منال لاشين تكتب: ستات مصر فى مرمى البطالة
القطاع الخاص يرفض تعيينها ويتفنن فى تعذيبها
الست المصرية محسودة من الرجال، خاصة بعد أن أنصفها الرئيس السيسى سياسيا واجتماعيا، الرجالة بيشتكوا من أنهم يعيشون عصر النساء، وأن كل الأبواب مفتوحة على مصراعيها للستات، ولكن الأرقام الصادرة من تقرير التنمية البشرية تكشف عن واقع آخر مؤلم وظالم ومجحف فى عالم الاقتصاد والبيزنس.المرأة المصرية بحسب التقرير الصادر من البنك الدولى والحكومة تحتاج إلى دعم سريع وفعال فى مجال العمل. لا يزال الطريق شاقا وطويلا وغير ممهد لتحصل المرأة المصرية على حقوقها المتساوية مع الرجل، لا يزال مناخ العمل غير دستورى لأنه يميز بين الرجل والمرأة لصالح الذكور.
الستات اللى تحت
فيما حققت نساء النخبة طفرة فى تولى المناصب الوزارية والنيابية فى مصر، فإن الست المصرية العادية لم ينلها نصيب من هذه الطفرة، فعلى الرغم من أن نسبة النساء فى البرلمان ٢٥٪ وكذلك فى الحكومة، فإن تواجد النساء المصريات فى المراكز القيادية لا يزال باهتا وظالما، ففى خمس محافظات لم تنل المرأة أى منصب قيادى، ومن المثير أن تكون إحدى هذه المحافظات هى البحيرة التى شهدت تعيين أول امرأة فى منصب المحافظ.
ومن المفاجآت أن القاهرة العاصمة جاءت فى المركز الخامس فى تعيين النساء فى مواقع قيادية، بينما جاءت الإسكندرية فى المركز الأول تليها أسيوط.
ولم يمنع ارتفاع عدد الوزيرات من انخفاض ملحوظ فى عمل المرأة بالوظائف الحكومية، وهذا مؤشر خطير لأن الحكومة كانت الباب الأوسع والأكبر لدخول المصريات مجال العمل، وتأثر عمل المرأة بتراجع حجم القطاع العام فى مصر.
وقد رصدت دراسة للمجلس القومى للمرأة تراجع المرأة فى مجال العمل وزيادة البطالة النسائية رغم ارتفاع ملحوظ فى تعليم الفتيات.
ويتزايد أثر زيادة البطالة النسائية مع قفزة هائلة فى المشروعات التى أطلقتها الحكومة، وربما يرجع سبب زيادة بطالة المرأة لأن معظم هذه المشروعات بنية تحتية وإسكان، وهذه المشروعات بطبيعتها لا تحتاج لعمل المرأة.
وبالمثل فإن تعيين أكثر من سيدة لرئاسة بنوك فى مصر ووصول المرأة لمنصب نائب رئيس البنك الأهلى لم يخدم سوى النخبة النسائية، ولاتزال استفادة المرأة من خدمات البنوك تمثل ٥٠٪ من استفادة الرجال من الخدمات المصرفية، وتشمل الخدمات المصرفية الاقتراض والادخار وفتح الحسابات، وأتمنى من كل من البنك المركزى والمجلس القومى للمرأة وضع خطط مشتركة لرفع نسب استفادة النساء من خدمات البنوك.
برة القطاع الخاص
أما حال المرأة المصرية فى القطاع الخاص فحدث ولا حرج، خلال عام واحد انخفضت نسبة عمل المرأة المصرية ١ ٪، علمًا بأن هذه النسبة كانت منخفضة ومتدنية من الأساس مجرد ١٣،٤٪فقط، ومع ذلك لم تستطع المرأة المصرية أن تحافظ على حصتها الصغيرة فى القطاع الخاص، ويرصد تقرير التنمية البشرية رفض القطاع الخاص لعمل المرأة بحجة متاعبها من الحمل وشغل البيت، وبالمثل فإن النساء لا يحصلن على دخول مساوية للرجال فى القطاع الخاص، وعليها أن ترضى بالقليل وإلا ستفقد وظيفتها ودخلها. ما لم يرصده التقرير أن معظم شركات القطاع الخاص لا تلتزم بالقانون، وترفض منح الموظفة إجازة وضع ٤ أشهر أو إجازة الأمومة المقررة لها ٤ أشهر بحسب القانون، بل إن بعض شركات القطاع الخاص تنتهز فرصة إجازة الولادة حتى تتخلص من المرأة، وتأتى بموظف آخر جديد لأن مرتبه سيكون أقل. وبالطبع من العبث الحديث عن توفر الحضانات التى تعهدت الحكومة للبنك الدولى برصد ١٠٠ مليون لها، وتتحمل كل من الحكومة والبنك الدولى نصف المبلغ.
مهن فقيرة
وبإغلاق أبواب القطاع الخاص والحكومة والقطاع العام أمام النساء، اضطررن للعمل بمهن فقيرة ودخلها منخفض وبدون ضمانات كالتأمين والمعاش.. مثل العمل فى الزراعة، حيث تعمل ٣٠٪ من القوى العاملة النسائية بدون تأمين أو حقوق أو معاش.
ويأتى العمل فى المصانع والمحال القريبة خيارا تاليًا للنساء فى سوق العمل، وبحسب دراسة للمجلس القومى للمرأة ومركز بصيرة فإن ارتفاع سعر المواصلات وازدحامها يحرم النساء من العمل فى مشروعات ذات دخل أكبر لبعدها عن إقامة النساء. وبذلك تكشف الدراسة التى مولها البنك الدولى عن استمرار حرمان المرأة من الأعمال ذات الدخل المرتفع، وبقائها حبيسة الدخل المنخفض والوظيفة غير المستقرة وبدون ضمانات.
ولاشك أن كسر هذا الحاجز يتطلب خدمات خاصة بالنساء وعلى رأسها وسائل النقل المدعمة من الحكومة وإلزام القطاع الخاص بتعيين نسبة يتفق عليها من النساء فى كل شركة أو مكتب خاص، وفتح باب التأمين الحر للنساء، بحيث تستطيع المرأة التأمين على نفسها بدفع مبلغ مالى بسيط لتحصل على معاش وخدمات.لأن الاعتماد على القطاع الخاص فى هذه المهمة أثبت فشله، وهو فشل تتحمل المرأة المصرية البسيطة ثمنه من عملها ودخلها ومستقبلها.
عمل بلا أجر
ولكن الظلم الأكبر يأتى من خلال عمل النساء فى الريف فى أراضى أزواجهم، ففى هذه الحالة تعمل المرأة داخل وخارج البيت ببلاش، وتفقد حقها فى التأمين الصحى أو المعاش، وبحسب معلوماتى ليس هناك دراسة حديثة تكشف وتحصى نسبة النساء العاملات فى حقول الأسرة واللاتى لا يحصلن على أى أجر عن هذا العمل، وبالطبع لا يدخل فى تعريف العمل بأجر كل الأعمال المنزلية التى تقوم بها المرأة فى منزلها حتى لو كانت لا علاقة لها بتربية الأولاد أو الطبخ. مثل أعمال الخياطة والأشغال لتوفير الملابس للأبناء والأسرة أو توصيل الأبناء للمدرسة والنادى والدروس بدلا من السائق.. كل هذه المهن التى تدخل فى الناتج القومى المحلى، فإن المرأة لا يدخل جيبها مليم أو جنيه من هذه الوظائف. ولما نطالب بنسبة للمرأة فى ثروة الزوج عند الطلاق يقول علينا مفترين.