر الفيس بوك والماسنجر وغيرهما من مواقع الشات.
لكن السؤال هنا.. هل هذا كاف؟
وهو السؤال الذى يجيب عنه الفيلم بشكل واضح، من المشهد الأول لأحد الشباب، الذى قال «المجتمع فشخ الدنيا..نسيب كل واحد يعمل اللى هو عاوزه والحساب عند ربنا»، وهى جملة توضح مدى الكبت والقهر الجنسى المجتمعى الذى يعيشه هذا الجيل، ومن خلال حكاية مازن، نرى ماذا يحدث «مازن زى أى شاب مصرى عاوز ينام مع واحدة ومش عارف»، حينما يسأل الأب والأم عن الجنس فلا يسمع سوى كلمتى «عيب وحرام».
فى المدرسة كالعادة المدرس لا يريد أن يشرح الدرس كما قال الفيلم، وحينما يسأل مازن المعلم «هل يوجد لدى المرأة عضو ذكرى»، وهو سؤال كارثى يوضح مدى الجهل الذى يعيش فيه بطلنا حتى هذه المرحلة من العمر، إلا أن المدرس يرفض الرد عليه، بل ويربط ممارسة الحق الطبيعى للإنسان فى ممارسة الجنس بمرض الإيدز وفقط.
من هنا تبدأ علاقة خاصة جدا بين مازن وجهاز الكمبيوتر المحمول الذى يمتلكه، فهو لم يجد أسرة أو مدرسة أو مجتمع يستطيع تثقيفه جنسيا، وفى عالم الإنترنت كل شىء مباح، لا تستطيع أن تسأل ولا تجد إجابة أو يقول لك أحدهم عيب وحرام، فى عالم الكمبيوتر استطاع مازن أن يشاهد نساء عاريات، وعرف أن للمرأة عضوا أنثويا لا يشبه عضوه الذكرى، رأى علاقات جنسية بين الرجل والمرأة، لكن المشكلة أن مازن أصبح يعرف كل شىء عن الجنس، من خلال مواقع البورنو الاستهلاكية والتى تتعامل معه كعميل يجب ان يدفع أموالا فقط، تحاول أن تغريه ليستغنى بها عن المرأة الحقيقية فى حياته، حيث نرى أحد الشباب يقول إنه يفضل ممارسة العادة السرية حتى لا يتعرض للذل مع البنات قائلا «مع نفسى أحسن».
ومن خلال أربعة نماذج بنتين وولدين من الواضح أنهم ينتمون جميعا للشريحة العليا من الطبقة المتوسطة، نرى رحلة هذا الجيل مع الكبت الجنسى، فتاة تعلمت فى الخارج عرفت من المدرسة الجنس وطريقة استخدام الواقى والوقاية من الأمراض وكيفية ممارسة الجنس، أما البقية فقد تلقوا تعليمهم فى مصر، ولم يجدوا سوى توبيخا من المدرسين، وربط ممارسة الجنس بالخطيئة التى لا تغتفر...
فهل نحن فعلا نعانى من مجتمع شريف وعفيف لا يرتكب معصية الجنس وممارسة الرذيلة؟
يعطيك مخرج الفيلم الإجابة فورا بمجموعة من الإحصاءات، وهى أن 95% من الرجال يمارسون العادة السرية، و89% من السيدات يفعلن الشىء نفسه، و90% من الشعب المصرى لديه جهل جنسى، و90% من حالات الطلاق فى مصر بسبب عدم التوافق الجنسى، و50% من الفتيات يتعرضن لتحرش جنسى، و60% من الشباب اعترفوا أنهم يمارسون التحرش الجنسى.
هذه الإحصاءات لا تحمل سوى معنى واحد وهى أن 95% من الرجال الذين تعرفهم فى حياتك يمارسون العادة السرية، بداية من الأب والأخوة والأصدقاء، وممن تعرفهم من مختلف التوجهات، من يصلون فى المساجد ويتعبدون فى الكنائس، ليبراليون وشيوعيون وناصريون وسلفيون وإخوان برادعاوية وفلول وجيش وشرطة وصوفية، كل هؤلاء يمارسون العادة السرية ويعانون من كبت جنسى، وهذا يعنى أننا فى مصر الآن نعانى من الكبت الجنسى لكل هؤلاء، حتى النخبة التى تطلع فى التليفزيونات وتقول كلاما بلا وعى، يمارسون أيضا العادة السرية، وهنا ليس شرطا أن يكون الجنس متوافر لك حتى تمارس العادة السرية فهناك ألف سبب وسبب، منها أن الحرمان من ممارسة الجنس فى فترة المراهقة، يعوضه الشاب أو الفتاة بممارسة العادة السرية، التى تستمر معهم لفترة مابعد الزواج، ثانيا المشاكل الزوجية وعدم التوافق الجنسى تؤدى إلى لجوء الزوج والزوجة للعادة السرية، لكن الفيلم فى النهاية يطرح الأزمة من وجهة نظر واحدة وهى الحرمان فى فترة ماقبل الزواج.
