في ذكرى أكتوبر خبير يرصد مسيرة قواد غيروا مجرى التاريخ القديم

أخبار مصر

بوابة الفجر


أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن تاريخ مصر العسكرى وملوكها وقوادها العظام يدّرس فى معظم الأكاديميات العسكرية فى العالم بصفتها أقدم وأعظم إمبراطورية انتشرت شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا بفضل حكمة قياداتها وخططهم الحربية التى طبقت فى الحرب العالمية الخاصة بأعظم ملوكها وقوادها العسكريين تحتمس الثالث.

سقنن رع تاعا الثاني
وأشار ريحان إلى شخصية  الملك سقنن رع تاعا الثاني (1560 ق.م أو 1558 ق.م) أول من بدأ القتال الفعلى لطرد الهكسوس من مصر والذي أنهاه ابنه أحمس الأول، ومات الملك سقنن رع وهو يحارب الهكسوس ووجدت آثار ميتتة البشعة على جمجمته المليئة بالجروح والكسور نتيجة الضرب بالحراب والبلاطي، ووجدت أسنانه في وضع ضاغط بشدة على اللسان نتيجة الألم الشديد في اللحظات الأخيرة من عمر الملك الشديدة ويوجد طعنة خنجر خلف الأذن اليسرى للمك وصلت إلى عنقه، وتحطم صدره وأنفه بضربات بالمقامع.

ويوجد أيضًا قطع نتج عن بلطة حرب مخترقًا العظم أعلى جبهة الملك وقد تم تحنيط جثته بتعجل وباختصار ويعتقد أن سبب ذلك لتحنيطه في مكان المعركة للحفاظ عليه من التعفن حتى ينقل إلى طيبة حيث تمت هناك محاولة ثانية لتحنيطه، وتم العثور على مقبرته في خبيئة دراع أبو النجا عام 1881 م، وقد كشفت المومياء لاحقًا في 9 يونيو عام 1886 بواسطة جاستون ماسبيرو

تحتمس الأول
ونوه الدكتور ريحان إلى الإنجازات العسكرية لتحتمس الأول ( 1506 إلى 1493 ق.م) وهى القضاء على تمرد النوبة حيث سافر  إلى أعلى نهر النيل وقاتل شخصيًا في المعركة، وقتل الملك النوبي وبعد الانتصار قام بتعليق جسد الملك النوبي على مقدمة مركبه قبل أن يعود إلى طيبة وساعد هذا في اندماج النوبة في الإمبراطورية المصرية وسجلت هذه الحملة على نقشين منفصلين من قبل ابنه توري، كما وجه جيوشه غلى سوريا ولم تقابل الجيوش المصرية أى صعوبات في قادش ووصلت إلى نهارين (دولة ميتاني) بين الفرات والعاصى، وقام بالاحتفال بما حققه من انتصارات فبنى قاعة فسيحة في معبد آمون بعد قيامه بتجديد وتعمير المعبد في طيبة وأقام مسلتين أمام البوابة الرابعة في معبد آمون لا تزال إحدهما قائمة بمعبد الكرنك

تحتمس الثالث
ولفت إلى أعظم القواد فى التاريخ العسكرى للعالم القديم وهو تحتمس الثالث (1457- 1425ق.م.) المحارب الأسطورى الذى قام بستة عشرة حملة عسكرية على آسيا «منطقة سورية وفلسطين» استطاع ان يثبت نفوذه هناك كما ثبت نفوذ مصر حتى بلاد النوبة جنوبًا، حيث بنى القلاع والحصون وقام بتدريب الجنود على أفضل التدريبات وتوسع في استخدام العربات في القتال وفي حملة معركة مجدو قسم جيشه إلى قلب وجناحين واستخدم تكتيكات عسكرية ومناورات لم تكن معروفة من قبل ثم قام على رأس جيشه من القنطرة إلى غزة ثم إحدى المدن عند سفح جبل الكرمل في فلسطين.

وهناك عقد تحتمس الثالث مجلس حرب مع ضباطه بعد أن علم أن أمير قادش قد جاء إلى مدينة مجدو وجمع حوله 230 أميرًا بجيوشهم وعسكروا في مجدو المحصنة ليوقفوا تقدم تحتمس الثالث وجيشه، وكانت هناك ثلاثة طرق للوصول إلي مجدو، اثنان منهما يدوران حول سفح جبل الكرمل والثالث ممر ضيق ولكنه يوصل مباشرة إلى مجدو وقد استقر رأى تحتمس على أن يمر الجيش من الممر الثالث في مغامرة قلبت موازيين المعركة فيما بعد وتعتبر من أخطر مغامرات الجيوش في العالم القديم، وعاد الجيش المصري وملكه الملك تحتمس الثالث إلى مصر ومعهم من أبناء الأمراء عددًا ليعيشوا في مصر تحت مراقبة المصريين لكي لا يجرؤ الأمراء على التمرد مرة ثانية.

تحتمس الثالث
وتابع الدكتور ريحان أن تحتمس الثالث أنشأ أسطولًا بحريًا استطاع أن يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط مثل قبرص وأيضا بسط نفوذه على ساحل فينيقيا «سواحل لبنان وفلسطين حاليًا» وبذلك فهو أول من أقام أقدم امبراطورية عرفها التاريخ، امتدت من أعالي الفرات شمالًا حتى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبًا وأصبحت مصر أقوى وأغنى امبراطورية في العالم عاش فيها المصريون قمة مجدهم وقوتهم.

