منال لاشين تكتب: خمر الشتا
بالنسبة لملايين المصريين فإن شوربة العدس فى الشتاء هى الملك، ومفعولها أحلى وأقوى من أى مشروب بما فى ذلك الخمور، حتى إن البعض يطلق على شوربة العدس «خمر الشتا»، وبالطبع الأصل بالنسبة للفقراء هى «فتة العدس» لأنها توفر الدفء وتملأ البطن، وهناك بالطبع عدة أكلات ومشروبات شتوية، ولكن تبقى شوربة العدس على رأسها وأهمها.
وأذكر أن وزراء التموين فى عهد مبارك اكتشفوا فجأة أن المصريين يعتمدون على العدس كوجبة متكاملة، وأنهم يشترون العدس من «العلاف» لأنه أرخص، ولا يشترون شوربة العدس جاهزة، وظلت هذه الواقعة أو الأحرى الفضيحة مثار سخرية فى اللجنة الاقتصادية وبين النواب الذين وصلت لهم فضيحة العدس.
ومن باب الاحتياط رأيت أن أذكر كل المسئولين بأن العدس وجبة أساسية واستراتيجية بالنسبة للفقراء فى الشتاء، ومع موجة ارتفاع الأسعار العالمية والتى تتضمن بعض الحبوب فإننى أخشى أن تصل أسعار العدس فى السوق إلى أرقام فلكية، خاصة أن سعر العدس مرتفع أو بالأحرى «مولع» من زمان، وتحسبا لهذا الاحتمال القائم مع جشع التجار يجب أن تتأخذ وزارة التموين احتياطاتها لدعم هذه السلعة الشتوية الاستراتيجية من خلال بطاقة التموين، ويمكن للقائمين على بطاقات التموين أن يحددوا سعرًا مدعما للعدس داخل منظومة التموين خلال الثلاثة أو بالأحرى شهرى الشتاء، فالشتاء فى مصر عمره قصير، ولكن أحيانا «قرصته» تكون مميتة أو مؤلمة.
وبالمناسبة كل إعلامى أو إعلامية عايزين يشاركوا فى جمع بطانين للشتاء فى صعيد مصر أو للفقراء بشكل عام، فإن هذه الحملات يجب أن تبدأ من الآن، وكان يجب أن تبدأ قبل ذلك، أما أن ينشط الجميع فى عمليات جمع البطاطين لمجرد أنهم شعروا بالشتاء أو طلعوا الشتوى، لأن التأخير يفقد عملية الجمع جزءًا مهمًا من هدفها وهو إنقاذ الفقراء من شعور البرد، وليس مجرد الشو الإعلامى والمنافسة وتأكيد المكانة والمتانة.
واستبق الأحداث وأجيب على سؤال كل عام الذى يردده معظم الناس مع موسم جمع البطاطين، هو إحنا بعد كل هذه السنوات والتبرعات لسه عندنا فقراء من غير غطاء؟ اجيب على كل المتسائلين والمتعجبين والمندهشين، نعم ومليون نعم لا يزال لدينا من ينام دون غطاء فى الشتا، ومن دون سقف.