المضادات الحيوي.. طريق العلاج المحاط بالمخاطر (تقرير تفصيلي)
في أسبوع احتفال منظمة الصحة العالمية للمضادات الحيوية والبادئ منذ يوم ١٨ نوفمبر، عبرت المنظمة عن قلقها حيال كثرة استخدام المضادات الحيوية ونشرت، أن المضادات الحيوية تعتبر مفيدة وأساسية في علاج بعض الأمراض سواء التي تصيب الإنسان أو الحيوان ولكنها تمثل خطرًا كبيرًا وحقيقيًا إذا تم الإفراط في استخدامها
وقالت المنظمة: " تستخدم مضادات الميكروبات (المضادات الحيوية) في الأحياء المائية، والإنتاج الحيواني، وزراعة المحاصيل وهذا يمثل مصدر قلق حيث تؤدي إلى انتشار الكائنات الدقيقة المقاومة لمضادات المكيروبات التي يمكن أن تنتقل إلينا من خلال الطعام ".
وأشارت إلى الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية الذي ظهر واضحًا منذ بداية الجائحة كورونا كعلاج للالتهابات البكتيرية لدى المصابين بڤيروس كورونا
الأمراض المناعية ومرض السكري والسمنة.. مخاطر إساءة استخدام المضادات الحيوية :
ومن هنا قال الدكتور محمد بكير، أستاذ الباطنة وأمراض الدم بكلية الطب جامعة الأزهر ورئيس وحدة أمراض الدم بمستشفى الحسين الجامعي، إن المضادات الحيوية علاجات تستخدم لمحاربة البكتيريا ولا تستخدم في حالة الڤيروسات وبناءًا عليه يجب حصرها في حالات البكتيريا ومنع استخدامها في حالات الفيروسات
وأضاف بكير في تصريحات خاصة " للفجر "، أن استخدام المضادات الحيوية في حالات العدوى الڤيروسية سواء حالات البرد أو كورونا غير المصاحب لعدوى بكتيرية شيئ غير مرجح ولا يوصى به، لكن عند التعرض لعدوى بكتيرية من المفترض استخدام المضادات الحيوية بالشكل الأمثل الذي يحدده الطبيب حيث أن كل نوع من البكتيريا يقابله نوع من المضادات الحيوية الخاصة به
وأشار أستاذ الباطنة إلى أنه لا يوجد مضاد حيوي يعمل على جميع أنواع البكتيريا، وأن لكل مضاد حيوي طريقة استخدام فتارة يكون بالحقن وهذا الحقن يتفرع إلى نوعان وريدي وعضلي، وتارة أخرى يكون عن طريق الفم، كما أشار إلى أن لكل مضاد حيوي جرعة تختلف باختلاف نوعه
وأوضح أن طرق إساءة استخدام المضادات الحيوية قائلًا، وصف المضاد الحيوي غير المناسب للبكتيريا أو وصف المضاد الحيوي المناسب للبكتيريا بالطريقة أو الجرعة غير المناسبة من طرق إساءة استخدام المضادات الحيوية والتي قد تحدث بسبب قيام الصيدلي بوصفها كعلاج دون الطبيب أو لخطأ من الطبيب نفسه في التشخيص أونتيجة ما يتناوله العامة من أن المضادات الحيوية ثقيلة فيبدأ المريض بتقليل الجرعة من تلقاء نفسه دون الرجوع إلى الطبيب
وتابع: وإساءة الإستخدام أيضًا تحدث من أن لكل بكتيريا مدة معينة، " على سبيل المثال إلتهاب الحلق واللوزتين يوصف له نوع من المضادات الحيوية يتم أخذه لمدة عشرة أيام إذا تم التقليل عن عشرة أيام يعتبر إساءة استخدام "
وحذر من أن إساءة استخدام المضادات الحيوية يؤدي إلى اكتساب البكتيريا مناعة ضد المضاد الحيوي، وإذا حدث ذلك فإن الطبيب يواجه مشكلة طبية حيث لا توجد خيارات كثيرة للتصرف لأنه يفاجئ أحيانًا من أن البكتيريا أصبح لديها مقاومة لكل أنواع المضادات الحيوية
ونصح، أنه على المريض أن ينصت جيدًا إلى الطبيب المعالج ويأخذ جرعة العلاج الموصوفه بانتظام لافتًا إلى أنه على الطبيب أيضًا تحديد جرعة العلاج المناسبة للفئة المناسبة وفي المدة المناسبة للبكتيريا المعينة.
