لتعارضه مع الملاذات الآمنة.. الاتفاق الضريبي العالمي يهدد سيادة الشركات متعددة الجنسيات

الاقتصاد

بوابة الفجر

بعد تحرك مجموعة العشرين لمنع الشركات متعددة الجنسيات من تحويل أرباحها إلى الملاذات الضريبية الآمنة التي تعتبر أهم طرق التهرب الضريبي للشركات والأثرياء بشكل عام حول العالم، توصل العالم في النهاية ‘لى ما يعرف بالاتفاق الضريبى العالمي والذى يعتبر أكبر مبادرة سياسية بعد ثمانى سنوات من الخلاف حول قضية الضرائب.

 وكان الهدف من المحادثات هو أن يتم إقرار الاتفاق من زعماء الدول أثناء اجتماع قمة مجموعة العشرين المقرر فى أكتوبر فى العاصمة الإيطالية روما على إيجاد آليات وحلول للتهرب الضريبى.

وتعتبر الملاذات الضريبية الآمنة بأنها الدول أو الأقاليم التى تفرض ضرائب منخفضة أو تسمح للشركات الكبرى باللجوء إليها أوقات الأزمات، أو تلك التي لا تفرض أي نوع من الضرائب، وفى الغالب يتمتع العملاء فى هذه الدول بقدر كبير من الخصوصية، مثل سرية الحسابات المصرفية والأنشطة التجارية، ولذلك فإنها تجذب الأثرياء دائمًا.

ويضع الاتفاق حدا أدنى عالميا لضريبة الشركات بنسبة 15% على الأقل، لردع الشركات متعددة الجنسيات عن سعيها للحصول على أقل معدل ضرائب، كما أنه سيغير الطريقة التى يتم بها فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات عالية الربحية، مثل أمازون وجوجل، والتى تعتمد جزئيا على المكان الذى تبيع فيه المنتجات والخدمات، بدلا من موقع مقرها الرئيسى.

الاتفاق توصلت إليه الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، كندا، إيطاليا، واليابان ودول أخرى بهدف مواجهة التهرب الضريبي نحو الملاذات الآمنة.

وتتيح الملاذات الضريبية، سهولة تأسيس الشركات بأسماء وهمية، وفتح حسابات بنكية سرية، ولا تخضع هذه الاستثمارات لأي ضرائب، وهو ما جعل الدول الكبرى تخسر الكثير من أموال الضرائب التى كان من المفترض أن تسددها هذه الشركات لحكوماتها، لصالح الملاجئ الضريبية التي تهرب إليها الأموال، سواء الناتجة عن عمليات شرعية أو أعمال غير شرعية، مثل غسيل الأموال والتجارة غير المشروعة.

وتقدر شبكة العدالة الضريبية حجم الثروات المالية الخاصة التى لا تخضع لأى ضرائب حول العالم بنحو 32 تريليون دولار.

ووفقا للاتحاد الأوروبي الذي يقوم بتحديث قائمته بشكل شبه منتظم، هناك اثنا عشر ملاذًا ضريبيًا في العالم، من بينها عُمان والإمارات العربية المتحدة، وليس في القائمة أي دولة أوروبية.

وكشفت تقرير حديث قدمه اتحاد غرف التجارة والصناعة الأوروبية، منع دول منطقة اليورو دخول 800 مليون يورو سنويًا بسبب الملاذات الضريبية الآمنة.

وتتردد دول الملاذات الضريبية بشكل كبير في التوقيع على أي اتفاقيات لتبادل المعلومات، لأنها تعتمد أساسًا على السرية التامة من أجل جذب الأثرياء لإيداع أموالهم في مصارفها.

ارتفع في الفترة الأخيرة عدد الملاذات الآمنة التي ترتبط بزيادة عدد الأثرياء حول العالم، إذا أوضحت دراسة حديثة أجرتها مجموعة “بوسطن” الاستشارية أن عدد المليونيرات حول العالم تضاعف ثلاث مرات على مدار العشرين عامًا الماضية ليصل إلى 24 مليون شخص، يتركز أغلبهم في أمريكا الشمالية واليابان، إذ يملك هؤلاء أكثر من نصف الثروة المالية بالعالم.

يمكن للأثرياء تحويل الأصول إلى الملاذات الآمنة، كما يمكنهم أيضًا إعادة جزء من تلك الملاذات على مدى فترة أطول من أجل تسهيل الوصول إلى السيولة، خصوصًا إذا استمر الانكماش الاقتصادي، في ظل أزمة فيروس كورونا “كوفيد19”.

وفي السياق ذاته، ذكرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية أن هونج كونج وسنغافورة حاولتا اللحاق بسويسرا كأفضل الملاذات الآمنة للأثرياء، إذ أنه من المتوقع أن تنمو الأصول التي تديرها كلا البلدين بأكثر من ضعف سرعة نمو سويسرا خلال الخمس سنوات المقبلة.

ويقول وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن فترة  أزمة كورونا وما تلاها من تأثيرات سلبية على جميع المجالات تسببت في حالة من الهلع الاقتصادي خاصة لدى المستثمرين، وذلك بسبب مخاوفهم التي تحرك الأسهم الحالية والمستقبلية.

ويوضح الخبير الاقتصادي، أن أزمة كورونا دفعت بعض المستمرين إلى تجميد ما يمتلكونه من السيولة، لكن ذلك يحرج جيشا من العمالة التي تقف خلف خروج تلك السلع أو الملاذات الآمنة للنور.

لكن ذلك يعتبر شراء منتج وليس استثمارًا مجتمعيًا، وأن ذلك له أثر بشكل أو بآخر على الاقتصاد، حيث إن فك تلك السلع المجمدة للسيولة يعود بفائدة على الاقتصاد بشكل عام.