تفاصيل رحلة السيسي في فرنسا
انطلاقًا من الجهود الدولية والإقليمية المترامية لإجراء الإنتخابات الرئاسية الليبية في موعدها المقرر ٢٤ ديسمبر ٢٠٢١ فضلًا عن الدور المحوري الذي تقوم به مصر في دعم المسار السياسي في ليبيا على الصعيد الثنائي الدولي والإقليمي، توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم، الجمعة، إلى العاصمة الفرنسية باريس للمشاركة في مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا، وفيما يلي ترصد " الفجر " رحلة الرئيس السيسي منذ وصوله باريس وحتى الآن
دعا كلًا من رئيس الجمهورية الفرنسية، ومستشارة جمهورية ألمانيا الاتحادية، ورئيس مجلس الوزراء
الإيطالي، ورئيس المجلس الرئاسي الانتقالي الليبي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الإنتقالية في ليبيا،
والأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر بشأن ليبيا في باريس يضمّ رؤساء دول وحكومات، وذلك دعمًا
لتنفيذ عملية سياسية يحققها الليبيون ويقودونها بأنفسهم بمساندة الأمم المتحدة ومن شأنها أن تفضي إلى تسوية
سياسية للأزمة الليبية.
وشاركت البلدان والمنظمات الإقليمية التالية بالمؤتمر: مصر، والجزائر، وتشاد، والصين، وقبرص، وجمهورية الكونغو الديمقراطية واليونان، والأردن، والكويت، ومالطة، والمغرب، وهولندا، والنيجر، وقطر، وروسيا، وإسبانيا، وسويسرا، وتونس، وتركيا، وجمهورية الكونغو، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد الأفريقي، والإتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية بالإضافة إلى المجلس التنفيذي للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل.
وصول الرئيس السيسي قصر الإليزيه:
وقد توجه الرئيس السيسي أمس، الخميس، إلى فرنسا استعدادًا لحضور المؤتمر، وعصر اليوم توجه إلى قصر الإليزيه وكان في استقباله الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والذي بادله التحيه والتقطا معًا صورًا تذكاريه
والتقى الرئيس السيسي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ونائبة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كاميلا هاريس، وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، ورئيس مجلس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الإنتقالية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة بالإضافة إلى رؤساء الدول التسع وعشرين المشاركين في المؤتمر
كلمة الرئيس السيسي أمام مؤتمر باريس:
وألقى السيسي، عصر اليوم، كلمته أمام مؤتمر باريس المعقود حول ليبيا والتي أكد فيها أن الوضع الليبي يتجه نحو الأفضل وافتتحها بتوجيه التحية للحضور والشكر للرئيس ماكرون وجمهورية فرنسا على استضافته، لافتًا إلى أن هذا الإجتماع يأتي بعد عامين من قمة برلين والتي تعاهدت فيها الدول الحضور بحماية سيادة ليبيا من أجل إنهاء الصراع وإعادة الإستقرار
وقام الرئيس السيسي بتذكير الحضور بدور مصر التي التزمته منذ ذلك الوقت وانخراطها بجدية في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة حول ليبيا، موضحًا أن الإجتماع يتزامن مع مرور ليبيا بمرحلة حاسمة وهي الإنتخابات الجاري انعقادها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل كاشفًا عن رغبته في إتمام هذه الإنتخابات لكي تعود الدولة الليبية إلى مكانتها العزيزة ودورها العربي والإقليمي الفاعل.
وأشاد الرئيس السيسي بالإجراءات التي اتخذها المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوحدة الوطنية بشأن الإعداد للإنتخابات كما أشاد بجهود مجلس النواب الليبي وتنسيقه مع المفوضية العليا للإنتخابات الليبية لإجراء انتخابات شفافة نزيهة تعبر عن رأي الشعب الليبي بما يعود لمصالح ليبيا العليا.
