المراكبي : توقيت طرح الرخص غير مناسب استثماريا
هل يحتاج قطاع الحديد والصلب طرح رخص إنتاج جديدة؟
طرحت هيئة التنمية الصناعية الأسبوع الماضي بشكل مفاجئ 6 رخص لإقامة مشروعات تشمل إنتاج المواد الخام التي تدخل في صناعة الحديد، بعد سنوات من رفضها طرح اي رخص إنتاج جديدة في قطاع الحديد والصلب رغم المطالبات، تخوفا من تخمة المعروض التى قد تلحق به، وتدفع العديد من الشركات نحو الخسارة والإغلاق النهائي.
وشملت الرخص التى طرحتها هيئة التنمية الصناعية،3 رخص إنتاج "البليت "منهم رخصتين بطاقة إنتاجية 1.1 مليون طن سنويا لكل منهما، ورخصة بطاقة إنتاجية 200 ألف طن سنويا، ورخصة لإنتاج "الحديد الاسفنجي" بطاقة إنتاجية 2.5 مليون طن سنويا، ورخصتين لإنتاج مكورات الحديد بطاقة إنتاجية 8 مليون طن سنويا لكل منهما.
والبليت، والحديد الاسفنجي، ومكورات الحديد، هي مواد خام تدخل في صناعة الحديد والصلب؛ ويختلف كل خامة عن الاخري فيما تحتاجه من عمليات تصنيعية لانتاج المنتجات المختلفة من الحديد مثل حديد التسليح، ولفائف أسلاك الصلب، ومسطحات الصلب، والشبك الحديد الجاهز.
وتعتمد العديد من مصانع الحديد في مصر بشكل واسع على إنتاج البليت أو استخدامة مباشرة في تصنيع الحديد بمختلف أنواعه منه، ويندر استخدام الحديد الاسفنجي ومكورات الحديد لما تحتاجه من استهلاك كميات كبيرة من الطاقة لإنتاج الحديد.
فرصة امام مصانع الدرفلة:
وقال حسن المراكبي عضو شعبة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات ورئيس مجلس إدارة مجموعة المراكبي للصلب، إنه يرحب بطرح رخص لإنتاج البليت في مصر، خاصة وأنه يفتح الباب أمام مصانع الدرفلة لتعميق صناعاتها بإنتاج البليت بدلا من استيراده من الخارج أو شراءه من المصانع المتكاملة أو نصف المتكاملة.
ويعمل في مصر نحو 33 مصنع حديد منهم 5 مصانع متكاملة، و11 نصف متكاملة، و 17 مصانع درفلة فقط، ويقدر إجمالي حجم استثمارتهم بمصر بنحو 170 مليار جنيه يستحوذ المصانع المتكاملة ونصف المتكاملة على 96% من تلك الاستثمارات، و تصل إجمالي الطاقات الانتاجية للمصانع مجتمعة إلى نحو 14 مليون طن سنويا.
وتعرضت صناعة الحديد والصلب في مصر خلال العامين الماضيين لصراع بين مصانع الحديد المتكاملة ونصف المتكاملة مع مصانع الدرفلة، حيث طالبت الأولى بالحد من استيراد البيليت من الخارج وفرض رسوم إغراق عليه، وهو ما اعترضت عليه مصانع الدرفلة بداعي ارتفاع أسعار البيليت محليا من قبل المصانع المنتجه، وعدم وجود فائض إنتاج منه.
وبعد دراسة من قبل جهاز الدعم والإغراق بوزارة التجارة والصناعة، أوصي بضرورة فرض رسوم إغراق على استيراد الحديد التسليح، والبليت لما ثبت لها من أضرار استيرادها على المنتج المحلي، وبدأت في تطبيق رسوم إغراق في عام 2019 بنسبة تتراوح بين 25% إلى 16% لمدة ثلاث سنوات تنتهي في أبريل 2022 على ان تنخفض قيمة الرسوم كل عام خلال مدة التطبيق.
