"الفجر" تحقق: كيف تحول سوق الدواء المستورد من اليونان والسودان لمصانع بير ‏السلم بإمبابة والوراق؟

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


انتعش خلال «كورونا» وتخطت أرباحه المليارات

سوق المكملات الغذائية والأدوية المستوردة، بيزنس تحكمه الفوضى لاسيما أنه لا ‏يخضع لرقابة وزارة الصحة، حيث يحقق أرباحًا طائلة للعصابات التى تتحكم فيه، وصلت للمليارات خلال فترة «هلع» المواطنين وخوفهم من فيروس ‏كورونا» حيث تكالبوا على شراء المكملات الغذائية بمعدل تخطى ضعف المعدل الطبيعى ‏للاستهلاك‎.‎‏

هذا السوق طبقا لمصادرنا سيطرت عليه دول اليونان والسودان والصين لعقود طويلة، ‏إلا أنه انتقل لسيطرة أوكار تصنيع الأدوية بالمخازن الشعبية وبيعها على أساس ‏كونها مستوردة من أمريكا تحديدا، وخصوصا أدوية التخسيس والأدوية الخاصة ‏بالصالات الرياضية‎، فى السطور التالية ترصد «الفجر» «بيزنس» سوق الدواء المستورد والمكملات الغذائية الذى انتعش خلال أزمة كورونا.‏

‎ ‎محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء قال لـ «الفجر»، إن: «سوق ‏المكملات الغذائية بمصر تحكمه الفوضى، وهناك العديد منها مجهولة المصدر ‏تحكمها عصابات، فمن المفترض أن المكمل الغذائى ينصح به الطبيب فقط، وهذا لا ‏يحدث فى مصر، فيوجد فى صالات الجيم مكملات غذائية مجهولة المصدر ‏ومحظورة حتى أنها تباع داخل السوبر ماركت ولا تخضع لرقابة وزارة الصحة ولا ‏يتم تسجيلها، فبعضها يسجل لدى وزارة الصحة والبعض الآخر فى هيئة سلامة ‏الغذاء، والبعض الآخر فى المعهد القومى للتغذية، لذلك لا توجد قوائم بالمكملات التى ‏تشرف عليها وزارة الصحة.‏‎ ‎

وأضاف «فؤاد» أن أزمة كورونا استغلها البعض لبيع محموعة كبيرة من الأدوية ‏مجهولة المصدر من خلال التسويق الإلكترونى عبر الإنترنت، وبيع مكملات غذائية ‏على أساس أنها علاج «كورونا»، ويوجد حوالى ٦٠٪ من المكملات الغذائية غير ‏مسجلة لدى وزارة الصحة وتسببت فى وفاة العديد من المشاهير والفنانين لاستخدامها ‏كمكملات غذائية داخل صالات الجيم مجهولة المصدر خاصة أنه لا يوجد قانون أو ‏سوق حاكم لها‎.‎

وأوضح مصدر داخل وزارة الصحة -رفض ذكر اسمه- أن المكملات الغذائية مجهولة المصدر ‏والمستوردة يأتى معظمها من دول مثل الصين والبعض منها يتم تصنيعه داخل ‏مصانع تحت «بير السلم» ويتم بيعه على أساس أنه دواء أمريكى، مشيرًا إلى أن ‏معظم الأدوية المستورة غير مسعرة وبعضها مهرب، ويتم تحرير محاضر من قبل ‏إدارة التفتيش ضد الصيدلى حال بيعه أيًا من هذه الأدوية.‏‎ ‎

ولفت المصدر إلى أنه يصل عدد الأدوية المستوردة إلى ما يقارب من ٥ آلاف نوع ‏بالإضافة إلى الأدوية المهربة التى يتم تصنيعها بمصانع مجهولة وتحديدا فى المناطق ‏الشعبية مثل إمبابة والوراق، مضيفا أن الربح السريع الذى يتم تحقيقه من سوق ‏الدواء المستورد وراء عدم قدرة وزارة الصحة للسيطرة على هذا السوق، نتيجة ‏الأرباح الكبيرة التى تحققها العصابات المسيطرة على هذا السوق لأنه لا يخضع ‏للتسعيرة الجبرية.‏

