الدكتور خالد صلاح يكتب: ترانزيت...
تناقلت المسامع على أن السفر له سبعة فوائد.
والفوائد السبعة التي تم ذكرها لم يكن في القاموس غير الرقم سبعة.
وفوائد السفر مائة فائدة.
بادئ ذي بدء من فوائد السفر كسب الرزق والبحث عنه في مكان آخر غير المكان الذي نشأ فيه الفرد وتعلم وتخرج من جامعاته ليجد المكان الذي يتمنى أن يعيش فيه قد ضاق على أهله وغلت معيشته وتصارع وتكالب البشر ذات المهنة الواحدة على الحصول على لقمة العيش التي تكاد أن تكفي فرد واحد فقط وليس ألف.
من ثم فإن السفر من فوائده الأولى البحث عن سعة من العيش والوصول لحياة كريمة للفرد ولأولاده وتلبية احتياجاتهم الأساسية وليست الكمبونية والتجمعية الخامسية ولا الأكتوبرية وحياة المياه المعدنية والاستشوار للحيوانات الاليفة.
فخروج الفرد وراء لقمة العيش من مهبط رأسه إلى مهبط رزقه لا يدفعه إلى ذلك إلا تحقيق هدفه وهدف أولاده وأسرته؛ متحملا في سبيل ذلك ويلات الغربة والحنين الأول والأخير لأسرته.
والفائدة الثانية للسفر وهي التعرف على أنواع البشر بكافة أطيافهم واختلاف مؤهلاتهم وتنوع تربيتهم؛ ففي السفر يجد الفرد أثناء سفره سواء بقصد أو عدم قصد الكريم والبخيل معا، والأصيل واللئيم في كرسي واحد، والثرثار والمتحفظ في نفس المكان، ويكون لزاما على المسافر من أجل لقمة العيش أن يتعامل مع كل هذه الفئات وينسجم معهم حتى يأمن من ويلات الثرثار واللئيم والدنيء.
والفائدة الثالثة التي ينعم بها المسافر هي معرفة مدى مكانته لدى وطنه من المحبة والامتنان وكأن في كل ما يجده الفرد من مواقف أثناء سفره يدل على مدى تمسك وطنه به وأن الوطن المتمثل في أفراده وهيئاته لا يريدون أن يسافر ابنهم من خلال الإجراءات وتزاحم نويبعاتها.
الفائدة الرابعة وإن كنت تعد معي أيها القارئ العزيز وهي المتمثلة في معرفة مدى تكالب من يسهل ويقوم بإجراءات السفر والتي تتمثل في المكاتب التي تسلم الأفراد تسليم أهالي تحت مظلة وهدف واحد وهو الاستفادة من الافراد الذين لم يرتكبوا جرم سوى بحثهم عن لقمة العيش.
والهدف الخامس وهو التعرف على بشر وطبائع جديدة من البشر الذين تربطنا بهم لهجة واحدة ومصير واحد؛ فمنهم الكريم الذي قد يقدم وجبة ساخنة لمن يسكن عنده ويتكلف عناء ذلك المال والوقت ولكن يفعل ذلك بدافع المروءة العربية والأصيلة كنموذج أبو عمر؛ فهو ليس اسم فقط بل رمز للكرم العربي.
وبجانب الرجل العمري ذاته وابنه نجد النوع الثاني من البشر الذين لا يهتمون إلا بالمصلحة المادية والشخصية كالفتى الهزاعي والغنيماتي، فهذين بطلين لقصة عنوانها المصلحة فوق الجميع وليذهب الضيوف إدراج الرياح.
هذه كانت فوائد السفر كما تناقلتها كتب الترحال والمسافرين عبر الزمان، وأبطال وشخصيات ومسميات القصة ما هي إلا رموز لقصص كثيرة زالت ومازالت تتكرر كل يوم مادام هناك سفر ومسافر وترانزيت.
والمرآة دوما لا تكذب.
فالشخص لا بد أن ينظر لمرآة نفسه ويعرف لمن ينتمي.