"تشتري آخرتها بما تملك في دنياها ".. مسنة تتبرع بأملاكها لأبناء قريتها بالأقصر
قال النبي صلى الله عليه وسلم "مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، فهنيئًا لكل من اشترى آخرته بدنياه، مثلما فعلت سيدة مسنة، من أبناء محافظة الأقصر، لصالح أبناء قريتها.
الحاجة "حليمة يوسف عبد الرحيم"، إحدى أبناء قرية المريس بغرب الأقصر، والتي تبلغ من العمر 75 عامًا، لم يزرقها الله بذرية، حتى توفى زوجها، وورثت عنه أرضًا تبلغ مساحتها 4 قراريط، ويصل ثمنها إلى ما يزيد عن مليون جنيه حسب تقييم أسعار السوق في القرية.
وعملت الحاجة حليمة في حياتها، على تربية أبناء أخ زوجها كأبناء لها، حتى شبوا وكبروا، واطمأنتهم عليهم، فما كان لها إلا أن تفكر في آخرتها بعمل صالح بعد قيامها بأداء فريضة الحج منذ أعوام، فهداها فكرها إلى بناء مسجد على قطعة الأرض التي تمتلكها، إلا أن المبلغ المالي الضخم المطلوب لبناء المسجد لم يكن متوفر معها، حتى قام أحد الأشخاص بالقرية ببناء مسجد.
وبعد إنشاء المسجد، بالقرب من أرضها، استبعدت "حليمة" تلك الفكرة بقلب خالص حتى تستطيع إفادة أبناء بلدتها بعمل خيري خالص لوجه الله تعالى، لتشتري بيه آخرتها بما تملك في دنياها، حتى هداها الله إلى مجموعة من المخلصين بالقرية وطروحوا عليها فكرة من أجل الصالح العام.
ويقول إيهاب حسن مدير مدرسة التحرير الثانوية بالمريس، لـ "الفجر"، "أرادت الحاجة "حليمة" التبرع بما تملك لوجه الله، شرط أن يكون هذا التبرع من أجل المصلحة العامة لأبناء القرية، فكانت فكرتنا التبرع بالأرض لصالح مشروع حياة كريمة، من أجل بناء مجمع مصالح حكومية يخدم القرية، ويشمل (سجل مدني - شهري عقاري _ مكتب تموين مطور ) بالإضافة إلى إنشاء مجمع زراعي".
وتعاني الوحدة المحلية للمريس من عدم وجود مصالح حكومية تخدم أبنائها، حيث يطمحون في بناء مجمع حكومي شامل بدخول القرية في المرحلة الثانية من مشروع حياة كريمة الذي يشمل 4500 قرية على مستوى الجمهورية.
وأضاف "حسن"، أنه تم بالفعل منذ أيام توقيع عقد التبرع من الحاجة حليمة، لصالح الوحدة المحلية لقرية المريس، وذلك من أجل مشروعات نفع عام، وتم تسليمه، مشيرًا إلى أنه سيتم احاطة الأرض خلال الايام المقبلة، ووضع لافته عليها، انتظارًا لدخول مشروع حياة كريمة في القرية وبناء المجمع عليها.
ولم تستطع "الفجر"، الحديث مع الحاجة "حليمة"، لمرورها بأزمة صحية، بعد تسليمها عقد التبرع لمجلس المدينة، حيث أوضح "مدير مدرسة التحرير بقريتها"، أنها تولي اهتمامًا خاصًا من أبناء القرية من خلال رعايتها، حيث تعد أمًا للجميع.
و من جانبه أكد، الدكتور محمد رزق رئيس مركز ومدينة الطود، أن الحاجة حليمة تعد نموذجًا مشرفًا وقدوة للجميع، لما قدمته بالتبرع بما تملك، لافتًا إلى أنها ضربت مثالًا عمليًا في خدمة الوطن بعملها الخالص لوجه الله.
وأشار إلى أنه يجرى في الوقت الحالي، إنهاء إجراءات تسجيل الأرض في الشهر العقاري، استعدادًا لدخول المرحلة الثانية من مشروع حياة كريمة، وإقامة مشروعات نفع عام تخدم أهالي قرية المريس.