وأوضح الرئيس السيسي أن ليبيا لا يمكن أن تستعيد سيادتها ووحدتها إلا بالتعامل الجاد مع المشكلات التي تحول دون حدوث ذلك والمتمثلة في تواجد القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب على أراضيها مؤكدًا أن هذا ينتهك ما نص عليه قرار مجلس الأمن رقما ٢٥٧٠ و٢٥٧١، والنتائج المتوافق عليها دوليًا الصادرة عن مؤتمر برلين ٢، ومقررات جامعة الدول العربية، والإتحاد الأفريقي، ودول الجوار الليبي، بشأن ضرورة انسحاب جميع المليشيات والمرتزقة من أرض ليبيا دون استثناء أو تفرقة أو مزيد من المماطلة منوهًا أنه بذلك أوضح ما يجب أن ينتهي إليه الموقف الصادر من الإجتماع وينتظر تدشين ضمانات وآليات لتنفيذ تداعيات الموقف، وتنفيذ مساعي لجنة ٥+٥ العسكرية المشتركة ذات الصلة، وتحديد مدة زمنية واضحة ملزمة لتنفيذ قرار خروج جميع المرتزقة من أرض ليبيا التي دخلوها بعد عام ٢٠١١
وحذر الرئيس السيسي بعض الأطراف داخل وخارج ليبيا ممن تسول لهم أنفسهم بتقويض أي تقدم أو إتفاق دولي وإقليمي تم الوصول إليه تحت أي حجج أو ذرائع
واختتم الرئيس السيسي كلمته بتوجيه خطابًا مباشرًا للشعب الليبي، “ اسمحوا لي أن أخاطب أشقائنا في ليبيا من القلب وأقول لهم: يا أحفاد عمر المختار حان الوقت لكي تستلهموا عزيمة أجدادكم الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل الحرية واستقرار القرار الوطني، وأن تلفظوا من بلادكم كل دخيل مهما تغنى بأن وجوده خيرٌ لكم فالخير في أياديكم أنتم إن تجاوزتم خلافاتكم وعقدتم العزم على بناء بلدكم بإرادة ليبية حرة. وفي هذا ستجدون مصر سند وقوة لكم متى احتجتموها داعمة لطموحاتكم وخياركم وتطلعكم لغد أفضل، ويد تمد العون لنقل الخبرات من أجل تعظيم مصالحنا المشتركة. إيمانًا من مصر بوحدة الهدف على طريق البناء والتطوير بما يحقق آمال شعبينا الشقيقين في ظل ما يربطهما من أواصر الأخوة والجوار والإنتماء الأفريقي والعربي والمصير المشترك”.
جهود مصر في دعم ليبيا:
وفي هذا السياق قال عبد الهادي ربيع، الباحث في الشأن الليبي، مشاركة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر باريس الدولي بشأن ليبيا تأتي استمرارًا للدور المصري الفعال والقوي الداعم للاستقرار في ليبيا، مصر لم تتخل عن ليبيا يوما ودوما كانت تدفع في سبيل الاستقرار والحوار بين الفرقاء وإيجاد أرضية مشتركة، بل ساهمت في وقف التعدي على سيادتها واستقرارها وأمنها.
وأضاف ربيع في تصريحات خاصة " للفجر "، مصر منذ عام 2011 وهي تستضيف الأشقاء الليبيين وتعمل على دعم توحيد المؤسسات وعقدت عددا من المؤتمرات المهمة من بينها جهود توحيد المؤسسة العسكرية وأيضا جهود توحيد مجلس النواب حيث عقدت لقائين هامين ساهما في توحيد الجهة التشريعية والتي قامت بدورها في منح الثقة للحكومة وإعداد قانوني الانتخابات.
وتابع الباحث السياسي، كما أن مصر هي عرابة النجاح السياسي الذي وصلت له ليبيا حتى الآن فهي التي أطلقت مبادرة القاهرة وأعلنت الخطوط الحمراء من بينها خط سرت الجفرة الذي وقف سدا منيعا أمام توغل العدوان التركي والاحتلال الذي كانت تسعى له، والتي على أساسها تم الانطلاق في مسارات الحل وعلى رأسها المسار السياسي الذي شكل السلطة الجديدة وتوحيد المؤسسات كما دعت لحفظ حقوق الأقاليم والتوزيع العادل للثروة الذي يؤسس لمصالحة وطنية حقيقية.
وأوضح أن مصر عقدت لقاءات بين العسكريين الليبيين وبينها لقاء الغردقة الذي يعد هو الأساس الحقيقي لاتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية في جينيف 23 أكتوبر 2020 ولم يتوقف دور مصر عند ذلك، بل ساهمت في دعم المسارات السلمية للحل سواء عبر الدبلوماسية والخطاب الدولي أو بعقد لقاءات مباشرة وعلى رأسها اللقاء الذي تضمن لجنة 5+5 وممثلي دول الجوار الليبي الجنوبي السودان وتشاد والنيجر والذي توصل لاتفاق لإخراج المقاتلين الأجانب من هذه الدول من ليبيا، وغيرها من اللقاءات.
وأشار إلى أن كلمة الرئيس السيسي اليوم تأتي إيمانا من الدولة المصرية بأهمية الاستقرار في ليبيا واستمرارا لدورها القوي القائم على العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين ولذلك أبلغ الرئيس السيسي خلال كلمته عددا كبيرا من الرسائل القوية والمهمة على رأسها دعم الانتخابات في موعدها ودعم لجنة 5+5 في مهامها الوطنية وكذلك رسائله المباشرة للشعب الليبي وكانت كلمات صادقة من القلب إلى الأشقاء الليبين، لافتًا إلى أنها احتوت على عدة رسائل قوية لن يفهمها إلا الليبيين خاصة تلك حول أولئك المعرقلين الذين يريدون تمديد وجودهم وبسط سيطرتهم، والمحافظة على واقع لا يقبل به أي ليبي حر من أجل مصالحهم الضيقة.