وتابع،" المراكبي" لـ" الفجر"، "على الرغم من أن الطاقات الانتاجية من البيليت تكفي السوق المحلي، ولكن أنا مع طرح رخص جديدة حتي يكون أمام مصانع الدرفلة فرصة لتعميق صناعتها، والكف عن إدعاءات أن فرض رسوم الإغراق لصالح مصانع المتكاملة ونصف المتكاملة.
عوائق لصناعة مكورات الحديد:
وقال" المراكبي"، ما يميز طرح رخص الحديد هي إتاحة رخصة لإنتاج مكورات الحديد، فلا يوجد أي مصنع في مصر يصنعها، وبدلا من ان تستوردها مصانع الحديد المتكاملة من الخارج أمامها فرصة لتصنيعها، وهو ما سوف يعمق من صناعة الحديد في السوق المحلي، ويحقق لها قيمة مضافة.
ويتطلب من أجل تصنيع مكورات الحديد وجود عدد كبير من المناجم وارتفاع تركيز خام الحديد بها.
وقال" المراكبي"، " لا يوجد مناجم كثيرة في مصر سوي التابعة للحديد والصلب، وتعاني من سوء حالتها، وعدم ارتفاع تركيز الخام بها.
"ما يعني ان المصانع التى ستحصل على هذه الرخصة ستضطر، إلى أن تستورد الحديد في صورة اكسيد ثم تقوم بتكويرة."
وأعلنت وزارة قطاع الأعمال تصفية شركة الحديد والصلب،وفصل نشاط قطاع المناجم عنها، وسبق أن وقعت اتفاق قبل تصفيتها مع إحدى الشركات الاوكرانية؛ لدراسة جدوى مشروع رفع تركيز خامات الحديد في مناجم الواحات البحرية، واستخدامها في صناعة مكورات الحديد، ولكن لم يعرف مصير المشروع بعد التصفية حتي الان.
وأكد هشام توفيق وزير قطاع الاعمال عدم رغبة شركة الحديد والصلب للمناجم المنافسة للحصول على رخصة لإنتاج مكورات الحديد، وسوف يتركز نشاطها فقط على استخراج الخام، وبيع للمصانع التى ترغب في تحويله إلى مكورات.
الحديد الاسفنجي غير مجدٍ استثماريا:
واضاف،" المراكبي"، أما بالنسبة لرخصة الحديد الاسفنجي فهي مرحلة اضافية لشركات الحديد النصف متكاملة لوصلها لمرحلة التكامل، فبدلا من أن تعتمد على الخردة في تصنيع الحديد تضيف لها الحديد الاسفنجي ضمن مدخلات الانتاج.
وتابع،" المنافسة على تصنيع الحديد الاسفنجي ستكون محصورة فقط بين شركتي وشركة حديد المصريين،.. بالنسبة لنا من الصعب دخول في هذا الاستثمار لأن غير مجد يتطلب تكاليف مالية ضخمة غير متاحة بسبب الظروف الاقتصادية الحالية، ويعتمد في الأساس على وجود سعر غاز منافس.. وأسعار الغاز الحالية مرتفعة ولا تشجع على إقامة مثل تلك المشروعات.
وقال" المراكبي" في المجمل تقيمي للرخصة المطروحة جيدة، كنت أعترض إذا تم طرح رخص مصانع درفلة السوق لا يتحمل طاقات إنتاج إضافية من حديد التسليح هناك تخمة في المعروض والطلب متراجع.
أضاف، "أن توقيت طرح الرخص ليس مناسب سواء على المستوى العالمي يعاني من التضخم وارتفاع التكاليف الاستثمارية لاقام المشروعات وعزوف العديد من الجهات عن التمويل، وفي السوق المحلي تعاني الشركات من خسائر نتيجة أزمة كورونا، ولا توجد لها اي محفزات على الاستثمار.
