طارق الشناوي يكتب: الوثيقة تكذب أحيانًا

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

فى الإذاعة ينسبون أغنية لفريد الأطرش (يا شباب آن الأوان) لكل من الشاعرين الكبيرين مأمون الشناوى وبيرم التونسى، ولم يذكر لى أبدا عمى مأمون أنه شارك فى كتابة أغنية مع بيرم، كما أن الأغنية تاريخها يعود لعام 53 ولهذا أستبعد تمامًا مثلًا أن مأمون أكملها بعد بيرم الذي رحل عام 61.

عدت للأوراق الرسمية التي يحتفظ بها الأديب المهندس ناجي مأمون الشناوى فأكدت أن الأغنية فقط لمأمون الشناوى، طلبت من رئيس إذاعة الأغانى الشاعر ناصر رشوان أن يتواصل مع جمعية المؤلفين والملحنين، ويـتأكد هل الأغنية أيضا فى أرشيف بيرم؟، يمتلئ (النت) مثلا بمعلومة تشير إلى أن أغنية أحمد عدوية (كركشنجى دبح كبشه) تأليف مأمون الشناوى بينما مؤلفها حسن أبو عتمان.

مع الأسف ليس كل ما هو مدون حقيقيا، هناك حقائق ربما نكتشفها بعد مرور السنوات، وغالبا بعد أن يغيب شهود الإثبات.

أتذكر بعد رحيل أديبنا الكبير نجيب محفوظ، اكتشفنا أن لدينا الفيلم الشهير (شباب امرأة) شارك فى مهرجان (كان) 1955 لصلاح أبوسيف، ولعبت بطولته تحية كاريوكا وشكرى سرحان، كنا واثقين أن نجيب محفوظ مشارك فى كتابة السيناريو لأنه فى كل أحاديثه يشير إليه، ولم نلحظ (التترات) حيث لا يوجد أبدا اسم نجيب محفوظ، ثم اتضحت مع الزمن الحقيقة، كاتب القصة السينمائية أمين يوسف غراب، لخلاف قديم مع محفوظ استطاع أن يحصل على ورقة من غرفة صناعة السينما تنسب إليه أيضا السيناريو، بينما صلاح أبوسيف أكد فى مذكراته التى حققها الكاتب الكبير عادل حمودة أن محفوظ هو كاتب السيناريو.

بشير الديك كتب على موقعه قبل بضع سنوات، شيئا مشابها عن فيلم (الهروب) الذى كتبه مصطفى محرم قبل 30 عاما وأخرجه عاطف الطيب ولعب بطولته أحمد زكى، قال إنه شارك فى الكتابة وأضاف مشاهد إلى السيناريو، حجم المشاركة غير محدد بدقة، هل أعاد كتابة السيناريو كاملا أم أضاف عددا من المشاهد، ما ذكره فقط الديك أنه كان يبكى وهو يروى إبداعه منسوبا لغيره. المخرج الكبير كمال الشيخ قال لى فى تسجيل تليفزيونى أجريته معه قبل رحيله ببضعة أشهر إن سيناريو فيلم (الصعود للهاوية) بطولة محمود ياسين ومديحة كامل منسوب لصالح مرسى بينما الكاتب الراحل رأفت الميهى أضاف الكثير، ولكنه لم يستطع أن يضع اسمه على (التترات) نظرا لحساسية تلك القضية المأخوذة عن المخابرات العسكرية.



يظل هناك العديد من الوقائع الشائكة، مثل أغنية العيد التى يستقبل بها العرب أعيادهم الدينية (يا ليلة العيد أنستينا) التى كتبها أحمد رامى ولحنها رياض السنباطى، الكثير من المراجع الموسيقية تشير إلى أن بيرم التونسى كشاعر والشيخ زكريا أحمد كملحن لهما نصيب ما فى تلك الأغنية.

هناك أيضا حكايات أخرى مثل ما ذكره لى محمد الموجى فى حياة الموسيقار محمد عبد الوهاب، أن لديه بصمات على لحنين لعبد الوهاب (أحبك وانت فاكرنى) و(حبيبى لعبته الهجر والجفا)، كذلك فإن الشاعر والكاتب أيمن بهجت قمر أشار إلى أن والده الكاتب الراحل بهجت قمر كثيرا ما كان يكتب من الباطن العديد من الأفلام والمسرحيات، بل يعيد صياغة الحوار كاملا، ولكنه لا يكتب اسمه ويكتفى بالحصول على مقابل مادى فقط، نحن ملزمون قانونا بالوثيقة، ولكن ماذا نفعل مع الوثائق المشكوك فى صحتها؟، نصمت أم نتكلم؟، ومع رحيل شهود الإثبات يزداد الأمر ضبابية وغموضا!!.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).