قصر محمدعلي بشبرا..
قصر محمد علي بشبرا.. من تفجير إرهابي إلى افتتاح وشيك (القصة كاملة)
تشهد مصر خلال الفترة الحالية نهضة كبير في قطاع السياحة والآثار، حيث تقوم الدولة بتجهيز العديد من المواقع الأثرية والتراثية، وتزويدها بكل ما يجعلها صالحة للزيارة السياحية، ويُعد قصر محمد علي باشا والذي أنشأه في عام 1809م، من أبرز تلك المشروعات التي تتجهز حاليًا للافتتاح واستقبال الزوار بعد طول إغلاق.
قصر محمد علي في شبرا
والقصر على طراز تركي شهير يدعى “قصور الحدائق” حيث يتم عمل حديقة على مساحة شاسعة يتخللها عدد من المباني، وتبلغ مساحة حديقة قصر محمد علي في شبرا 50 فدانًا، ومساحة المباني فيها 26 فدانًا، والمتبقي من مبانيه ساري الفسقية وساري الجبلاية واللذات يعدان تحفة معمارية زخرفية شاهدة على عظمة مصر في تلك الفترة.
تفجير إرهابي يتسبب في تضرر القصر
تعرض القصر للعديد من الأضرار بسبب الحادث الإرهابي الذي استهدف مبنى الأمن الوطني في شبرا عام 2015، حيث أدى الإنفجار لتكسير زجاج سراي الفسقية، وتلف بعض أبواب الحجرات وسقوط نجفة من النجف الحديث، كما تأثرت سراي الجبلاية نسبيًا حيث كانت حالته المعمارية سيئة وزادت سوءً بعد الحادث، وحينها قامت كلية الهندسة جامعة القاهرة بالتعاون مع قطاع المشروعات بوزارة الآثار حينها بعمل دراسة شاملة للمكان تمهيدًا لترميمه، وأثناء عمل الدراسة اكتشفوا أن حالة قصر الجبلاية المعمارية خطيرة جدًا.
السوء يمتد لبقية القصر
سوء الأحوال امتد لبقية القصر وملحقاته، فحالة سراي الفسقية كانت سيئة هي الأخري ولكن ليس بسوء سراي الجبلاية، حيث كانت تحتاج الأولى لعملية لترميم شاملة تتضمن إصلاح الفسقية "النافورة"، ومبنى الساقية حيث كانت تعتبر حالته جيدة نسبيًا ولكن لم يكن هناك غنى عن الترميم، لبعض أجزائه، إضافة لحديقة القصر الشاسعة والتي كانت تعاني من التدهور وتحتاج للصيانة والتنظيف والتطوير.
الهيئة الهندسية من جديد
القصر بدأ مشروع ترميمه في عام 2017 حيث كان أحد المشروعات التي تضمنها، بروتوكول التعاون الموقع بين وزارة السياحة والآثار والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتي أثبتت كفاءة في عدد من المشروعات على رأسها لامتحف المصري الكبير، حيث يتميز العمل للهيئة بالسرعة والإتقان والدقة الشديدة.
فالتعاون الذي يعمل في القصر كان الناتج عنه هذا العمل الضخم حيث تشرف وزارة السياحة والآثار كجهة علمية توثيقية، ومركز هندسة الآثار والبيئة بكلية الهندسة جامعة القاهرة هي الاستشاري الهندسي، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة هي المنفذ، فجاء العمل كأفضل ما يكون.
حيث تم الانتهاء بالكامل من ترميم مبنى كشك الجبلاية، كما تم الانتهاء من جميع أعمال ترميم مبنى قصر الفسقية، كما أن أعمال الإضاءة للقصر تم تصميمها بحرفية لتبرز جمال وأصالة روح الأثر، وتتيح للزوار جولة سياحية مسائية فريدة من نوعها كما وصفها رئيس الوزراء في جولته الأخيرة.
بدء عمليات الترميم
وتم البدء في ترميم سراي الجبلاية أغسطس 2017، وتم البدء في ترميم سراي الفسقية في فبراير 2018، حيث تضمن ترميم البحيرة فك الرخام القديم وترميمه وإعادة تركيبه للأرضيات والحوائط الرخامية، ورفع كفاءة الجزيرة الوسطى، وترميم العناصر الأثرية بالجزيرة الوسطى،وفك المجرى الرخامي وترميمه وإعادة تركيبه، وأعمال العزل لكافة العناصر الرخامية والاثرية والرخام، وأعمال تركيب شبكات الري والصرف والتغذية والالكتروميكانيك.
