سياسيا وأمنيا.. ماذا يعني إلغاء مد حالة الطوارئ في مصر؟
في الساعات الأخيرة، ولأول مرة منذ سنوات قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لأول مرة منذ سنوات.
وكان مجلس النواب المصري، قد وافق على قرار الرئيس السيسي بشأن تمديد حالة الطوارئ في البلاد في شهر يوليو الماضي، وجرت الموافقة حينها على القرار المعلن من الرئيس المصري رقم 174 لسنة 2021 بتمديد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر أخرى، تبدأ اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح السبت الموافق 24 يوليو.
وجاء في نص قرار رئيس الجمهورية، في مادته الأولى، أنه تم اتخاذه "نظرا للظروف الأمنية والصحية الخطيرة التي تمر بها البلاد، وأنه بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، تمد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر، من الساعة الواحدة صباح السبت الموافق 24 يوليو".
ونص القرار في مادته الثانية على أن تتولى القوات المسلحة والشرطة "اتخاذ ما يلزم لمواجهة الإرهاب وتمويله وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ أراوح المواطنين، ويفوض رئيس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في قانون الطوارئ".
مصير الدعاوى المنظورة والقضايا
وتنص المادة 19 من قانون الطوارئ على أنه عند انتهاء حالة الطوارئ، تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التي تكون قد أحيلت إليها فعلا، وتتابع نظرها، وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها، أي استمرار تلك المحاكم في نظرها دون أي تغيير في إجراءات النظر وعدم جواز الطعن والتصديق وغيرها.
أما الجرائم التي تكون قيد التحقيق ولم يحل المتهمون فيها إلى المحاكم، فستحال من الآن إلى المحاكم العادية المختصة وتتبع في شأنها قواعد قانون الإجراءات الجنائية.
أما بالنسبة لقضايا الطوارئ التي قرر رئيس الجمهورية إعادة المحاكمة فيها، فتنص المادة 20 من قانون الطوارئ على أن تعاد المحاكمة فيها وفقا لهذا القانون، أي أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، كما حدث في مرحلة التقاضي الأولى.
كما يكون لرئيس الجمهورية جميع السلطات (السابق ذكرها تفصيلا) بالنسبة للأحكام التي صدرت من محاكم أمن الدولة قبل إلغاء حالة الطوارئ ولم يتم التصديق عليها، وكذلك الأحكام التي تصدر من هذه المحاكم بعد ذلك، أي أن الأحكام الصادرة من تلك المحاكم بعد إلغاء حالة الطوارئ تظل تتطلب تصديق رئيس الجمهورية عليها، كما يملك رفض التصديق وتقرير إعادة المحاكمة فيها.
وعبر عدد من السياسيين عن رأيهم في القرار مؤكدين أنه تاريخي ودليل على انتصار الشعب المصري على الإرهاب بعد حرب دامت عدة سنوات عقب ثورة 30 يونيو المجيدة التي أطاحت بنظام الإخوان.
قرار تاريخي وحكيم
وقال النائب أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن قرار إلغاء حالة الطوارئ، تاريخي وحكيم من الرئيس السيسي في هذا شهر أكتوبر المجيد، ويدل على ثقة الرئيس في مؤسسات الدولة من الجيش والشرطة وأنهم قادرين على القضاء على ما يمس هذا الوطن وسلامته.
وفي تصريحات تليفزيونية، أضاف "العوضي" أن رجال القوات المسلحة والشرطة المصرية نجحا في دحر الإرهاب، لافتاً إلى أن قرار إلغاء حالة الطوارئ كان غير متوقع في هذا التوقيت، لافتا إلى أن هذا يدل على الأمن والاستقرار الذي تشهده مصر في السنوات الـ 7 الماضية.
