عائشة نصار تكتب: التنظيم يصطاد قيادات طالبان فى المساجد السنية.. ويكرر السيناريو العراقى بضرب مساجد الشيعة “الهزارة”
هجمات تستهدف ٣ مساجد فى نيجيريا خلال شهرين.. ومخطط داعشى لاستهداف أماكن العبادة بتركيا
تستعيد مصر هذا الشهر ذكرى المذبحة الدامية لمسجد الروضة بالعريش قبل ٤ سنوات، وأسقطت ٣٠٥ شهداء، و١٢٨من المصلين بينهم عشرات الأطفال، استهدفهم تنظيم داعش سيناء فى ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧، أثناء أدائهم صلاة الجمعة.
مذبحة مسجد الروضة
قامت مجموعة من العناصر الإرهابية آنذاك باقتحام المسجد، وفتح النار على المصلين، ثم تفجير عبوات ناسفة بمحيط المسجد وإطلاق الرصاص على الأهالى الذين هرعوا من المنازل لنجدة ذويهم، وكذلك حرق سياراتهم، واستهداف سيارات الإسعاف.
وتأتى ذكرى المذبحة الدامية فى توقيت يصعِد فيه تنظيم داعش الإرهابى، موسم هجماته ضد المساجد وبيوت الله، ويرى فى تفجير المصلين واختطاف الأرواح وإراقة الدماء لحظة الاستسلام للعبادة، هدفًا استراتيجيًا وتكتيكيًا له فى الوقت الحالى، على المستوى الإقليمى.
تفجير مساجد سنية بأفغنستان
كان تنظيم داعش خراسان، قد نفذ منذ صعود حركة طالبان للحكم فى أفغانستان عدة هجمات إرهابية متوالية، ومكثفة، ركزت على استهداف المساجد بشكل أساسى، خاصة فى صلوات الجمعة، حيث تكون هذه المساجد فى أوج ذروتها ازدحامًا.
وشهد مسجد بولاية ننجرهار شرق أفغانستان آخر هذه الهجمات قبل أيام، فى ١٢ نوفمبر ٢٠٢١، وقتل فيها ثلاثة أشخاص على الأقل وأصيب ١٥ آخرون بجروح إثر انفجار وقع أثناء صلاة الجمعة.
وبحسب شهادات أفغانية يبدو أنه تم إخفاء القنبلة فى مكبر صوت بالقرب من منبر الإمام فى المسجد، وعندما تم تشغيله لإقامة الأذان، انفجر على الفور.
اللافت للانتباه فى هذه الواقعة أيضًا، أن المسجد المستهدف فى الهجوم، وكما كان الحال فى الهجوم على مسجد الروضة بالعريش، هو مسجد للسنة، وليس للشيعة من أقلية الهزارة المضطهدة بالبلاد منذ عقود، والمستهدفة من قبل هجمات داعش وممارسات طالبان.
وهو مايعنى أن استهداف المساجد فى العموم بأفغانستان أصبح فى حد ذاته الآن هدفًا نموذجيًا لضربات فرع التنظيم الداعشى الشرس، يحقق له إسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا، فى صلاة الجمعة من كل أسبوع.
وذلك فضلًا عن أن تنظيم داعش، ومنذ ظهوره قد اعتمد المناسبات الدينية، كأيام الجمع، وشهر رمضان، كمناسبات مفضلة لـ»غزواته» الإرهابية، تمنحها الصبغة والهالة الدينية المرجوة، وفقًا لما تروجه آلته الإعلامية.
كما افتتح تنظيم داعش هجماته على المساجد بعد صعود حركة طالبان لحكم البلاد فى ٣ أكتوبر الماضى، عندما استهدف مسجدًا سنيًا آخر أيضًا، هو مسجد عيد كا، وتتواجد فيه قيادات حركة طالبان أثناء تشييع جنازة والدة الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، وقتل فى الهجوم ٥ أشخاص وجرح ١١ من طالبان، وخارجها.
استهداف مساجد الشيعة الهزارة
بين الهجوم الأخير قبل أيام بأفغانستان، وبين هجوم ٣ أكتوبر الماضى أيضًا، نفذ تنظيم داعش هجومين إرهابيين ضد مسجدين للشيعة الهزارة فى أفغانستان، أسقطا عددًا ضخمًا من الضحايا والمصلين.
فى ١٥ أكتوبر ٢٠٢١ شن التنظيم هجومًا انتحاريًا استهدف مسجد «بيبى فاطمة» المعروف بمسجد الإمام برقة، بمدينة قندهار جنوب أفغانستان، أسفر عن مقتل أكثر من ٦٠ شخصا وسقوط نحو ٧٠ من الجرحى والمصابين.