كما تم ترميم الجمالون الخشبي، فضلا عن الترميم والتدعيم الإنشائي للقباب والحنايا والأروقة، وأعمال العزل، فيما تضمنت أعمال الترميم الدقيق الرفع الفوتوغرافي والمعماري والمساحي،كما تمت أعمال التنظيف الميكانيكي والكيميائي لمشتملات القصر ودرء الخطورة والواجهات الخارجية،وترميم الأبواب والشبابيك ورخام الأرضيات والزخارف الجصية والأعمدة الرخامية والتماثيل الأثرية.
رفع كفاءة الموقع العام للقصر
وبدأت أعمال رفع كفاءة الموقع العام للقصر في أكتوبر 2020، وتضمنت صيانة النافورات وأعمال الزراعات والمساحات الخضراء، وأعمال شبكات الري والصرف والتغذية وأنظمة الحريق، والأسوار والبوابات، وتبليط الأرضيات، وإنشاء غرف للأمن، وإنشاء مبنى التفتيش الأثري الجديد، واللوحات الإرشادية والمعلوماتية للمكونات الأثرية لقصر محمد على "كشك الجبلاية - قصر الفسقية- الجدار الأثري".
كذلك تضمنت أعمال الإضاءة والممشى السياحي المؤدى إلى القصر، والذي يتضمن تنفيذ أعمال إنشائية تضم بازارات، وغرف أمن وأمانات، والبرج المقابل لكوبري المرسى النيلي، ومشايات، وبرجولات خشبية، وأعمال الزراعات، ودهان الأسوار الخارجية والتدبيش،كما تم البدء في إنشاء هذا المرسى النيلي للمراكب على الكورنيش المقابل للقصر، وكوبري مشاه لنقل السائحين من المرسى إلى القصر، حيث تم الانتهاء من جميع الأعمال، وجار تنفيذ أعمال توريد المصاعد لكوبري المشاة، وتصنيع وتوريد البراطيم للمرسى لرسو العائمات.
قصر محمد علي باشا تاريخيًا
القصر يقع على مساحة 26 فدانا، ويرجع تاريخه لأكثر من 200 عام وأشرف علي إنشائه ذو الفقار كتخدا وتم بناؤه عام 1809م، واستمرت عملية البناء حتى 1821، وهو مكون من سراي الجبلاية الذي يتخذ شكل المستطيل ويتكون من طابق واحد، وسراي الفسقية، وشهد هذا القصر إدخال أول نظم إضاءة حديث “الكهرباء” والذي عرفته إنجلترا عام 1820م.
ويشبه القصر في طرازه المعماري العمارة الإسلامية وتحديدًا بناء المساجد، حيث توجد به 4 ظلات تحيط بالفسقية الضخمة التي تبدو كأنها باحة مسجد، وحرص محمد علي في بناء القصر علي استلهام نموذج القصور التركية التي تتميز بحديقة شاسعة يحيط بها سور ضخم ذو أبواب، وعلي مساحة هذه الحديقة تتوزع منشآت ومباني القصر، وكان أول المنشآت سراي الإقامة وكان موضعها وسط طريق الكورنيش الحالي وكان ملحقا بها عدة مبان خشبية لموظفي دواوين القصر والحراسة، إضافة إلي مرسي للمراكب علي النيل.
وفي عام 1821 أضيفت إلي حديقة القصر سراي الفسقية التي ما زالت باقية حتي الآن، وتتكون السراي من مبني مستطيل نحو 76 مترا ونصف المتر في88 مترا ونصف المتر)، والتصميم الداخلي للسراي فريد من نوعه ويعتمد علي كتلة محورية عبارة عن حوض ماء كبير"61 مترا في45 مترا وبعمق2،5 متر،""، ومبطن بالرخام المرمر الأبيض، وتتوسط الحوض نافورة كبيرة محمولة علي تماثيل لتماسيح ضخمة ينبثق الماء من أفواهها، وفي أركان الحوض أربع نافورات ركنية.
ويلتف حول حوض الفسقية رواق يطل علي الحوض ببواكي من أعمدة رخامية يبلغ عددها مائة عمود، وبعد ذلك بعدة سنوات أضيفت إلي حديقة القصر "سراي الجبلاية" الباقية هي الأخري حتى الآن، أما رسوم وزخارف القصر فنفذت بأسلوب الرسوم الايطالية والفرنسية في القرن التاسع عشر، حيث استعان محمد علي بفنانين من الفرنسيين والايطاليين واليونانيين والأرمن لزخرفة القصر.