ويلقب تحتمس الثالث بأبو الامبراطوريات وكذلك باسم نابليون الشرق وكذلك أول إمبراطور في التاريخ إذ يعد من العبقريات الفذة في تاريخ العسكرية على مر العصور، وتُدرس خططه العسكرية في العديد من الكليات والمعاهد العسكرية في جميع أنحاء العالم وهو أول من قام بتقسيم الجيش إلى قلب وجناحين، وقد استعانت الإمبراطورية البريطانية بالعديد من خططه في معاركها، خاصة ما قام به اللورد اللنبى في معاركه ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وكان لهذه السياسة الحكيمة اثرها فى تماسك الأمبراطورية المصرية لمدة قرن من الزمان ونشر الثقافة المصرية هناك.

وكانت وفاته عن عمر 82 سنة بعد أن حكم أربعة وخمسين عامًا وأقيمت مراسم الحداد والدفن الملكية تبعه فيها كل المصريين وهي أضخم جنازة في التاريخ القديم ودفن في مقبرة بوادي الملوك كان قد أعدها لنفسه وهي المقبرة رقم 34

رمسيس الثاني
ويوضح الدكتور ريحان أن رمسيس الثاني هو ابن الملك سيتي الأول والملكة تويا، وكان يلقب بالحاكم الشريك لوالدِه حيث رافق والده أثناء حملاته العسكرية على النوبة وبلاد الشام وليبيا وهو فى عمر الرابعة عشر  وحكم مصر فى الفترة من 1279 إلى 1213 ق.م لفترة 67 عامًا وشهرين وخلال عهده بلغ عدد أفراد الجيش المصرى حوالي مائة ألف رجل فكانت قوة هائلة استخدمها لتعزيز النفوذ المصري.

وقاد رمسيس الثاني عدة حملات شمالًا إلى بلاد الشام، وفي معركة قادش الثانية في العام الرابع من حكمه (1274 ق.م.)، قامت القوات المصرية تحت قيادته بالاشتباك مع قوات مُواتالّيس ملك الحيثيين استمرت لمدة خمسة عشر عامًا ولكن لم يتمكن أي من الطرفين هزيمة الطرف الآخر. وبالتالي ففى العام الحادى والعشرين من حكمه (1258 ق.م.)، أبرم رمسيس الثاني معاهدة بين مصر والحيثيين مع خاتوشيلي الثالث، وهي أقدم معاهدة سلام في التاريخ.

كما قاد رمسيس الثاني عدة حملات جنوب الشلال الأول إلى بلاد النوبة، وقد أنشأ رمسيس مدينة (بر رعميسو) في شرق الدلتا ومنها أدار معاركه مع الحيثيين وقد كان رمسيس الثاني متميز في فنون القتال والحروب وقد كان ماهرًا فى ركوب الخيل والقتال بالسيوف والمبارزة ورمى السهام وقد كان طيبًا ذا روح أخلاقية ومحبًا لشعبه.

رمسيس الثالث
ويشير الدكتور ريحان إلى أن رمسيس الثالث هو ثانى ملوك الأسرة العشرين في مصر القديمة حكم من 1186 إلى 1155 قبل الميلاد، ويوصف بأنه "الفرعون المحارب" بسبب استراتيجياته العسكرية القوية فقد تمكن من هزيمة الغزاة المعروفين باسم "شعوب البحر" الذين تسببوا في تدمير الحضارات والإمبراطوريات الأخرى المجاورة وكان قادرًا على إنقاذ مصر من الانهيار في الوقت الذى سقطت فيه العديد من الإمبراطوريات خلال انهيار العصر البرونزي.

ومن المعروف أن شعوب البحر انتهوا مع المملكة الحثية واحتلوا قبرص وبلاد نارينا وتلقت المقاطعة المصرية لدى كنعان غارات مستمرة من هؤلاء الغزاة والتي يمكن أن تصل إلى مصر نفسها، وفى خلال السنوات الأولى من حكمه تلقت منطقة دلتا النيل زيادة في عدد المهاجرين إليها بسبب البحث عن حياة أفضل وكان رمسيس الثالث يواجه مجموعتين من الشعوب الهندوأوروبية الذين تواجهوا إلى الدلتا.

وفي العام الثامن من حكمه توجه إلى آسيا من أجل مواجهة شعوب البحر وحدثت معركة بحرية عند مصب نهر النيل حيث تم تدمير أسطول العدو وهزيمة قواتهم البرية عند مدينة رفح وانتصر على سفنهم الكبيرة عند مصب النيل الغربي وبهذا استطاع أن يبعد خطرًا لا يقل أهمية عن الهكسوس.

وبجانب تعزيز الحدود الفلسطينية كان كافيًا لتجنب الغزو من شعوب البحر وبالكاد قد تعافت مصر واتجهت بنفس المصير إلى الإمبراطورية الحيثية، حيث انسحاب شعوب البحر شجع رمسيس الثالث لاستعادة السيطرة على سوريا جزئيًا وأربع مدن محصنة وشملت مناطق بالفرات.

كما كانت الحدود الليبية خطرة في أعقاب تنظيم السكان الليبيين الرُحل الذين يعيشون في تلك المنطقة فى السنة الحادية عشر من حكمه، حرص الجيش الليبي على الاستقرار في الاراضي المصرية الخصبة، حيث اتجهوا إلى ممفيس، وبالقرب من المدينة وقعت المعركة وانتصر رمسيس الثالث وكانت أعداد الأسرى كبيرة.