د. بهاء حلمي يكتب: أوروبا تواجه جرائم وأيديولوجية الإخوان على أراضيها
أقر الاتحاد الأوروبى استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب والتطرف فى ٢٠٢٠م تستهدف تجفيف منابع الإرهاب ومراقبة أنشطة تنظيم الإخوان الإرهابى التنظيمية والمالية، وحصر أرصدة وأصول الكيانات والأفراد المتورطين فى عمليات تمويل الإرهاب وغسل الاموال.
وذلك فى ضوء ما أسفرت عنه التحقيقات التى أجريت بفرنسا عقب العمليات الإرهابية التى ضربت دول الاتحاد الأوروبى- التى راح ضحيتها عشرات الأبرياء- من نتائج كشفت عن أيديولوجية وفكر تنظيم الإخوان وتهديده للمجتمعات الأوروبية.
لقد سبق ونشرنا مقالًا فى هذا المكان أول عام ٢٠١٩م بعنوان «أوروبا فى أحضان الفكر الإخوانى» أشرنا فيه إلى أن السكوت أو التستر على المشروع الإخوانى الإرهابى سينال من مبادئ وقيم واستقرار أوروبا.
صحيح أن تنظيم الإخوان صنعته بريطانيا ونصبت حسن البنا مرشدا له ونسجت مبادئه التى لا تؤمن بالدولة أو الانتماء الوطنى مع إسباغ أيديولوجية التنظيم بصبغة سياسية مفادها أن حكم الإسلام كلى شمولى، وحددت أهدافه بإعادة الخلافة من خلال الاهتمام بالفرد والأسرة ثم الشعوب وصولا لمرحلة التمكين المنشود وفق تصورهم وعقليتهم.
ومازالت تشكل بريطانيا مظلة لاستمرار عمل «منتدى الجمعيات الخيرية الإسلامية» فى دعم وتمويل عدد كبير من الجمعيات الخيرية التابعة لتنظيم الإخوان الذى يربطه علاقات وثيقة بحزب العمال البريطانى والعديد من المنظمات المدنية والمنصات الإعلامية، كما تستضيف بريطانيا العديد من قيادات القاعدة والإرهابيين وتمنحهم الحماية والإعاشة والرواتب مقابل تنفيذ الأوامر والتعليمات.
أما الدول الأوروبية الأخرى فتستشعر الخطر وتنتفض فى مواجهة جرائم الإخوان التى يتوالى الكشف عنها تباعا سواء كان فى مجال غسل الأموال أو تمويل الإرهاب أم فى مجال نشر أيديولوجية التطرف والعنف مما يهدد تلك المجتمعات، الأمر الذى سبق وكشفته مصر للعالم ويتضح جليا يوما بعد يوم.
ظهر العديد من الدراسات والتقارير حول جرائم تنظيم الإخوان بأوروبا مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال استخدام «العملات الرقمية المشفرة، تكوين احتياطات نقدية وأصول مخفية، طريق التحويلات المالية، التحالف مع العصابات الدولية التى تقوم بالخطف والمخدرات، وجمع التبرعات عبر الإنترنت» ونضيف إليها جرائم القرصنة الإلكترونية.
وأُعلن عن تورط الإخوان فى تمويل تنظيمات إرهابية بالعالم باستغلال أموال الإغاثة وتحت غطاء العمل الخيرى، واستطاع التنظيم الاندماج فى الاقتصاد الأوروبى وتكوين ثروات ضخمة تضعه فى خانة أصحاب المليارات من خلال الاعتماد على (التجارة الحلال)..
فأقرت النمسا قانون مكافحة الإرهاب ومراجعة جمعيات ومدارس الإخوان التى تعتبرها بؤر الصناعة التطرف، واعتمدت أضخم ميزانية أمنية فى تاريخها لمكافحة الإرهاب هذا العام قدرت بـ ٣.٢٥ مليار يورو.
وفى شهر مايو ٢٠٢١م أعلنت ألمانيا عن تورط جماعة أنصار الدولية بألمانيا فى تمويل هيئة تحرير الشام بسوريا وحركة الشباب الصومالية، وقامت بتشكيل لجنة مختصة لوضع توصيات للتعامل مع تنظيم الإخوان الذى استطاع اختراق النظام الألمانى من خلال المنظمات والجمعيات الإسلامية ودور العبادة، وأيديولوجية العنف التى باتت تهدد المجتمع.
وفى يوم ٥ أكتوبر الجارى أعلنت الشرطة الألمانية عن مداهمة عشرات المنازل والمكاتب المشتركة فى عمليات غسل أموال وتمويل إرهاب بتحويل مبالغ تجاوزت ١٠٠ مليون يورو لكل من سوريا وتركيا، وتم القبض على ٧٠ متهمًا فى ٧ ولايات ألمانية، وأعلن عن اكتشاف تحويل مبلغ يقدر ب ١.٦ مليار يورو للإرهابيين خلال الـ٥ سنوات السابقة.
وفى أغسطس الماضى أصدرت فرنسا قانون تعزيز احترام المبادئ الجمهورية يضم ٧٠ مادة يقوم على خمسة مبادئ أساسية وهى (العلمانية وحياد الخدمات العامة، التزام الجمعيات بالعقد الجمهورى والرقابة على التمويل والتبرعات الداخلية والخارجية، حظر نشر الكراهية على الإنترنت، عدم السماح بالتعليم فى دور العبادة أو المنازل إلا بتصريح مع منع الزواج بالإكراه، وحظر إصدار شهادة البكارة، الالتزام بالفصل بين الدين والدولة).