احتفالية التجلي الأعظم
خبير آثار: احتفالية التجلي الأعظم توافق عيد استشهاد سانت كاترين
أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، باختيار ميعاد احتفالية الإعلان الدولي عن مشروع التجلي الأعظم للتوافق مع يوم الاحتفال السنوي بعيد استشهاد سانت كاترين، 8 ديسمبر، من كل عام.
وأشار إلى أن ذلك يؤكد قيم التلاقى والتعانق بين الأديان التي تنفرد بها هذه المنطقة الاستثنائية باعتباره احتفالًا دوليًا لتلاقى الأديان والحضارات على أرض التجلي الأعظم الأرض التي بوركت وما حولها.
وتنطلق هذه الاحتفالات في ضوء توجيهات القيادة السياسية برؤيتها الثاقبة التي أعطت إشارة البدء في هذا المشروع القومي منذ يوليو 2020 والذى يتضمن تطوير المنطقة التي تشمل الدير وجبل موسى ووادي الدير ومسار نبي الله موسى من وادي الراحة إلى شجرة العليقة المقدسة ومسار نبي الله موسى من طور سيناء إلى جبل الشريعة عبر وادي حبران وأعمال ترميم وتطوير لمكتبة الدير والكنائس الفرعية والتأمين ضد أخطار الحريق والسيول وتطوير البنية التحتية للمنطقة مع إقامة منشئات فندقية بيئية وبازارات متطورة ومحلات راقية لعرض المنتجات السيناوية ومساكن بشكل سياحي ملائم لطبيعة المنطقة وساحات عامة كمتاحف مفتوحة للاحتفالات والمهرجانات وتحسين الطرق وتشغيل مطار سانت كاترين صباحًا ومساءًا وتوسعته وتطويره وكان يعمل صباحًا فقط وتطوير الميادين العامة وتأمين الصعود إلى جبل موسى وتزويده بالخدمات السياحية المناسبة لطبيعة وجلال هذا الجبل المقدس وإنشاء مركز معلومات لخدمة زوار المنطقة من كل الجنسيات.
وفي هذا الإطار يشير الدكتور ريحان إلى أن سانت كاترين استشهدت عام 307م الموافق 29 هاتور من الشهور القبطية ويحتفل به الدير يوم 8 ديسمبر من كل عام وقد شهد علماء الحملة الفرنسية مظاهر هذا الاحتفال وأن الجثمان كان فى صندوق له نافذة من الرخام وفى يوم عيد سانت كاترين تعرض الرأس واليد اليمنى أمام النافذة وتنال تقديس الناس ولقد رأى علماء الحملة الفرنسية أحد مراسم هذا الإحتفال فلقد زينت الكنيسة كما فى أيام الأعياد الكبرى وأضيئت كافة الشموع والمصابيح وسار رئيس الدير والرهبان إلى الكنيسة حتى بلغوا الشرقية ليقبلوا جبهة القديسة والخاتم بيد القديسة وقد أخبر الرهبان علماء الحملة الفرنسية أن رفات سانت كاترين الباقية تشمل الرأس ويد واحدة.
ونوه ريحان بأن علماء الحملة الفرنسية صعدوا إلى جبل سانت كاترين الذي يرتفع 2642م فوق مستوى سطح البحر وصحبهم أحد رهبان الدير ورأوا هناك صخرة من الجرانيت هي موضع تقديس من جانب المسيحيين، ولقد شرح لهم الرهبان قصة هذا التقديس حيث وجدوا على هذه الصخرة رفات لفتاة فأخبروا أحد الرهبان بالأمر وذهب الجميع للتعرف على الجثمان وأقروا بأنه جثمان لشهيدة وأنه لا بد أن يكون جثمان القديسة كاترين ثم نقل الرهبان ما تبقى من الجثمان لكنيسة التجلى بالدير ووضعت بقايا القديسة فى صندوق ذهبى بمذبح الكنيسة.
وتابع ريحان أن سانت كاترين قديسة مصرية وليست يونانية وهى إبنة كوستاس من عائلة نبيلة بالإسكندرية عاشت بالإسكندرية أيام حكم الإمبراطور الرومانى مكسيمانوس 305- 311م وتحولت إلى المسيحية فى زمن الوثنية ومن أجل أن ينتزعها الإمبراطور من المسيحية أصدر أوامره إلى خمسين حكيمًا من حكماء عصره أن يناقشوها ويجادلوها فى سبيل دحض براهينها عن المسيحية إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل وجاءت النتائج عكسية.
ولفت إلى أن هؤلاء الحكماء الوثنيون آمنوا بالمسيحية وحذا كثيرون حذوهم وكان من بينهم أقرب المقربين للإمبراطور من رجال البلاط فلجأ مكسيمانوس لتعذيبها وأمر أن تصنع عجلات يبرز منها مسامير ورؤوس سكاكين مدببة ليضعونها فيها ولم يؤثر هذا على إيمانها مما دفع أحد الجنود لقطع رأسها وبعد مضى قرون على استشهادها رأى أحد رهبان سيناء رؤيا بأن الملائكة حملوا بقايا جسدها ووضعوها فوق قمة جبل قرب الدير فصعد الرهبان للجبل فوجدوا الرفات فدفنوها فى أعلى ذلك الجبل وأطلق على الجبل اسم جبل سانت كاترين وهو أعلى جبل فى مصر وأطلق على الدير دير سانت كاترين وكان يسمى بدير طور سيناء منذ إنشاؤه فى القرن السادس الميلادي.
وأضاف ريحان أن شهرة سانت كاترين ذاعت فى جميع أنحاء أوروبا خاصة بعد أن حمل سمعان المترجم الذى يتحدث خمس لغات رفات القديسة إلى منطقة الرون وترينس بفرنسا وكتب فى القرن العاشر الميلادى كتابه (استشهاد القديسة كاترينا المنتصرة شهيدة المسيح المعظمة) وانتشر تكريم سانت كاترين ورسمت صورها فى الشرق والغرب بتصويرعجلة التعذيب وما يزال بالدير حتى اليوم الكثير من صور القديسة يحيط بها مشاهد تمثل بعض أطوار حياتها واستشهادها وهناك تابوت تحت قبة المظلة التى تقع على يمينمذبح كنيسة التجلى يحوى صندوقين من الفضة أحدهما يضمجمجمة سانت كاترين يحوطها تاج ذهبى مرصع بالجواهر،والآخر يضم كف يدها اليسرى وتزينها الخواتم الذهبية المرصعةبالأحجار الكريمة علاوة على تابوتان من الفضة رسم على غطاءكلًا منهما صورة سانت كاترين مصنوعة من الذهب الخالصالمرصع بالأحجار الكريمة، التابوت الأول إهداء من قيصر روسيابطرس الأكبر عام 1688، والثانىدي إهداء من إسكندر الثانى1860.
وبعد العصر البيزنطى وحتى القرن العشرين أصبح لدير سيناء مقار سينائية متعددة تأسست فى جميع أنحاء العالم وأعطوها اسم سانت كاترين منها المقر السينائى الهام فى مدينة هراقليون بكريت الذى تخرج منه عدد كبير من شخصيات الكنيسة الهامة وقد زاره الدكتور ريحان بنفسه أثناء دراسته للآثار البيزنطية بجامعة أثينا.