“كورونا” تضرب خطة الحكومة للسيطرة على الديون الخارجية
زيادة ١٢٪ فى عام واحد بواقع ١٤ مليار دولار
تسببت جائحة كورونا فى إجهاض نتائج استراتيجية الحكومة التى أعلنتها خلال ٢٠١٩ للتعامل مع الديون والسيطرة عليها، وتقوم على إحلال الديون طويلة الأجل محل القصيرة. وكشفت أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزى، خلال الأيام القليلة الماضية، عن ارتفاع الدين الخارجى لمصر إلى ١٣٧.٩ مليار دولار بنهاية العام المالى ٢٠٢٠/٢٠٢١، مقابل ١٢٣.٥ مليار دولار بنهاية العام المالى ٢٠١٩/٢٠٢٠.
وتعود الزيادة التى تقدر بنحو ١٤.٤ مليار دولار إلى عام أزمة كورونا، ووصف البنك المركزى حجم الدين بأنه لا يزال فى الحدود الآمنة، طبقًا للمؤشرات الدولية.
وقبل صدور تلك البيانات بأيام قليلة، أعلن البنك الدولى بيانات تقرير إحصاءات الديون الدولية ٢٠٢٢، وهو مطبوعة سنوية تتضمن إحصاءات الديون الخارجية وتحليلاتها للدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وعددها ١٢٣ دولة، بينها مصر.
التقرير الذى أشار إلى أن التدهور فى مؤشرات الديون كان واسع النطاق نتيجة للجائحة، قال إن هناك تباطؤًا طفيفًا فى النمو السنوى للديون الخارجية لمصر، واستمرار الاتجاه الهبوطى الذى استمر سنوات.
ولفت التقرير إلى ارتفاع الدين الخارجى لمصر بنسبة ١٤.٩٪ على أساس سنوى فى عام ٢٠١٩، بعد نموه بنسبة ١٨.٣٪ فى عام ٢٠١٨، وبنسبة ٢٢.٥٪ فى عام ٢٠١٧، وذلك نتيجة للسياسة التى اتبعتها الحكومة للتعامل مع الديون، بعد تكليفات من الرئيس عبد الفتاح السيسى للسيطرة على عبء الاستدانة، خاصة الخارجية، وذلك بعد القفزة الكبيرة للدين الخارجى لمصر خلال العشر سنوات الأخيرة، من ٣٤.٩ مليار دولار إلى ١٣٧.٩ مليار دولار، بنسبة تتعدى ٣٠٠٪.
ورفعت هذه القفزة نصيب الفرد من الدين الخارجى بأكثر من الضعف، ليصل إلى ٩٠٠ دولار سنويًا، مقابل ٤٠٠ دولار فقط، وفقًا لورقة للباحثة الاقتصادية سلمى حسين.
وجاءت جائحة كورونا لتحدث انعكاسًا شديدًا على القروض الخارجية لمصر، بعد أن تسببت فى حدوث فجوة كبيرة فى حجم التمويل الأجنبى الذى تحتاجه مصر لتغطية نفقاتها الأساسية، نتيجة لضعف إيرادات مصادر الموارد الدولارية المعتادة، وعلى رأسها السياحة.
وحصلت مصر على عديد من التمويلات الأجنبية لمساندتها فى أزمة كورونا فى صورة تمويل ميسر بفائدة منخفضة، وبالتالى ساهمت فى زيادة الدين الخارجى، وترى الحكومة أن الأمر لا يدعو للقلق، وحسب تصريحات للدكتور محمد معيط - وزير المالية، يمكن السيطرة عليه بسهولة من خلال تنمية موارد السياحة، وسد ثغرات التهرب الضريبى، ودفع معدلات النمو.
ارتفعت حيازات الأجانب فى أدوات الدين المصرية (أذون الخزانة) إلى مستوى قياسى من ١٠ مليارات دولار العام الماضى إلى ٣٤ مليار دولار الشهر الماضى، حيث يغرى ارتفاع سعر الفائدة الذى تقدمه مصر الأجانب لشراء تلك الأداة الاستثمارية وإقراض الحكومة.
حصلت مصر على ودائع من دول الخليج الثلاث (الكويت والسعودية والإمارات) تجاوزت قيمتها ١٧.٢ مليار دولار، لدعم سوق الصرف، بعد اضطرابات ثورة يناير ٢٠١١.
وتنقسم تلك الودائع والتى تعتبر من الديون طويلة الآجل، إلى ٣ ودائع للسعودية بقيمة ٥.٥ مليار دولار، و٥ ودائع للإمارات بقيمة ٥.٧ مليار دولار، ووديعتين للكويت بقيمة ٤ مليارات دولار.
أشار تقرير البنك الدولى لإحصاءات الديون الدولية لعام ٢٠٢٢، إلى ارتفاع قروض صندوق النقد الدولى لمصر بنسبة تقترب من ٥٥٪ على أساس سنوى فى عام ٢٠٢٠، بحيث ارتفعت من ١٣.٢ مليار دولار إلى ٢٠.٤ مليار دولار، وذلك بعد أن طلبت مصر تمويلًا طارئًا بقيمة ٢.٨ مليار دولار، للمساعدة فى دعم ميزان المدفوعات وسط الجائحة، وحصلت على تمويل بقيمة ٣.٦ مليار دولار فى عام ٢٠٢٠ من اتفاق الاستعداد الائتمانى بقيمة ٥.٢ مليار دولار.
ولجأت مصر إلى تأمين موارد من خلال أسواق المال الدولية، وذلك بتنظيم أكبر طرح فى تاريخها للسندات الدولارية فى مايو ٢٠٢٠، بقيمة ٥ مليارات دولار.