وتبنى التنظيم الهجوم الإرهابى عبر بيان له نشره على قنواته على تطبيق تليجرام، وأعلن فيه أن انتحار يين من عناصره هما أنس الخراسانى وأبو على البلوشى، قد نفذا هجومين منفصلين على مسجد «فاطمة» بعد أن أطلقا الرصاص على حراس الأمن، ففجر الأول سترته الناسفة عند المدخل، بينما فجر الآخر سترته فى وسط المسجد.
وجاء الهجوم الإرهابى بعد أسبوع من تفجير آخر ضرب مسجدا شيعيًا فى مدينة خان آباد بولاية قندوز شمال البلاد، وراح ضحيته مايزيد عن ١٢٠ شخصًا آخرين.
المسلمون الشيعة الذين يمثلون نسبة ١٠٪ من المجتمع الأفغانى، وغالبيتهم من أقلية الهزارة، يمثلون هدفًا واضحًا فى هذه اللحظة، لتنظيم داعش خراسان، الذى يحمل عداءً عقائديًا ضاريًا لهم، ويحاكى السيناريو العراقى مرة أخرى بضربهم.
كما يسعى عبر استهدافهم بهجمات إرهابية متكررة إلى سحب البساط من حركة طالبان، وإبرازها كسلطة ضعيفة تفشل فى إحكام سيطرتها الأمنية على أفغانستان، وأيضًا تصدير نفسه بوصفه التنظيم الجهادى الأول فى البلاد الذى يستحق الانضمام لصفوفه، دونًا عن القاعدة وطالبان، وبالتالى فداعش الأفغانى، الخارج من عباءة طالبان بالأساس، يسعى لمزيد من الانشقاقات الطالبانية واستقطاب للعناصر الأكثر تشددًا فى الحركة لصفوفه.
نقلة نوعية
طفرة نوعية واضحة على المستوى التكتيكى والاستراتيجى، يشهدها تنظيم «ولاية خراسان» الداعشى، وتترجمها اختياره لنوعية الأهداف، وتوقيت العمليات خلال الشهور الماضية، وبدأها التنظيم بأولى عملياته الإرهابية بعد وصول طالبان للحكم بهجوم مدوٍ على مطار كابول، تحت سمع وبصر الفضائيات ووسائل الإعلام الدولية فى ٢٧ أغسطس الماضى، وإلى أن نجح ٢ نوفمبر الجارى فى قتل القيادى العسكرى فى حركة طالبان حمدالله مخلص، فى هجوم نفذه التنظيم على مستشفى عسكرى فى كابول وراح ضحيته ١٩ شخصًا، و٥٠ مصابًا، فضلًا عن هجماته ضد المساجد التى أسفرت عن عدد هائل من القتلى والجرحى.
داعش الإفريقي يشرب مستجد نيجيريا
فى ذات التوقيت تتواتر التقارير التى تتحدث عن استهداف داعش الإفريقى المساجد بنفس الأسلوب فى القارة السمراء. وبخلاف هجومين استهدفا مسجدين بنيجيريا خلال الشهرين الماضيين، أسقط هجوم ثالث على مسجد بولاية كاتسينا شمال غرب البلاد مؤخرًا ما يزيد على ١١ قتيلًا و٨ من المصابين.
كما أعلنت تركيا عن خلال الشهر الجارى عن ضبطها عناصر موالية لتنظيم داعش كانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية ضد أماكن العبادة والمؤسسات الحكومية فى البلاد.
تدمير "جامع النوري" وتهديد "المسجد النبوي"
وكما ارتبط تنظيم داعش منذ ظهوره على ساحة الإرهاب العالمى، بظاهرة استهداف المساجد الشيعية، كامتداد لنهج أبومصعب الزرقاوى قبلًا وهجماته ضد الحسينيات الشيعية بالعراق، ثم تجاوز التنظيم ذلك باستهداف المساجد السنية أيضًا على خلفية أيدولوجيا تكفيرية تطال الجميع.
فبخلاف ما ألحقه التنظيم من تدمير وخراب بجامع النورى أو «الجامع الكبير» ومأذنته الحدباء بمدينة الموصل العراقية، بعد أن شهد ظهور زعيمه السابق أبو بكر البغدادى للمرة الأولى وإعلان «الخلافة الداعشية» يوليو ٢٠١٤، وصل عدد ضحايا تفجير التنظيم الإرهابى لمسجد الإمام الصادق بالكويت وقت صلاة الجمعة أيضًا إلى ٢٧ قتيلًا وأكثر من ٢٢٧ جريحًا فى ٢٦ يونيو ٢٠١٥.
كما نفذ التنظيم فى ٤ يوليو ٢٠١٦ ثلاث عمليات انتحارية متزامنة فى ثلاث مدن سعودية، منها جدة والقطيف، بينما استهدف التفجير الانتحارى الأبرز أفراد الأمن بالساحة الخارجية للمسجد النبوى الشريف بالمدينة المنورة.