من قلب السودان.. ناشطة تكشف لـ "الفجر" مآسي الحياة في غرب دارفور وتفاقم الأزمات
ولاية غرب دارفور (غربي السودان) وهي ولاية العذاب والتي دخلت على حرب ودوامة من العنف وكذلك شهدت انتكاسة وتدهور في الأوضاع الأمنية خلفت الالاف من النازحين والمشردين.
هؤلاء الأشخاص نزحوا بأكملهم وحلت مأساة والتي طفحت فيها رائحة الدم وزرع فيها الموت لينتشر في كل زوايا من مدن وقرى ولاية غرب دارفور، ومع ذلك وبالرغم من حجم الدمار إلا أن الأزمة في غرب دارفور له غموض وهذا الغموض سيكون له بكل تأكيد دور خطير في اشتعال الولاية التي يعيش تصفية الحسابات الاقليمية والدولية بامتياز.
أزمات متراكمة وغياب للسطة
وقالت الناشطة السودانية إنعام النور في تصريحات خاصة لـ "الفجر":"تعتبر أزمة غرب دارفور متراكمة من أزمات مجتمعية خانقة، أزمات بنكهة التدمير الذاتي، علي مرور الثلاث أسابيع رصاصات الغدر ترقص علي قلب المواطن الطيب، الحميد، المحب للجميع وحكومات السودان لا تحرك لها ساكن والنزاعات المتجددة في غرب دارفور تعود إلى الفراغ الأمني وفشل السلطات في نزع السلاح المتفلت، وتطبيق اتفاق السلام أشارت لجنة أطباء غرب دارفور إلى غياب أي مؤشر لرغبة الحكومة في حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم والعجز التام عن اتخاذ أي خطوة لفرض هيبة الدولة، وقالت " تركت الدولة ملايين المدنيين يواجهون مصيرهم المجهول".
قتلي وجرحي
أحداث العنف الدموي بولاية غرب دارفور وعلى امتداد الثلاث أسابيع في محليات كرينك، جبل مون وسربا ومنذ السابع عشر من نوفمبر إلى(١٣٨) قتيلًا و(١٠٦) جريحًا حسب لجنة أطباء الولاية وعزت اللجنة ارتفاع الوفيات وسط الجرحى بسبب صعوبة إيصالهم إلى المرافق الطبية وافتقار المستشفيات الريفية إلى الامكانيات اللازمة لانقاذهم.
غياب الأجسام النقابية والثورية
"تشتعل النيران في الولاية وتتسارع الاحداث تلو الأخري والأجسام الثورية والنقابية في غياب تام، عاجزين أمام تردي الأوضاع مع انعدام كامل لدورهم"، هكذا وصفت الناشطة السودانية الأوضاع.
وتابعت: "فالأغلبية اتجهوا إلى تأجيج الصراعات وانحاز كل منهم إلى طرف سياسي حسب معتقده وبعضهم غير حياديين في توجهاتهم إلا ما ندر، فهم أيضا تحركهم ميولهم السياسية ومصالحهم الشخصية، فلا نكاد نفرق بين الاجسام الثورية والنقابية الصادقة في رأيه وبين المدعي، وهذا الأمر جعل السياسيين يتفوقون عليهم في إدارة الولاية ويري مراقبون ان غيابهم جعل المشاكل في تزايد مستمر".
تأخر الترتيبات الأمنية
وأشارت الناشطة السودانية إلأى أنه بالرغم من توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية المكونة من حركات مسلحة، إلا أن الاتفاق لا زال يواجه عقبة التعثر في تنفيذ بعض بنوده وإن عدم تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية يهدد بنسف العملية السلمية ويعيد البلاد إلى مربع الحرب من جديد فيما أكد والي غرب دارفور خميس عبدالله ابكر أهمية إنفاذ بند الترتيبات الأمنية من أجل تشكيل القوة الوطنية لحماية دارفور دعما لتحقيق الأمن والإستقرار وعودة النازحين واللاجئين إلى قراهم لافتا أن عملية تأخير بند الترتيبات الأمنية ساعدت في التفلتات الامنية بدارفور، وعدم عودة النازحين إلى قراهم.
صراعات متجددة لمصلحة من؟
وقالت إنعام النور لـ "الفجر":"حكومة الفترة الانتقالية وحاكم إقليم دارفور يحملان منجم ضخم للكراهية للولاية وبرغم الطلاق الذي بينهما لو تسائلنا ما الذي ستخلقه الحرب من تطورات على ولاية كبيرة مثل غرب دارفور بوجود الخيرات والموارد فإن حكومة المركز رحمها الله هي من ترسم معالم هذه الحرب ولا تتأثر البتة وتخلق ظروف متفجرة تخدم مصالحها وتنفيذ اتفاقية جوبا على أرض الواقع فكانت فرصة بأن تفتح لدارفور صفحة جديدة مع التأسيس لعلاقات وطيدة بين مختلف المكونات على أساس المساواة والعدالة وحقوق المواطنة".