ورفعت الحكومة المصرية بقرار من رئيس الوزراء بداية من نوفمبر أسعار الطاقة من الغاز الطبيعي على المصانع بعد ارتفاعها عالميا خاصة الصناعات كثيفة استهلاك الغاز منها الحديد والصلب إلى 5.75 جنيه مليون وحدة حرارية من 4.75 مليون دولار لكل وحدة حرارية.
وقال " المراكبي"،" صادراتنا من الحديد تحسنت خلال 9 شهور الماضية، لأن سعر الغاز كان منافسا، لكن في التوقيت الحالي ومع الزيادة الجديدة لن نعرف هل تستكمل وتيرة صعود الصادرات ام لا."
وقفزة صادرات الحديد والصلب بنسبة 193%، خلال أول 9 شهور من 2021، لتصل إلى مليار 300 مليون دولار، مقابل 447 مليون دولار، خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
سيناريو قطاع الاسمنت:
وقالت الدكتورة علياء المهدي رئيسة السابقة لجمعية المصرية الحديد والصلب، إن الشركات العاملة في قطاع الحديد والصلب سوف تضرر كثيرا من تلك الرخص، خاصة وأن السوق يعاني من فائض في المعروض.
وارتفع حجم الإنتاج المحلي من الحديد الصلب من 6.4 مليون طن عام 2006 إلى 8 مليون طن في 2018.
وتابعت، لـ" الفجر" " أتوقع بتلك الرخص الجديد أن يكرر نفس السيناريو الذي حدث في قطاع الأسمنت بقطاع الحديد، حيث أصدرنا رخص للعديد من الشركات حتى أصبح السوق متشبع ولديه فائض في الإنتاج يتم بيعه في السوق دون سعر التكلفة."
واضافة، " لدينا الكثير من مصانع لإنتاج البليت وبيعوا في السوق المحلي منهم حديد عز والسويس للصلب والمراكبي وحديد المصريين والدلتا للصلب، ما الذي يستدعي طرح رخص جديدة، كان لا بد الانتظار حتى استقرار السوق."
وتري " المهدي"، أن إنتاج البليت في السوق المحلي يكفي 90% من إحتياجته، مؤكدة ان سوق الحديد والصلب في مصر يحتاج تنظيمة وتوفير أسعار الكهرباء والغاز لتك المصانع مدعمة والا ستخرج خارج المنافسة العالمية خاصة في ظل منافسة أمام منتجات الحديد والصلب من تركيا والسعودية وتونس االتى تقدم دعم غير مسبوق لتلك الصناعة.
وتقول هيئة التنمية الصناعية إن الغرض من طرح الرخص لتلبية احتياجات السوق المحلية من منتجات الحديد والصلب وزيادة الإنتاج لسد الفجوة الاستيرادية، وتوفير المتطلبات اللازمة لتوسعات خطط التنمية لتوفير احتياجات السوق المتنامية، بهدف تلبية خطة التنمية العمرانية والتوسعات الإنشائية خلال المرحلة المقبلة.
الاتجاه للتصدير:
وقال مدحت نافع رئيس الشركة القابضة المعدنية سابقا، إن سوق المصري مكتفي من منتجات محددة من الحديد والصلب، وهي حديد التسليح، ولكن لا يزال هناك احتياجات للبيليت مكورات الحديد.
وتابع "مدحت "، " ليس هناك ضرر إذا تم طرح تلك الرخص على مستقبل سوق الحديد في مصر، من الممكن ان تصدر الشركات الحاصلة عليها إنتاجها وليس تطرحه للبيع في السوق المحلي، هناك تعطش كبير للحديد في الاسواق العالمية الافريقية على المعادن والمواد الخام والحديد، أحد شركات الحديد في مصر صدرت مليار دولار خلال العام."
أكد" نافع"، أن سوق الحديد في مصر بمنأى عن تكرار سيناريو سوق الاسمنت، لان الاسمنت له وضع خاص ؛ فليس له سوق تصديري مع استخدام مواد أخرى في عمليات البناء عاليما، لذلك يعتمد على السوق المحلي في بيع إنتاجه فقط.