وهذه السندات هى أوراق مالية تقترض الحكومة مقابلها أموالًا من السوق الدولية.
وسردت دراسة للباحث الاقتصادى محمد جاد، قائمة بالتمويلات الموجهة لدعم ومساندة القطاع الخاص فى عام كورونا، ومنها ٨٠٠ مليون يورو منحها بنك الاستثمار الأوروبى للبنك الأهلى فى عام ٢٠٢٠، لتوفير تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمواجهة تداعيات الوباء، بجانب اتفاق آخر مع بنك مصر لنفس الغرض بقيمة ٤٢٥ مليون يورو.
وقدم البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، حزمة من القروض إلى البنوك المصرية بقيمة ١٠٠ مليون دولار لكل بنك، لتوفير تمويل للشركات المتضررة من الوباء، خاصة الكيانات المتوسطة والصغيرة، بالإضافة إلى تيسيرات فى تمويل التجارة.
وشملت تلك التمويلات اتفاقات مع بنك مصر، والبنك التجارى الدولى، والأهلى الكويتى المصرى، وقطر الوطنى، والأهلى المصرى، و٥٠ مليون دولار لبنك القاهرة، بجانب برنامج للدعم الفنى للقطاع السياحى لمواجهة كورونا، ممول بنسبة ٩٠٪ من البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية.
ومنح بنك الصادرات والواردات الأفريقى البنك المركزى المصرى وبنوك فى مصر ٣.٥ مليار دولار، ضمن آلية التيسيرات المالية لمواجهة تأثيرات كورونا على التجارة، وأيضا ٣٠٠ مليون دولار للبنك الأهلى لتشجيع التجارة البينية الأفريقية، و٢٥٠ ألف دولار منحة للحكومة للمساعدة فى مواجهة الوباء.
حصلت مصر على قرض من البنك الدولى بقيمة ٥٠ مليون دولار، تحت مظلة التسهيلات السريعة المرتبطة بوباء كورونا، بجانب توقيع اتفاقية بقيمة ٤٠٠ مليون دولار مع البنك الدولى لتمويل مشروع التأمين الصحى الشامل، وتقديم حماية مالية مؤقتة للمواطنين محدودى الدخل فى مواجهة تكلفة العلاج الباهظة، مع تفشى الجائحة.
واعتمد بنك التنمية الأفريقى مساعدة عاجلة لمصر بقيمة ٥٠٠ ألف دولار، لتوفير دعم غذائى للفئات الأكثر هشاشة المتأثرة بالوباء.
حسب التقرير السنوى لوزارة التعاون الدولى لعام ٢٠٢٠، بلغ إجمالي اتفاقيات التمويل التنموى التى وقعتها مصر ٩.٩ مليار دولار، منها ٣.٢ مليار قروضًا موجهة للقطاع الخاص.
واستفاد قطاع المرافق والبنية التحتية من الجزء الأكبر من تلك القروض التنموية بقيمة تقترب من ٤ مليارات دولار، حيث حصل قطاع النقل والمواصلات على قروض بقيمة ١.٨ مليار دولار من الوكالة الفرنسية، وبنك الاستثمار الأوروبى، والبنك الأوروبى، والصين، والصندوق الكويتى.
وفى المرتبة الثانية، قطاع الإسكان والمياه والصرف الصحى، والذى حصل على ١.٤ مليار دولار من الصندوق العربى، والبنك الدولى، والصندوق الكويتى، وبنك التنمية الأفريقى، وألمانيا، والبنك الأوروبى، ثم قروض قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة والبترول بقيمة ٦٨٠ مليون دولار من الوكالة الفرنسية، وبنك التنمية الأفريقى، والبنك الأوروبى.
وجاءت القروض الميسرة الموجهة لدعم الموازنة فى المرتبة الرابعة بقيمة ٦٤٠ مليون دولار من صندوق النقد الدولى، لمساندة الحكومة فى إجراء إصلاحات هيكلية بالقطاع المصرفى.
وحصل قطاع التضامن على قروض بقيمة ٥٠٥ ملاين دولار من البنك الدولى، وألمانيا، وإيطاليا.
وفى المرتبة السادسة، جاء قطاع الصحة بقيمة ٤٨٠ مليون دولار من البنك الدولى، والصندوق العربى، والولايات المتحدة، واليابان، وكندا، وبنك التنمية الأفريقى.
وحصل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة على قروض بقيمة ٤٦٠ مليون دولار، من صندوق الأوبك، والصندوق العربى، والبنك الدولى، وألمانيا، وبنك التنمية الأفريقى.
وفى المرتبة الثامنة، جاء قطاع التعليم والتعليم العالى، حيث بلغت قروضه ٢٥٢ مليون دولار من الولايات المتحدة، والصندوق السعودى، وكوريا، وإيطاليا، وألمانيا.
وحصل قطاع البيئة على ٢٠٨ ملايين دولار من البنك الدولى، وألمانيا، بينما وجهت تمويلات بقيمة ١٠٠ مليون دولار لقطاعات الزراعة، والتموين، والرى من الوكالة الفرنسية، والبنك الأوروبى، والولايات المتحدة، وصندوق الأوبك، وألمانيا.
وجاء قطاع التنمية المحلية فى المرتبة الحادية عشرة بقيمة ٩٠ مليون دولار، أما قطاع الحوكمة وشفافية المؤسسات، فحصل على ٦٨ مليون دولار، ومشروعات قطاع التجارة والصناعة ١١ مليون دولار، وقطاع المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين ٧ ملايين دولار.