الجريمة المنتظرة.. مليار جنيه حصيلة غسل أموال المخدرات فى العقارات سنويا

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


تضخم الأرصدة البنكية بسرعة يسهل الإيقاع بالمتهمين

يعمل الفاسدون بصفة أساسية على التحايل على القانون، وإيجاد طرق لإضفاء مشروعية على ثرواتهم التى تم جمعها بطرق غير مشروعة، فيما يعرف بغسل الأموال، وذلك بضخ الأموال الفاسدة من خلال طرق معقدة وعنكبوتية فى أنشطة مشروعة بحيث لا يعرف مصدر تلك الأموال.

وقد نشطت عمليات غسل الأموال عن طريق تداول العقارات تحديداً، وبيع الأراضى، والتجارة فى مواد البناء، واتجه معظم أصحاب الثروات غير المشروعة إلى تلك الحيل لإخفاء مصدر أموالهم، وهو ما عكسته القضايا المضبوطة لدى وزارة الداخلية.

ومؤخراً ضبطت إدارة الأموال العامة بوزارة الداخلية، العديد من قضايا غسل الأموال، خاصة فى مجال العقارات، وبلغت القيمة المالية التى تم التداول عليها فى إحدى القضايا إلى ٥٠ مليون جنيه، مصدرها الاتجار فى المخدرات.

كما تم ضبط ٣ أشخاص بتهمة غسل الأموال فى شراء العقارات ووصلت قيمة المبالغ المستخدمة حوالى ٢٠ مليون جنيه، وتم الكشف عن القضية والمتهمين من خلال البنوك التى تتبعت مصدر الأموال إلى أن تبين أنها وليدة نشاط إجرامى فى تجارة المواد المخدرة.

ومن خلال البحث فى قضايا غسل الأموال بقطاع العقارات تبين أن غالبية المتهمين نشاطهم الأساسى الاتجار فى المواد المخدرة، ومن بين تلك القضايا ضبط ٧ عناصر فى محافظة أسيوط يعملون فيما يصل إلى ٧٥٠ مليون جنيه، وتبين أن نشاطهم الأساسى هو الاتجار فى المواد المخدرة، فى حين أنهم يقومون بتداول العقارات والأراضى لمنح أموالهم صفة شرعية.

وطبقاً للقضايا التى ضبطتها إدارة الأموال العامة مؤخراً، بلغ حجم التجارة فى بيع وتداول الأراضى والعقارات بأموال غير مشروعة حوالى مليار جنيه، ولا تقل الأموال التى تم ضبطها فى القضية الواحدة عن ٢٠ مليون جنيه.

ومن خلال التحقيقات تبين أن سوق العقارات وتجارة الأراضى هو الأكثر إقبالاً من جانب أصحاب الأموال التى تم جمعها من تجارة المخدرات، كونه سوقاً يمكن العمل به بعيداً عن إدارات البنوك التى لديها بحسب نص قانون مكافحة غسل الأموال، وحده من مهامها متابعة أية أنشطة مالية أو غير مشروعة للعملاء، ومن ثم التحقيق فيها.

كما تبين أن الإيقاع بالمتهمين يتم فى الغالب بعد تضخم أرصدتهم دون بيان أوجه النشاط المالى التى تبرر هذا التضخم، وتتركز أغلب عمليات غسل الأموال فى بيع وشراء العقارات والأراضى خلال مدة زمنية قصيرة.

يؤكد اللواء نجاح فوزى، مساعد وزير الداخلية الأسبق للقطاع الاقتصادى، أنه تم تحديد ٤٠ معياراً خلال عام ٢٠١٢ لمكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب فى العالم، مشيراً إلى أنه وفقاً لها لابد من وضع قواعد لعمل المقاولين العقاريين والسماسرة للسيطرة على غسل الأموال، وتقوم البنوك بتطبيق عدة معايير لمراجعة كل العمليات المالية للعميل وفقاً لتلك المعايير، ومنها أن يقوم البنك بإبلاغ وحدة التحريات بالبنك المركزى عن أية أوجه لنشاط غير مشروع، وإذا تم صحة البلاغ يتم إحالة الأمر إلى جهاز الكسب غير المشروع.

ولفت مساعد وزير الداخلية الأسبق للقطاع الاقتصادى أن عدم وجود نظام حاكم لتجارة العقارات جعل منه وسيلة للفاسدين لغسل الأموال مشيراً إلى ضرورة الالتزام بنظام التكويد وهو منح كل العقارات أرقامًا تشبه الرقم القومى وبالتالى تكون كافة العقارات مسجلة لدى الدولة وعملية التداول معروفة ويصعب التلاعب فى غسل الأموال بهذه الطريقة. وأضاف أن نظام الوكيل العقارى سيغلق الباب أمام السماسرة ويقنن أوضاعهم، حيث يوفر للدولة قاعدة بيانات بكل العاملين فى هذا المجال.

وشدد على ضرورة قيام البرلمان بدوره التشريعى، وتقنين سوق تداول العقارات حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة التى تفشت فى السنوات الأخيرة، رغم كونها ظاهرة ليست حديثة، إلا أن تسليط الضوء عليها كان سبباً فى بروزها.


وأضاف مصدر أمنى أن انتشار غسل الأموال فى العقارات يرجع لعدم الحاجة إلى التعامل مع البنوك، ويكون البيع بعقود بين البائع والمشترى، وبالتالى يكون بعيداً عن الرقابة، ولذلك يلجأ عدد كبير من الفاسدين إلى هذه الطريقة التى تعتبر آمنة. وأشار المصدر إلى أن اكتشاف هذه الجريمة يكون فى حالة وجود تضخم فى ثروة عميل البنك دون معرفة أوجه هذه الأرصدة، وبسؤاله يقول فى الغالب إنه من خلال الاستثمار العقارى، لكن مراجعة النشاط تكشف أن البيع والشراء كان خلال فترات زمنية قصيرة مما يكشف التلاعب.

ولفت المصدر أن حل هذه الأزمة هو تطبيق الشمول المالى، ويعنى باختصار ربط كافة عمليات التداول بحساب بنكى، وهذا يقطع الطريق على عمليات التلاعب.

وأشار إلى أن بعض المنظمات العاملة فى غسل الأموال تلجأ إلى حيلة الوسيط، ويكون شخص بعيدًا عن الشبهات، حتى لا يتم كشفهم، وهو ما يطلق عليه أمنياً الجريمة المنظمة.