النص الكامل لكلمة أبو الغيط بمؤتمر باريس الدولي حول ليبيا
ننشر نص كلمة أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أمام مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا على مستوى رؤساء الدول والحكومات، والتي جاء نصها كالتالي:
"فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، فخامة السيدة أنجيلا ميركل مستشارة جمهورية المانيا الاتحادية، معالي السيد ماريو دراغي، رئيس وزراء جمهورية إيطاليا، فخامة السيد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي لدولة ليبيا، معالي السيد عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، معالي السيد انتونيو جوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة السيدات والسادة رؤساء وأعضاء وفود الدول والمنظمات المشاركة:
يسعدني في البدء أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى فخامة الرئيس ماكرون لمبادرته بالدعوة لعقد هذا المؤتمر المهم بشأن ليبيا، وهو الثاني من نوعه بعد المؤتمر الذي نظمته فرنسا في مايو 2018...، والشكر موصول وممتد لأصحاب الفخامة والمعالي أعضاء الرئاسة المشتركة والسادة المشاركين.
وأود القول بأن المؤتمر يُمثل نقطة مهمة وحاسمة لتخليق زخم إيجابي يصب في الصالح الليبي، كما أنه فرصة سانحة لإعادة تقييم الوضع في البلاد، لا سيما أنه يأتي في أعقاب مؤتمر دعم إستقرار ليبيا الذي عُقد بطرابلس في 21 أكتوبر الماضي، بمبادرة ليبية خالصة، والذي أتاح لنا فرصة الاطلاع على حقيقة الأوضاع في ليبيا، والاستماع عن قرب إلى وجهات نظر أصحاب الشأن أنفسهم.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة:
إن متابعتنا المتواصلة لتطورات الشأن الليبي تدعونا إلى التفاؤل المفعم بالرجاء ولكنه أيضًا مشوب بقدر من القلق... فالتفاؤل مبعثه ما تحقق من حالة استقرار، مثلما ذكرت، نحرص جميعًا على دعمها والحرص على ديمومتها... أما مبعث القلق، فإنه يأتي من التحديات الكبيرة التي باتت تُلازم الحالة الليبية والخشية من إنعكاساتها المحتملة على مسار العملية السياسية، وأعني هنا بشكل خاص التحدي المتعلق بتنفيذ خطة العمل التي أقرتها اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) في 8 أكتوبر الماضي بجنيف، والتي تقضي بإخراج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية - بلا استثناء - بشكل تدريجي ومتوازن ومتزامن من الأراضي الليبية.
أما التحدي الآخر فيتمثل في تحقيق التوافق اللازم حول الإطار القانوني لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد في الرابع والعشرين من الشهر المقبل، بعد أن باتت استحقاقًا يأمله الليبيون، ومطلبًا توافقيًا يحظى بدعم دولي وإقليمي غير مسبوق.
وإنني أود – في هذا المحفل المهم – التذكير بثوابت الموقف العربي من الوضع في ليبيا، حسبما صدر من قرارات متتابعة للجامعة العربية. إجمالًا، فإن الموقف العربي يؤكد ويدعم دائمًا الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ويرفض كافة أنواع التدخل الخارجي في شئونها أو الإفتئات، تحت أي مسمى، على سيادتها. ويدعم تنفيذ خارطة طريق "المرحلة التمهيدية للحل الشامل"، ويساند بشكل كامل السلطة الموحدة الحالية في تنفيذ إستحقاقات المرحلة الراهنة حتى نهاية ولايتها.
كما أجدد، في هذه المناسبة، تثمين جامعة الدول العربية للتطورات الإيجابية المتمثلة في إتفاق اللجنة العسكرية المشتركة على خطة عمل لجنة (5+5) الخاصة بإخراج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية، ومن هذا المنبر، أود أن أجدد الدعوة لكافة الشركاء الدوليين إلى إبداء التعاون وتوفير الدعم لهذه الخطة، والسعي بكل جدية نحو إجراء الانتخابات – في موعدها المقرر-، ومساندة جهود توحيد كافة المؤسسات العسكرية والأمنية والمالية والاقتصادية وغيرها، كما أُشير أيضًا إلى أن آلية اللجنة الرباعية التي تنعقد دوريًا للتشاور بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي، لطالما دعت إلى تقديم كافة أنواع الدعم اللازم إلى ليبيا لمساعدتها على عبور تلك النقطة الفارقة في تاريخها التي يتعاظم فيها الرجاء وتتأجج فيها المخاوف.
وختامًا، فإنني كأمين عام لجامعة الدول العربية، وتفاعلًا مع أهداف هذا المؤتمر، فإنني قد وجهت الأمانة العامة وقطاعاتها ومنظماتها المتخصصة لتقديم كافة سبل الدعم في كل ما من شأنه ديمومة اتفاق وقف إطلاق النار، وكذا تقديم الدعم التقني لتأمين ومراقبة إجراء الانتخابات المقررة بصورة شفافة ونزيهة، فضلًا عن الدعم في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز مسارات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ونشر الوعي بحقوق الإنسان، فضلًا عن الدعم التنموي في مناحيه الشتى.
تمنياتي الصادقة لكم بالتوفيق والنجاح، وأشكركم على حسن إصغائكم".