نرى بالطبع جرأة شديدة من ضيوف الفيلم، فقد اعترفت إحدى الفتيات بمشاهدة أفلام البورنو، وآخر بممارسة العادة السرية، وفى مشهد نرى من خلاله الحلول المقترحة من المجتمع لهذه المشكلة، ومنها الرياضة.. والقراءة.. وممارسة الهوايات.. وأخيرا الصلاة، لكن بعدما ينتهى الشاب من عمل هذه الأشياء، يذهب إلى جهاز الكمبيوتر الذى أصبح زوجته المجانية، ويبدأ فى ممارسة طقوس مشاهدة أفلام البورنو وممارسة العادة السرية.
ولم يخل الفيلم من مشاهد لشباب وفتيات يداعبون بعضهم فى أماكن مختلفة سواء بالقبل أو الملامسة أو الأحضان، وكلها مشاهد حقيقية، وفى النهاية يطالب الفيلم بثورة جنسية ربما على غرار ثورة الشباب فى أوروبا بالستينيات، يتاح فيها للجميع حق الممارسة الجنسية.
بعض التعليقات التى رأيتها على الفيلم تمثل حالة الازدواجية التى نعيشها، فحينما تسأل عن الموظف فى مجمع التحرير، يقولون لك إنه يصلى، وبعد فترة كبيرة يصل إليك ثم ينتهى من التسبيح باسم الله، ويفتح لك درج مكتبه لتقديم الرشوة.
عزيزتى القارئة عزيزى القارئ، قبل أن تكره هذا المقال والفيلم وتصفه بـ«قلة الأدب»، عليك أولا أن تشاهد الفيلم وتقرأ كثيرا عن الجنس، خاصة أنك واحد من 95% يمارسون العادة السرية، عليك أن تعرف أن احتياج الإنسان للجنس مثل احتياجه للماء والهواء والطعام، وأن فى عصور ماقبل التاريخ اكتشف البدائيون متعة الجنس، ولم يعرفوا أن له علاقة بالإنجاب إلا بعدما اكتشفوا الزراعة والتلقيح، ففى العصور الأولى كان الاعتماد بشكل أساسى على الصيد، وعاش الإنسان من أجل الماء والغذاء والجنس، كانت مواصفات المرأة الجميلة طبقا لاكتشافات البحوث العلمية هى التى يتدلى صدرها حتى البطن ويتدلى بطنها حتى الحوض.
لم يكتشف جمال المرأة والنموذج المثالى الحالى لجسدها سوى أجدادنا الفراعنة، وورثت عنهم الحضارة اليونانية نموذجهم المثالى فى المرأة، الصدر الصغير والجسد المتناسق والساقين الجميلتين، رسومات الفراعنة وتماثيلهم توضح أنهم وضعوا مقاييس لجمال المرأة والرجل أيضا، وقلدهم اليونانيون فيما بعد، كل الحضارات القديمة وضعت إله للجنس والخصوبة، والمصريون كانوا أول من عبدوا الجنس متمثلا فى إله الخصوبة «الإله مين» وتشير رسوماته والتماثيل إلى رجل يقف مرتديا ملابس ضيقة وفى يده اليسرى سوطا ويده اليمنى مختفية تحت ملابسه، وتبرز الرسومات «عضوه» بشكل كامل، واهتمت التماثيل أكثر برشاقة قوامه ومناطق الإثارة الجنسية عنده، أكثر من مواصفات وجهه التى بدت غير مميزة، وحمله للسوط يعنى أن الفراعنة أبدعوا فى فنون الجنس، ووصلوا حتى إلى ممارسته بشكل سادى قبل آلاف الأعوام من الآن.
ولم تظهر حضارة قوية وناجحة دون حرية فى الممارسة الجنسية، ولم تتأخر الحضارات أو تنهار إلا بعدما تم تحريم الجنس أو منعه أو اعتباره عورة لا تستحق النقاش أو الكلام، حدث هذا مع اليهود والمسيحيين والمسلمين، لقد انفصلت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية عن روما فى بدايات عهد محاكم التفتيش، حينما سن متطرفو روما قانونا كنسيا وقرارا إلهيا بتحريم زواج القساوسة، كانت الكنيسة المصرية أكثر انفتاحا من الكنائس الأوروبية، ورفضت سلب حق القس فى الزواج والاتصال بالمرأة، والآن انقلب الوضع.