وأردف: إساءة استخدام المضادات الحيوية تؤثر على المايكروبايوم، ويقصد بالمايكروبايوم هنا نوع البكتيريا النافعة الموجودة داخل جسم الإنسان كما في القصبة الهوائية والأمعاء، وهي بكتيريا تلعب دورًا إيجابيًا هامًا للجهاز المناعي وأيضًا في عملية الأيض أو التمثيل الغذائي ومنع العدوى بالبكتيريا الضارة وفي الحفاظ على الوزن، وإساءة استخدام المضادات الحيوية يقضي على البكتيريا النافعة مسببًا مشاكل تتمثل في أمراض مناعية ومرض السكري ومشاكل السمنة، وهذا لا يعني عدم أخذ المريض للجرعة المناسبة والمضاد الحيوي المناسب للمرض المصاب به لأن المضاد الحيوي أحيانًا يكون هو العلاج الوحيد المتاح للبكتيريا، موضحًا أن مرض الإلتهاب الرئوي لا يوجد وسيلة لعلاجه غير بوصف المضاد الحيوي، فهنا يوصى بالمضاد الحيوي ويتم ترشيحه وإذا لم تؤخذ الجرعة المناسبة في المدة المناسبة لن يتم التخلص من البكتيريا المسببة للإلتهاب الرئوي مما يؤدي إلى حدوث مضاعفات، ولا شك في هذه الحالة يمكن أن تموت البكتيريا النافعة أيضًا ولكنها تنمو مرة أخرى.
المضادات الحيوية خطر داهم:
قال الدكتور عادل عبد العظيم، أستاذ الأمراض المعدية بكلية الطب جامعة القاهرة، إن المضادات نوعين، مضادات حيوية ومضادات ميكروبية وكلاهما في منتهى الخطورة إذا لم تعط للتأثير المباشر على الميكروب المعين حيث يمكن أن تتسبب في عملية مقاومة للميكروبات الأخرى النافعة الموجودة في جسم الإنسان
وأضاف عبد العظيم في تصريحات خاصة " للفجر ": والاستعمال العشوائي للمضادات الحيوية خطر داهم ولا بد من التدقيق في استعمالاتها للحفاظ على صحة الإنسان والحيوان والبيئة وهي صحة واحدة فما يحيط بنا من كائنات حية نباتية وحيوانية بالإضافة إلى الماء والهواء تؤثر على الإنسان وإذا تعرض نوع واحد من هذه الأشياء لمضاد حيوي واحد سينتشر لباقي الأنواع الأخرى مؤثرًا سلبًا على الصحة
وأردف: فهناك أمراض نباتية مسبباتها فيروسية وأخرى مسبباتها ميكروبية وكذلك الحيوان مسببات الأمراض فيه منها ما هي بكتيري ومنها ما هو فيروسي ومنها ما هو طفيلي ويلجأ الكثيرين إلى المضادات الحيوية والميكروبية بطريقة غير محسوبة ومتكررة للتخلص من نوع المرض التي تكون البكتيريا سبب وجوده مما يؤدي إلى اكتساب هذه البكتيريا مقاومة ضد المضادات الحيوية، وغير ذلك فالكارثة هنا هي أن المضادات الحيوية تنتقل من النبات إلى الإنسان وباقي الدائرة المشار إليها سابقًا مسببةً تدمير للميكروبايوم الذي هو أهم خط دفاع لمنع ومقاومة معظم البكتيريا ومسببات الأمراض الأخرى مما يعرض الإنسان للتأثر بأي عدوى ومرض
وأوضح أن المضادات الحيوية أساسها مستخلص من أنواع معينة من الفطريات وحاليًا يتم تصنيع مضادات مماثلة للمستخرجة من الكائنات الحية وذلك نظرًا لزيادة الطلب على المضادات الحيوية، لافتًا إلى أن هناك تحذير قائم من المنظمات الطبية الإقليمية والعالمية بسبب فرط استخدام هذه االمضادات كما أن هناك خطوات لاستئصال المضادات الحيوية من سوق الدواء وبالفعل تم سحب كثير من أنواع المضادات الحيوية.