"تهاني".. قصة كفاح سيدة قهرت المستحيل بتربية 3 أطفال من بيع النعناع (فيديو)
لم تمنعها ظروف الحياة الصعبة من الوقوف على قدميها، ولم تقف مكبلة الأيادي أمام تحديات المعيشة، ولكنها صبرت واستطاعت أن تضع الجنيه فوق الجنيه من أجل تربية ثلاثة أبناء والإنفاق عليهم وتعليمهم، خاصة بعد انفصالها عن زوجها الستيني، الذي كان يحملها أعباء فوق أعبائها.
وعلى عربة بأربعة عجلات وضعت السيدة "تهاني ربيع" ذات الـ47 عاما، بعض من النعناع والفاكهة والخضار، وخرجت بها لشوارع الإسكندرية لتدفع بها وتجرها مع أبنائها الثلاثة "ملك ومحمد ومحمود"، من أجل كسب المال، ولأجل لقمة العيش، كي تربي أطفالها تربية سليمة، وتحافظ عليهم من الظروف الصعبة التي قد تواجههم.
الأب والأم
السيدة الأربعينية، أجربتها الظروف أن تقوم مع ابنائها بدورين الأب والأم في ذات التوقيت، فأصبحت مسؤولة عن توفير كافة احتياجاتهم المعيشية وكذلك مصاريف تعليمهم، إضافة للدور التربوي.
وتقول "تهاني ربيع" بائعة النعناع المتجولة ذات الـ 47 عامًا "للفجر": "أنا أم وأب لـ 3 أطفال بنت وولدين، منذ صغري كان يعذبني أبي كثيرًا وكان يضربني، وفي أحد الأيام تقدم لخطبة أختي الكبيرة وعمرها 40 عاما شخص عمره 60 سنة، ولكن أبي تجردت منه مشاعر الأبوة وكنت وقتها عمري 19 عام وقام بتزويجي انا بدلا من أختي لهذا الرجل الستيني، وعشت معه أسوأ أيام حياتي، ولم يعاملني بالحسنى، وكان يضربني ويسرق مالي".
وتابعت: "بعد زواجي أنجبت من هذا الرجل ثلاثة أطفال بنت وولدين، وكنت أريد الطلاق منه ولكنه قد رفض ذلك، ولكنني قمت بتوكيل محامي معروف بمحكمة الإسكندرية، وقد ساعدني كثيرًا عندما وجد أنني مظلومة، ورفعت قضية خلع وتم الطلاق بالمحكمة".
تواصل رواية مأسائتها وتقول: "أخذت أولادي وذهبت لأعيش بمفردي في منزل على الطوب الأحمر ولكن كان إيجار الشقة مغالى فيه، ولم استطع السداد، فذهبت إلى مكان آخر ولكنه في فترة الشتاء غرق بالمياه وأصبح لا يجوز للمعيشة مع أبنائي، وأنا أريد أن يكونوا سعداء، وأن يعيشون مثل أي أطفال في عمرهم، فقررت الرحيل مرة أخرى لأجد نفسي أمام شقة ايجار، وهي بـ 650 جنيها في الشهر ولكن صاحب الملك رأفة بحالي كتبها لي بـ500 فقط، برغم أنه سعر قد يبدو قليل ولكنه كثير عليّ".
مطالب بتوفير مسكن
وطالبت الدولة بتوفير مسكن مناسب لها ولأولادها ليخفف عنها مصاريف الإيجار، وكذلك يحقق لها الاستقرار الأسري مع ابنائها، قائلة: "أريد أن يعيش أبنائي في مكان نظيف وبه تهوية، فهم في مدارس ويحتاجون لمكان للدراسة، وأنا أساعدهم في دراستهم واذهب معهم للمدرسة، وأدخل معهم الفصل واشرح لهم أي شئ مكتوب على السبورة أو في الكتب، وذلك لأنني تخرجت من الصف الخامس الابتدائي، وأستطيع القراءة والكتابة".
وحول طبيعة عملها على عربة الخضار مدار اليوم أوضحت: "أخرج من العاشرة صباحا من منطقة "الحضرة" كل يوم وأقوم بتحضير العربة واضع عليها الخضرة من نعناع وجرجير والبقدونس وبعض الفلفل أو التفاح، وأخرج بها لكسب رزقي ولكي أصرف على أبنائي وألبي لهم طلباتهم واحتياجاتهم، واستمر في المشي بجميع الشوارع حتى المساء واعود لمنزلي، ويساعدني أبنائي الثلاثة في البيع، وبفضلهم يصبح اليوم أفضل، وجميعهم يعملون معي".
وقالت إن بالنسبة للولدين يعملون في ورشة ميكانيكي أيضا بجوار عملهم معها، مشيرةً إلى أنهم يدرسون في نفس الوقت، مضيفة: "وبفضل الله هم من الأوائل في دراستهم وفي المدرسة، و ينجحون بتفوق، وأتمنى أن أراهم أفضل مني".
وأضافت 'تهاني' كنت أعمل في القاهرة من قبل في أحد البيوت وكانوا يضربونني ويعذبوني، وكنت حامل في شهوري الأولى وكانت السيدة التي كنت اعمل عندها تجعلني اصعد السلالم بأشياء ثقيلة، حتى تركتها ورحلت، واتجهت لبيع الذرة المشوي، والمناديل وغيرهم من أجل أن اكسب المال.
أما عن أحلامها قالت" تهاني" أناشد المسؤولين بتوفير عربة أو كشك شاي مرخص من الحكومة أعمل عليه ومنزل من أجل أبنائي، لكي يعيشوا "حياة كريمة"، ويكونوا سعداء، فأنا حاولت بمفردي وأنا سيدة بثلاثة أطفال أن أوفر لهم ولي دخل بسيط بفضل الله لكي نعيش منه.
بساعد أمي مع الدارسة
وتابعت "ملك" ذات العشر سنوات وابنة السيدة تهاني "للفجر": أساعد أمي في بيع النعناع منذ أن كنت صغيره، واذهب إلى المدرسة في نفس الوقت وذلك لتوفير المال من أجل التعليم والسكن، ودفع الإيجار، ولأننا نحب أمي ونريد أن نساعدها حتى لا تكون بمفردها.
وأضافت: "لا أشعر بالتعب أو الارهاق فأنا أساعد أمي حتى أكبر أنا واخوتي، ولن نفارقها حتى نوفر مستلزمات البيت والطعام، فأنا أذهب للمدرسة وأخرج منها بحقيبتي وابدأ في العمل وانا بملابس الدراسة وأحمل الحقيبة، لأكسب رزقي انا واخوتي، وادرس خلال بيع النعناع عند توقفنا في أي مكان وعندما اعود للمنزل وأنهي جميع واجباتي المدرسية، و انجح بتفوق وانا في الصف الخامس الابتدائي، وتساعدني امي في الدراسة".
تفوق دراسي في ظروف صعبة
وتابع "محمد": "أنا أعمل "سمكري" في شارع لاجيتيه بالإبراهيمية، وعمري 9 سنوات وانا أعمل مع والدتي في بيع الخضار، وأتابع دروسي، وأنجح بتفوق، وأنا لا أشعر بالتعب من أجل أمي وإخوتي لأساعد في توفير جنيهات للبيت".
بينما "محمود" أصغر أطفالها قال: "عمري 8 سنوات أنهى مدرستي وأذهب مع امي للعمل، وأدرس دروسي في الطريق أو المنزل، ثم اذهب للورشة لكي اعمل انا وأخي، ونعود للمنزل، ونحن نبيع معها الفاكهة والنعناع".