سعادة لدى الأحزاب
كما علق سيد عبدالعال، رئيس حزب التجمع، على قرار الرئيس السيسي بإلغاء مد قانون الطوارئ، معقبا: "إلغاء حالة الطوارئ تسبب في سعادة كبيرة لدى الأحزاب".
وفي تصريحات تليفزيونية، أضاف رئيس حزب التجمع : "كانت تطبق فقط ضد الإرهابيين"، متابعا: "قرار الرئيس السيسي بإلغاء مد خالة الطوارئ دليل على انتصار الشعب المصري في معركته ضد الإرهاب".
انطلاقة نحو الجمهورية الجديدة
وأكد الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، أن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد؛ يمثل انطلاقا نحو الجمهورية الجديدة، مشيرا إلى أن صدور القرار يؤكد على تحقيق الدولة لأهدافها في القضاء على الإرهاب، وتحقيق الاستقرار الأمني والاجتماعي والاقتصادي.
وأضاف المحرصاوي أن إلغاء قانون الطوارئ يتماشى مع القرارات التي تأخذها الدولة في ظل المتغيرات الكبرى والنهضة التنموية التي تشهدها البلاد، مضيفا أن هذا القرار يعد خطوة مهمة على الطريق الصحيح وقرارا جريئا يدفع الدولة نحو المزيد من التقدم، مشيرا إلى أنه يعكس حالة الأمن والأمان التي تشهدها مصر ويعيشها المواطن.
إنجاز ضخم لمصر
كما توجه سامح عاشور، عضو مجلس الشيوخ، بالتهنئة إلى الشعب المصري بمناسبة قرار إلغاء مد حالة الطوارئ، قائلًا: "هذا القرار العظيم إنجاز ضخم لمصر بعد المرور بظروف تحتاج تلك اللحظة".
وأضاف عاشور، في تصريحات تليفزيونية أن قانون الطوارئ ينظم العمل بحالات الطوارئ عند الضرورة، مشيرًا إلى أن دستور كل دولة ينظم وسيلة إطلاقها أو منعها أو العدول عنها.
وقانون الطوارئ في مصر كان صدر في عام 1958 تحت رقم 162، وقد طبق أثناء حرب عام 1967، وجرى إنهاء حالة الطوارئ لمدة 18 شهرا في عام 1980، وأعيد العمل بقانون الطوارئ في مصر بعد اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات في أكتوبر 1981.
ومنذ ذلك الحين مدد العمل بقانون الطوارئ لمدة 3 سنوات وفق ما ينص عليه الدستور، وظل هذا القانون ساري المفعول طيلة فترة حكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك.
وصدق البرلمان المصري في 12 مايو 2010 على تمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين، فيما قرر المجلس العسكري في 10 سبتمبر 2011 وكان حينها يقوم بمهام رئيس الدولة في مصر، إعلان حالة الطوارئ في البلاد بعد أحداث السفارة الإسرائيلية.
وبعد أن سرى قانون الطوارئ في البلاد ومدد على مدى 31 عاما عقب حادثة اغتيال الرئيس أنور السادات يوم 6 أكتوبر 1981، اصدر المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري في 24 يناير 2012 قرارا قضى بالحد من تطبيق قانون الطوارئ، وفي 31 مايو من نفس العام تقرر إيقاف العمل نهائيا بهذا القانون.
وأعيد العمل بقانون الطوارئ في أغسطس 2013 خلال فترة المرحلة الانتقالية التالية لثورة 3 يوليو والتي جاءت عقب مظاهرات 30 يونيو، حيث أعاد الرئيس المصري المؤقت في ذلك الوقت عدلي منصور العمل بقانون الطوارئ، وفرض حالة الطوارئ بعد فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة ابتداء من الساعة الرابعة عصر يوم 14 أغسطس ولمدة شهر من تاريخه.
وفي وقت لاحق خلال ولاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مدد العمل بقانون الطوارئ أكثر من مرة، إلى أن أعلن السيسي يوم 25 أكتوبر 2021 "إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد".