هل يستطيع تنظيم الإخوان السيطرة على الجنوبي الليبي للتحكم في مقدرات الدولة؟

تقارير وحوارات

قيادات تنظيم الإخوان
قيادات تنظيم الإخوان في ليبيا


تتمثل الأزمة الليبية في الصراع الواقع عقب ثورة 2011، بين الحكومة الليبية المتمركزة في مدينة بنغازي شرق ليبيا وحكومة الإنقاذ الليبية التي تقودها جماعة الإخوان وتتمركز في الجنوب، وتسعى الأخيرة للسيطرة على ليبيا وإسقاط النظام الليبي.

وتعد ليبيا منطقة ذات جاذبية نظرًا لزهد تكاليف إنتاج النفط التي تصل لدولار للبرميل الواحد في بعض الحقول وقربها من الأسواق الأوروبية الذي جعلها في 2010 أكبر مصدر للنفط الخام إلى الاتحاد الأوروبي بعد النرويج وروسيا.

كما تحتل ليبيا المرتبة التاسعة بين أكبر الدول التي تمتلك احتياطات نفطية مؤكدة والأكبر على الإطلاق في قارة أفريقيا، وحسب دراسة تمت في 2010 من المقرر أن تستمر هذه الإحتياطات مدة 77 عاماً في حالة استمرار الإنتاج بالمعدل الحالي، مالم تكتشف آبار نفطية جديدة.

والجنوب تحديدًا هو ما يضفي هذه الجاذبية حيث يوجد إقليمي طرابلس وفزان غرب وجنوب غرب ليبيا واللذان يحوذان أكبر حقل نفطي وأكثر من ثلثي إنتاج وصادرات ليبيا من الغاز الطبيعي.

وبالإضافة إلى حقول بترول أمثلة حقل الشرارة، والفيل، ومرزق، والوفاء المنتشرة في الجنوب والجنوب الغربي هناك طبقات المياه الموجودة تحت سطح الأرض منها مخزون واحة الكفرة جنوب شرق برقة وكذلك في فزان الواقعة في الصحراء الجنوبية الغربية وتكمن أهمية هذه المياه في نقلها لساحل البحر المتوسط واستخدامها في الري والمشروعات الصناعية.

لماذا الجنوب ؟

وقال عبدالهادي ربيع الباحث المختص بالشأن الليبي، إن تنظيم الإخوان الإرهابي يسعى للانتشار والسيطرة على الجنوب الليبي لمعرفته أن الجنوب هو مفتاح الدولة ككل والذي يكسب ولاؤه يضمن تفوق سياسي واقتصادي وعسكري.

وأضاف ربيع في تصريحات خاصة لـ " الفجر"، الجنوب الليبي هو منبع الثروات فمنه يخرج النهر الصناعي العظيم الذي يسقي جميع مدن الشمال من بنغازي شرقًا إلى طرابلس والزاوية غربًا.

وأردف عبد الهادي، أن الجنوب الليبي هو المنتج الرئيسي للنفط والغاز الذي على أساسه يتم تمويل أكثر من 95% من ميزانية الدولة، ويحتوي على أبرز وأهم الحقول النفطية كالشرارة والفيل.

والجنوب الليبي غني في كل شيء فاقتصاديًا به العديد من مناجم الذهب والعديد من العناصر الثمينة والنادرة، كما أن به شمس واضحة طوال العام ما يمكن استخدامها في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.

وأشار ربيع، إلى أن الجنوب الليبي به التنوع الثقافي الذي يمثل الدولة الليبية حقا فبه الطوارق والتبو والأمازيغ إلى جانب القبائل العربية وموروثاتهم الثقافية وأشعار مثل المرسكاوي والغناوي والاشتاوي وغيرها وما به من جبال وصحراء شاسعة تستخدم في رحلات السفاري مثل جبال أكاكوس أو الاستشفاء بمياه الآبار مثل عين الناموس وغيرها

وعلى الجانب العسكري والأمني فإن الجنوب الليبي ذو حدود مفتوحة على دول الجوار مثل مصر والسودان شرقا وتشاد والنيجر والجزائر غربا، وهي مرتع التهريب والهجرة غير الشرعية ونطاق نشاط وتحرك التنظيمات الإرهابية، وأن من يسيطر عليها يضمن أمرين مهمين الأول الدعم الدولي من فرنسا والولايات المتحدة المرتبطة مصالحها بهذه الدول المجاورة، وكذلك يضمن علاقات مع هذه الدول للتحكم معا في الحدود وقد يستخدمها في تهريب ما يرتضيه.

وهو الأمر الذي يريد استخدامه تنظيم الإخوان للضغط على المجتمع الأروبي كما يفعل أردوغان ويفتح الحدود أمام المهاجرين لدخول ألمانيا واليونان لتحقيق مكاسب سياسية معينة من وقت لآخر.

ولا يستهان بالجنوب الليبي من حيث كونه كتلة تصويتية كبيرة فهو أحد الأقاليم الثلاثة ومن حقه أيضًا وفقًا للمحاصصة الإقليمية رئاسة عدد كبير من الجهات الرسمية بل والسيادية في ليبيا ويجب ضمان علاقات جيدة معه ليختاروا ممثليهم في عملية المحاصصة.

والجنوب الليبي به أزمة كبيرة وهي أصحاب السجلات المؤقتة، الأرقام الإدارية، وهم بالآلاف وهم ليبيون منقوصوا الجنسية وبالتالي لديهم خدمات ضعيفة جدا فمن يكسب ولاؤهم ويسهل لهم الحصول على هذه الخدمات ثم في وقت لاحق الجنسية الكاملة سيضمن ولائهم وسيحصلون منه على دعم سياسي وعسكري كبير خاصة ان منهم العديد من الكتائب وهم من يسيطرون على الحدود ويؤمنون حقول النفط وغير ذلك.

وكشف الباحث في الشأن الليبي، خطة تنظيم الإخوان التي بداها فعلًا في التحرك في محاولة السيطرة على الجنوب الليبي، وقال إن التنظيم عمل على إنشاء حزب بديل لحزبه سيء الصيت العدالة والبناء برئاسة محمد صوان سابقا لينشئ صوان حزبًا جديدًا هو الحزب الديموقراطي الليبي والذي يسعى لدخول المدن الليبية في عبائة أخرى غير عباءة الحزب القديم.

وتابع ربيع، إن صوان تواصل مع عدد من الأحزاب والنواب بل والقادة العسكريين لينشئ فروعًا لحزبه في الشرق والجنوب، خاصة في اوباري وتراغن، مستغلًا الحالة المادية المتردية للناس في مناطق الجنوب.

وأردف، إن صوان يحاول من خلال أحمد حمزة عضو المجلس الرئاسي الليبي السابق لحكومة الوفاق غير الشرعية المنتهية ولايتها الدخول الي مدينة تراغن ووضع قدم فيها وهو ما وضح في زيارة الأخير السرية قبل عيد الأضحي بأيام إلى المدينة، مدعوما بثلاثة مليون دينار ليبي من محمد صوان لدعم ترشحه لمجلس النواب القادم ومرشحين آخرين في منطقة حوض مرزق الحدودية مع تشاد والغنية نفطيا.

كما أجرى حمزة كمندوب لصوان زيارات إلى مدن القطرون وغات ومرزق وغيرها لهذا الغرض وقد التقى بعدد من القيادات الاجتماعية هنالك في محاولة لشراء ذمم المترشحين في المنطقة حوض مرزق.

مراوغة تنظيم الإخوان في سبيل السيطرة:

في هذا الصدد يقول الدكتور طارق فهمي، الخبير في الشؤون السياسية، الجماعة الإخوانية والتنظيمات عن يمينها ويسارها حاليًا لا تريد إجراء الإنتخابات وتحاول وضع إشكاليات عنيدة أمام ذلك حيث أن تأجيل الإنتخابات يحقق لهم مكاسب في حين يروا أن المسار السياسي يمضي في طريقه مع تصميم مصر وروسيا إجراء الإنتخابات في موعدها.

وأضاف فهمي في تصريحات خاصة " للفجر"، وبالفعل تم طرح فكرة تأجيل الإنتخابات ستة أشهر وهناك أفكار شيطانية طرحت في هذا الإطار لاستمرار الوضع الراهن الذي يضمن مكاسب لتلك الجماعات.

واختتم الخبير تصريحاته قائلًا، المشكلة الحقيقية في حالة التجاذب الآن هو محاولة اللعب على قواعد الجنوب خصوصًا بعد التجاوب المصري الروسي واستمرار عملية ترحيل عناصر من جهاز الإخوان في الفترة الأخيرة وتخوفات الإخوان من دعاوى طرد المرتزقة وما سيتبعه من تأثيرات على تعاملهم مع الدول الحليفة لهم.