قبلة رحيل للشاعر عبدالرحمن غنام على منصة "كتبنا"

الفجر الفني

قبلة رحيل
قبلة رحيل


صدر حديثًا على منصة كتبنا للنشر ديوان قبلة رحيل هو عنوان الديوان النثري للشاعر عبدالرحمن غنّام، وكما اعتاد القارئ العربي في قصيدة النثر من حرية مطلقة للشاعر في صياغتها، والخروج على الصورة الشعرية المستهلكة والصياغات المتكررة، نجد هذا في ديوان "قبلة رحيل" بنصوص تقع على حافة الحلم وخواطر شعرية مفعمة بالمشاعر المرهفة محمّلة بالرؤيا وعمق التجربة، بلغة متأنقة ليست متعالية على القارئ، لغة تبني صورة شعرية قائمة على التناقض بين أطرافها صادمة في غرابتها، منسابة بإيقاعها الداخلي، بتناغم أثير يرتلها الشاعر عبد الرحمن غنّام بشكل معبر عن صخب العالم الراهن بأفراحه وأحزانه وخذلانه وآماله العريضة.

 

 يستهل علينا الشاعر في أوائل قصائده، بقصيدة عنونها (سأكتب) معبرًا عن لوعة المشتاق حين يفقد كل أحبابه فيقول:

سأكتبُ لأنّي سئمتُ الصَّمت لأنّي لم أعد أطيق الانتظار لأنّي لم يعد بإمكاني التحمّل ... سأكتبُ عن مقبرةِ الكلمات وعن مقصلة الضّحكات وعن سكّين اللّحظات ... سأكتبُ بقلمي المهشَّم برقصات يدي بأنين روحي.. سأكتبُ لأبوح لأعبَّر.

 

 

أما في قصيدة (الرداء الأسود) يرسم صورة الإنسان الهائم على وجهه الذي أحيط بسياج عزلته فيقول:

 أصرخ فيعود صوتي من بين تلك الجبال والوديان ليعود إليّ بصفعاتٍ تجعلني أجلس بصمت.

على أوتار صرير تلك الحصى المتساقطة أجمع ما بقي من شتات آهاتي.

ليعبر عن نفس المعني ولكن بصورة أخرى في قصيدة (حنين) ويقول:

كان أنين نافذتي يعزف على أوتار الوحدة مقطوعةً موسيقية من الأسى والحزن.

ثم نرى صوت تمرده يعلو رافضًا الخضوع والسيطرة حينما نقرأ قصيدة (نكران)

لا أحتاج إلى أن أتسول حبّك أقتات على كلماتك أرتشف من كأس شوقك ... لا أحتاج إليك أنت الفاتورة التي رميتها والورقة التي مزَّقتها ولفافة التبَّغ التي أحرقتها.

إلا أنه في قصيدة (غبار ذاكرة) يعاود الاستسلام وعدم المقاومة فيقول:

على قارعة الطريق تركتُ قلبي سكبتُ أدمعي لوَّحتُ بيدي.. على قارعة الطريق نسيتُ أن أنساكَ نسيتُ أن أتجرَّد منكَ نسيتُ أن أرمي ذكراكَ.

وأيضًا نجد التعبير عن الاستسلام في قصيدة (أنقاض)

قبل أن يرحل صعد على ركامي ونصب راية النّصر وابتسم.. في غزوة حبٌّ على الورق هناك أعلنت كلماتي الاستسلام .. ليس لدي ما ترثونه سوى بضعة أحرف كتبتها بصدق

وتزداد أشجانه وبكائياته في قصيدة (أضغاث)

على شرفة اليوم على سرير اللّحظات على وسادة الأوهام أستيقظ منك ... ولكن اليوم أُعالج في مشفى النّسيان على نافذة الانتظار .. أصلي على قلبي.. ألم أخبرك؟ أنّي دفنته في مقبرة الخذلان.

ليؤكد مرة أخرى ما يعانيه من غربة في قصيدة (غربة)

لا شيء جديد سوى الفوضى التي تتبعثر في داخلي الضجيج الذي يسحقُ صمتي الآهات التي تكدَّر خاطري.

ويتنقل شعارنا بين رؤيته للعالم الرومانتيكية إلى رؤيته الحداثية ومن التمرد والاستسلام للأحزان والأشجان إلى الغزل المفعم بالحرارة والديناميكية والصور الغرائبية فتقرأ في قصيدة (على متن كتاب)

قاب كتابٍ أو أدنى سطرت أجمل القصائد في عينيك التي أُسرتُ بها منذ أن نظرتُ إليكِ.. قاب كتابٍ أو أدنى أنفُثُ على كلماتي وأتمتمُ بتعويذة الحبِّ وأعيذكِ من كلِّ همٍ يخالط فؤادك.. قاب كتابٍ أو أدنى أوقد قناديل الحنين أحرق طول المسافات لألقاكِ بين طيّات كتاب على مائدة أحرف.