وتابعت: "كانت الوعود الكاذبة التي تقطع من قبل مجلسي السيادة والوزراء وحاكم إقليم دارفور الكبيرة بمنع التفرد وضمان الشراكة الحقيقية لجميع المكونات في حكم البلاد وليست المشاركة فقط والتوزيع العادل للثروات، قد أثلجت صدر إنسان دارفور غير إنها وبكل أسف بقيت حبرا على ورق وتحولت المشاركة في حكم البلاد إلى منة وصدقة تمنحها الكتل الكبيرة، وبات سحق آمال المواطنين وتطلعهم لمستقبل أفضل وأجمل أمر مرهون بيد الحكام معتقدين أن ذلك من طبائع الامور وتحولت الديمقراطية إلى وسيلة للالتفاف على الخصوم السياسيين وتفريقهم وتشتيت صفهم وأصبح الانصياع لمخططات وأجندات الدول مبعثا للتباهي بإمتياز".
وأضافت: "كان على حكومة المركز الذين اخفقوا وتعثروا أمام أمن وسلامة مواطن غرب دارفور أن يدركوا بأن أي إنزلاق لحرب قادم قد يطرح الأبعاد الأكثر خطورة، إذ أن تأثير مثل هذه الحرب الانتحارية، الدموية لا يمكن أن تقاس بمصالح صغيرة، أمام كارثة أكبر، قد تدفع حكومة المركز الثمن اليوم قبل غدآ فالاقتتال الذي حدث ولا زال مستمر لن يحسمها الأجهزة الأمنية وأشار أخرون إلى أن مواطن الولاية لا يملك الوقت للانشغال بحياكة المؤامرات والدسائس، بل هو مشغول بالدفاع عن نفسه".
الإفلات من العقاب
الأمن والعدالة في كل العالم وجهان لعملة واحدة فلا يتحقق الأمن بلا عدالة، حتى وإن بدا ذلك ظاهريًا، بينما يتحقق الأمن كلما كانت العدالة راسخة متأصلة في المجتمع كذلك هو الأمن والحرية، فلا تناقض بينهما، بل تكامل مؤكد فالدفاع عن مسارات العدالة وحق المتهم بمحاكمة عادلة، هو دفاع عن المجتمع لا عن المجرم ويري مراقبون ان ولاية غرب دارفور له مجرمين طلقاء، لهم وزنهم في المجتمع ومتهمون بجرائم لم تتم إدانتهم والإفلات من العقاب نقطة أساسية في تدمير المجتمعات، وبالذات التي مرت بحروب أهلية.
قطار وقف العدائيات
وعن وقف العدائيات، قالت "النور":"أطراف النزاع في ولاية غرب دارفور يوقعون على وثيقة تعهد بعدم الاعتداء في صراع منطقة “جبل مون” ويبدو أن رياح المصالحات قد تهب على الولاية مرة أخري، رياح تحمل معها نسمات باردة لتمر على بؤر التوتر المشتعلة، وتحاول تخفيف وتهدئة جذوتها الا إنه ا وبوصف مغرديين لا تفيد في هذه المرحلة داعيين الحكومة بتفعيل الحسم والردع ومعاقبة المتفلتين والمجرمين".
الأمم المتحدة وغرب دارفور
وأفادت وكالات الأمم المتحدة بنزوح آلاف الأشخاص منذ نوفمبر بسبب تصاعد العنف في دارفور، موضحة أن الوضع الإنساني في دارفور في السودان يزداد سوءًا وسيحتاج نحو 6.2 مليون شخص بدارفور إلى مساعدات إنسانية العام المقبل ويمثل العدد نحو نصف سكان المنطقة، ويشمل 2.4 مليون نازح و840 ألف عائد و234 ألف لاجئ و2.7 مليون مقيم، وأشار إلى فرار قرابة 10 آلاف جراء العنف في جبل مون، بغرب دارفور، منوهًا إلى لجوء أكثر من 2000 منهم، معظمهم من النساء والأطفال، إلى تشاد المجاورة.
وأعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قطاع دارفور عن قلقها جراء الأحداث الأخيرة التي اندلعت بمناطق جبل مون وكرينك أوضح المدير القطرى لقطاع دارفور بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين المستر “تي بي ها ويرد” أن وفد المفوضية عقد اجتماعًا مشتركا مع والي غرب دارفور للوقوف على الأوضاع الإنسانية والامنية بالمنطقة.
ودعا سلطات الولاية العمل مع المفوضية لضمان حماية المدنيين مؤكدآ جاهزية الأمم المتحدة لتوفير المساعدات الإنسانية الطارئة إلى المنطقة بغية تحسين الظروف الإقتصادية وضمان تعزيز الامن والسلامة لموظفي الامم المتحدة، فضلا عن سعيهم لتحويل أنشطتهم الإنسانية الطارئة مستقبلا إلى الانشطة التنموية، بشأن مساعدة النازحين واللاجئين والعودة إلى مناطقهم، والعمل على دعم أهداف الإعلان الدستوري للفترة الانتقالية وتعزيز الخطط الوطنية لحماية المدنيين.