وأشار محمد عز العرب المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، ‏واستشارى أمراض الكبد، إلى أن: «معظم المكملات الغذائية أصبحت تباع «أون لاين» ‏ومجهولة المصدر ومكوناتها ضارة، وطالبنا بالنظر فى مشكلة الإعلانات الخاصة ‏بمثل هذه المكملات عبر الفضائيات والإنترنت حيث إنها تابعة لهيئة الاستثمار ‏وليست وزارة الصحة لذلك طالبنا ألا يتم عرض أى من هذه الإعلانات إلا بعد موافقة ‏وزارة الصحة وأن يتم غلق القناة حال مخالفة ذلك»‎.‎

وشدد على أنه ضد استخدام المكملات الغذائية إلا لسبب طبى واضح ومحدد المدة ‏والجرعة، خاصة أن الكثير من المكملات الغذائية لا يدون عليها المكونات الخاصة ‏بها، لافتاً أن الشركات المصرية أكثر ضمانا وأمانًا ومعلومة المصدر بشكل أكبر من ‏الأدوية المستوردة‎.‎

من جانبه، كشف مصدر داخل نقابة الصيادلة عن أنه فى حال وجود مضاعفات ‏لدواء عالمى يتم مقاضاة الشركة العالمية وليست الشركة المحلية الحاصلة على ‏ترخيص لتصنيع الدواء فى مصر مما يساعد على تمادى المهربين لسلامة موقفهم ‏القانونى فى هذه الحالة‎ ‎‏.‏

وأضاف المصدر أن سوق الدواء المستورد لا يخضع للتسعيرة الجبرية كما يحدث ‏بالنسبة للدواء المحلى بسبب ارتفاع أسعار تسجيل الدواء أو نتيجة رغبة الشركة ‏نفسها فى ذلك مما يفتح باب المتاجرة بالدواء‎.

وكشف المصدر أن هناك ما يقرب من الـ ٦ آلاف نوع من الدواء المستورد المهرب ‏بالإضافة إلى العديد من الأدوية مجهولة المصدر التى يتم تصنيعها بمصانع «بير ‏السلم» ، لافتاً أن أرباح سوق الدواء المستورد تتخطى المليارات مما يجعل التحكم فى ‏هذا السوق صعب لسيطرة عصابات كبيرة عليه تحقق المليارات من خلاله‎.‎

وأوضح المصدر أن سوق الدواء المستورد انتعش خلال فترة «كورونا» وتخطت ‏مبيعاته الضعف بسبب ارتفاع مبيعات المكملات الغذائية وعدم اقتصاره على أدوية ‏الأورام وأدوية الجدول كما كان يحدث فى السابق، مشيراً إلى أن سوق الدواء ‏المستورد ينقسم إلى قسمين، الدواء العالمى الذى يتم تصنيعه بنفس التركبية فى ‏شركات «التول» بالإضافة إلى الأدوية التى يتم استيرادها بكميات محددة فضلاً عن ‏سوق الأدوية المهربة‎.‎

ولفت المصدر أن سوق الأدوية المستوردة والمهربة كان مصدره دول الصين ‏واليونان والسودان وبعد ذلك تحول إلى أوكار مصانع بير السلم بأسماء شركات ‏عالمية، موضحاً أن سبب لجوء بعض الصيدليات إلى سوق الدواء المهرب هو أن ‏الدواء المستورد من الخارج يكون بكميات قليلة ومحددة لذلك يتم اللجوء للمهربين ‏وخير مثال على ذلك أدوية الأورام‎.‎

وكشف مصدر أمنى أنه خلال الأونة الأخيرة تم ضبط العديد من مخازن الأدوية ‏والتى تحتوى على مكملات غذائية بمحافظتى الجيزة والقاهرة خاصة فى المناطق ‏الشعبية بالإضافة إلى مخازن خاصة بأدوية الجدول والأدوية المخدرة، بجانب ضبط ‏عدد كبير من الأدوية ومستحضرات التجميل مجهولة المصدر‎.